السيمر / الاحد 13 . 01 . 2019
معمر حبار
أقرأ وأسمع باستمرار أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، رفض الصلاة على من مات على عادة سيّئة مشينة، وطلب من أسيادنا الصحابةرضوان الله عليهم، أن يصلوا عليه، والقصّة كاملة في كتب الحديث لمن أراد أن يعود إليها.
واستخرج البعض من هذه القصّة، أنّ “أهل الفضل ” لا يجوز لهم الصلاة على شارب الخمر، وتارك الصلاة، ومرتكب الفاحشة، وغير ذلك من المنكرات والفواحش، وفي المقابل يصلي عليه من يشاء ممن لم تتوفّر فيه صفة ” أهل الفضل ” . وعليه، يعقّب صاحب الأسطر ويوضّح قائلا:
- عدم الصلاة على شارب الخمر، وصاحب الفاحشة، وتارك الصلاة ، هي سنة تتعلّق بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، دون غيره من البشر.
- سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم رفض الصّلاة، لأنّ الله تعالى عصمه في الحاضر والمستقبل، وعصمه منذ الصغر عن الصغائر ناهيك عن الكبائر وإلى الأبد، لذلك حقّ له أن يكون أفضل النّاس جميعا، وصاحب الفضلمن قبل أن يولد، وطيلة حياته، وإلى يوم الدين.
- لا يوجد في دنيا البشرمن كان معصوما في صغره وشبابه، ولن يضمن لنفسه العصمة الآن وغدا وبعد غد. والمعصوم الوحيد هو سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولا يوجد غيره أبدا.
- قول المرء أنّه من “أهل الفضل” وبالتّالي لا أصلي على شارب الخمر، وتارك الصلاة، لأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم رفض أن يصلي عليهم، فإنّ ذلك من سوء الأدب وقلّة الأدب مع سيّدنا رسول الله صلى الله ىعليه وسلّم، لأنّه وضع نفسه في نفس منزلة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حيث الفضل، والرفعة، والمنزلة العالية.
- حين رفض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصلاة، طلب في نفس الوقت من أسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم أن يصلوا عليه. وبالتالي من يرفض الصّلاة على شارب الخمر وتارك الصلاة، لأنّه في زعمه “من أهل الفضل !”، فقد اتّهم أسيادنا الصّحابة بأنّهم “ليسوا من أهل الفضل !”، لأنّهم صلوا على من لم يصل عليه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بينما هم يتعفّفون عن الصلاة على تارك الصلاة وشارب الخمر، لأنّهم يعتقدون أنّهم “أهل الفضل !”.
- أصحاب فكرة أنّهم “من أهل الفضل !”، جعلوا أنفسهم في نفس درجة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حيث عدم الصلاة على الميت المعني، وجعلوا أنفسهم أفضل من أسيادنا الصحابة رضوان الله عليهم، لأنّهم صلوا على الميت المعني، بينما هم يرفضون أن يصلوا على شارب الخمر وتارك الصّلاة لأنّهم “من أهل الفضل ! “.
- من ادّعى لنفسه أنّه من أهل الفضل لا يصلي على تارك الصلاة وشارب الخمر، فقد زكّى نفسه بنفسه، وادّعى أنّه الطّاهر الفاضل، وهذا من الرياء المذموم، واّدعاء ما لا يمكن أن يضمنه المرء اللّحظة قبل الدقيقة الآتية، وافتخار في غير محلّه، وغرور قد يلمس عواقبه السيّئة بعد حين.
- ينتقل بعدها صاحب الأسطر إلى معالجة المسألة من الناحية السياسية، والفكرية، والثقافية، والاجتماعية، ويقول: أسيادنا آل البيت رضوان الله عليهم يرون أنفسهم أنّهم من أهل الفضل لأنّ نسبهم الشريف يمتد لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وسكان مكة والمدينة وكذا أتباع شيوخ وسلاطين آل سعود يرون في أنفسهم أنّهم أهل الفضل، وإخواننا الأعزّاء في اليمن يرون أنفسهم أنّهم الأفضل لأنّهم أصل العرب، والقائمة طويلة لمن أراد أن يضيف لها “من أهل الفضل” الذين قرأ لهم، وعايشهم، ويستمع إليهم باستمرار. إذن أهل الفضل كثر، وكلّ يدّعي الفضل لنفسه وينكرها على غيره، وهذه مصيبة أصابت أهل الفضل.
- بما أنّ “أهل الفضل” أصيبوا بلوثة السياسة، فإنّهم لن يقبلوا أن يصلوا على غيرهم المخالف لهم في المواقف السياسة، ويضعونه في مصف تارك الصلاة وشارب الخمر، لأنّهم في نظرهم ليسوا من أهل الفضل، ولو كانوا في نظر أتباعهم ومسانديهم من أهل الفضل. إذن المسألة لها علاقة بالمواقف السياسية المتغيّرة التي لا تعرف ثباتا، ولا علاقة لها بدين طاهر، ولا فقه واقعي، ولا فكر مستنير.
- مهمة الحي أن يترحم على الميت، ويساعد أهله و ولده بما يسطيع، ويخفّف عنهم الحزن والغبن بما يقدر، وتلك من المروءة التي يتطلبها المقام بقوّة وصدق وإخلاص.
- خلاصة، سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هوالوحيد صاحب الفضل دون غيره الذي يحقّله وحده دون غيره أن لا يصلي على تارك الصلاة، وشارب الخمر، ومن رآى أنه لا يصلي عليه. ومن اعتقد في نفسه أنّه من أهل الفضل لا يصلي على تارك الصلاة وشارب الخمر، فقد أساء الأدب، وتعدى على مكانة، ومنزلة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وجعل نفسه في نفس مكانة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حيث الفضل العالي الغالي.