الرئيسية / مقالات / عراقيون من هذا الزمان (*)/ ابراهيـم خلـف المشهداني /9

عراقيون من هذا الزمان (*)/ ابراهيـم خلـف المشهداني /9

السيمر / الأربعاء 30 . 01 . 2019

رواء الجصاني

بعد نحو ستة عقـــود على نشاطه السياسي، ما برح ابراهيم خلف المشهداني (ابو سلام) هو نفسه ذلك المناضل العريق، الوطني والشيوعي، والوجه الاجتماعي المتميز، دعوا عنكم اختصاصه الاقتصادي، ومثابرته الصحفية .. وربما سيقولون يكفي، وبلا تفاصيل اخرى فالمكتوب يُقرأ من عنوانه كما هو المثل المعروف، ولكن دعونا لبعض الاستزادة والتفاصيل ..

 يعود التعارف المباشر مع ابراهيم الى اوائل سبعينات القرن الماضي، بعد السماع كثيرا عنه من القريبين والمعنيين.. كان الرجل يكمل دراسته بتخصص الاقتصاد في الجامعة المستنصرية، فجمعتنا المهمات السياسية ، في المنظمة الشيوعية الطلابية، المسؤولة عن قطاع من كليات بغداد ومعاهدها، الى جانب عنايتها، واهتمامها بتنظيمات اتحاد الطلبة العراقي العام، فكل طالب شيوعي، عضو في الاتحاد، ولكن ليس كل (اتحادي) عضواً في الحزب..

   هكذا التقينا ونشطنا بقدر ما أستطعنا من حيوية على طريق مبادئ وقيم تبنيناها، وبمواجهة ذئاب شرسة كانت لا تقوى سوى على الغدر والعسف والدم، وتستمر.. ثم بعد فترات مدٍ وجزرٍ وما بينها من جولات وصولات، تنطلق صحيفة (طريق الشعب) العلنية في ايلول عام 1973 لتخصص صفحة اسبوعية للطلبة والشباب، فتكفلنا، ابراهيم وأنا، مع احباء اخرين، ولننغمر في تلك المهمة الاعلامية، ليس كتكليف وحسب، بل وبحب لذلك العمل التنويري الجذاب والقريب الى المزاج والموهبة والرغبة في آن واحد ..

   وأستذكر مما أستذكره هنا من مبادرات ونشاطات اعلامية، متميزة، اتمام ابراهيم المشهداني – ابو سلام، لأول اسفتاء صحفي- طلابي، وسعت المشاركة فيه أكثر مما خططنا له، عن بعض شؤون القضايا الديمقراطية والمهنية، وعن دور (صفحة الطلبة والشباب) بذلك المضمار.. ولعلّه يتذكر ايضا معي كيف كان لذلك الاستطلاع نتائج أفادت التنظيم الحزبي والاتحادي في تقييم العمل وتحديد الاهم، والتوجهات..

     ثم يحل صيف عام 1974 وتأتينا دعوة من اتحاد الطلاب العالمي، للمشاركة في دورة صحفية طلابية عالمية، في احدى مدن الاتحاد السوفيتي، ولنحو عشرة ايام على ما أتذكر، ويقع الاختيار على ابراهيم المشهداني لتمثيل طلبة العراق (الديمقراطيين طبعا) الى تلك الدورة التي تجمّع الوافدون اليها اولاً في موسكو، ولينطلقوا بعد ذلك الى الموقع المخصص. ثم يعود الرجل بعدها الى بغداد محفوفا بخلاصات تقديرية عن مشاركته وفاعليته هناك..

 ومما أذكره عن التزامات ونشاطات ابراهيم الشخصية والحزبية والسياسية، انه اليفٌ ودؤوب في الحرص على رفيقاته ورفاقه، ضمن الهيئات التي كان فيها، أو المسؤول عنها، وبصورة طافحة، مما أهله بكل ثقة لأن يشارك في الكونفرنس الطلابي التمهيدي لمؤتمر الحزب الشيوعي العراقي الثالث (بغداد 1974) وكان خلاله حيويا، مشاركا جاداً في النقاشات ذات الصلة..

   تفارقنا في اواخر السبعينات، بعد اشتداد العنف البعثي على القوى والاحزاب والشخصيات الشيوعية والوطنية في العراق: كاتب هذه السطور الى الخارج، بينما بقي ابراهيم في بغداد مدينته العريقة، وقد تعرض حينها الى الاعتقال والعسف اللئيمين، وتلك لم تكن المرة الاولى التي يواجهها الرجل في حياته، بل ربما هي تكرار لما تعرض له أثر الانقلاب الدموي عام 1963. وفي كل مرة يبقى ابراهيم وفياً لمبادئه، وقناعاته، بكل ايمان..

 وهكذا تمر الاعوام، ونتبادل الاخبار من هنا وهناك، وعبر ما هو متاح وممكن، ثم نلتقي في بغداد من جديد عام 2010 حين عدت اليها لفترة من الوقت، وكان ابو سلام ذاته الرجل الوفي الحريص، وها هو الى اليوم ناشطا في صفوف حزبه الشيوعي: مسؤولا واقتصاديا ومثقفا وكاتبا، الى جانب شخصيته الاجتماعية، المؤثرة والمشهود لها علناً وبكل احترام وتقدير، في مجالات عمله وحياته، وبين الاوساط الاجتماعية والمعارف والاصدقاء، وتلكم هي اهم سمات المناضلين، كما أزعم ..

———————————————— بــراغ / أواخر كانون الثاني 2019

(*) تحاول هذه التوثيقات التي تأتي في حلقات متتابعة، ان تلقي اضواء غير متداولة – كما يُفترض- أو خلاصات وأنطباعات شخصية، تراكمت على مدى اعوام، بل وعقود عديدة، وبشكل رئيس عن شخصيات عراقية لم تأخذ حقها في التأرخة المناسبة، بحسب مزاعم الكاتب.. وكانت الحلقة الاولى عن علي جواد الراعي، والثانية عن وليد حميد شلتاغ، والثالثة عن حميد مجيد موسى، والرابعة عن خالد العلي، والخامسة عن عبد الحميد برتـو، والسادسة عن موفق فتوحي، والسابعة عن عبد الاله النعيمي، والثامنة عن شيرزاد القاضي، وجميعها كتبت دون معرفة اصحابها، ولم يكن لهم اي اطلاع على ما أحتوته من تفاصيل..

إبراهيم خلف المشهداني

اترك تعليقاً