الرئيسية / مقالات / حسين آيت أحمد .. صورة الجزائر
المرحوم حسين آيت احمد

حسين آيت أحمد .. صورة الجزائر

السيمر / الأربعاء 06 . 01 . 2016

معمر حبار / الجزائر

إستحضار نبأ وفاة حسين آيت أحمد رحمة الله عليه، ووصول جثمانه إلى أرض الوطن وجنازته، يعطي صورة جلية عن عظمة الجزائر، لمن أراد أن يقف عندها، وهي..
تكفلت الجزائر بدفن أبنائها بطريقة تليق بالكبار، ووضعت تحت تصرف العائلة كل الإمكانات التي تحفظ للرجل هيبته ومكانته. وتدل هذه الصورة على أن الجزائر تحفظ الود لأبنائها.
مايقال على أن آيت أحمد كان منحصرا في منطقة ضيقة من الجزائر تكذبه الوفود الكثيرة التي حضرت من كل فجّ عميق ومن مختلف التيارات وعبر كافة الأعمار، ولو كانت النساء الجزائريات يحضرن الجنائز ، لحضرتها النساء من مختلف الأعمار والولايات.
أظهرت الجزائر عن طبعها الأصيل، وفطرتها السليمة في التعامل مع أبنائها. فقد تجاوزت الخلافات وتوحدت على كلمة واحدة بشأن إبنها حسين آيت أحمد. ويكفي الموت نعمة أنه يوحد بين الأحياء.
الجزائري وإن عاش خارج وطنه عقودا من الزمن، إلا أنه يحب أن يدفن في وطنه وبين أهله وأحبابه، مايدل على أن حب الجزائر ومعانقة ترابها مازال يمشي في عروقه، ويعتبر جزء من نبضات قلبه.
الجزائر التي كرّمت أبناءها بجنازة يتمناها الكبار، مطالبة ودون تأخير عن تكريم أبنائها وهم أحياء، وتقف على الأسباب التي دفعت بعضهم لمغادرة الجزائر، وتعالج تلك الأسباب بما يليق بالجزائر ويحفظ للمعنيين كرامتهم.
ماميّز وفاة حسين آيت أحمد، أن كل المعلومات كانت صادرة من الجزائر، ووسائل الإعلام العالمية إستقت أخبارها وصورها من الجزائر، ولم يحدث أن كان هناك تضاربا في الأقوال والمعلومات والصور.
أعطيت الحرية الكاملة لأسرة حسين آيت أحمد في تسيير كل مايتعلق بالوفاة ونقل جثمانه وجنازته، ولم تتدخل الجزائر في الشؤون العائلية بل إمتثلت لكامل رغباتها وإرادتها ووصاياها، كعدم نقل الجثمان عبر الطائرة الرسمية، وعدم وضع سيارات رسمية تحت تصرفهم ، وعدم إقامة جنازة رسمية كالتي أقيمت للشاذلي بن جديد وأحمد بن بلة.
كل الذين خالفوا حسين آيت أحمد أفكاره ومواقفه في حياته، أثنوا على الرجل بعد وفاته. فالاختلاف يبقى مهما طال الزمن والاحترام أبقى، وهذا مايزيد من قدر الأحياء ويجعل اللاحق يحترم السابق ويوقره، لما قام به تجاه الميت الذي خالفه واحترمه.
تظهر هيبة الرجال في حياتهم وبعد مماتهم، والمقابر الرسمية والجنازة الرسمية لا تضيف هيبة إنما تعطي طابعا رسميا. والهيبة تظهر في العفوية التي التي جاءت من أقصى الجزائر، لتشيع إبنها وهو في أعالي الجبال البعيدة النائية.
ستظل الجزائر الأم الولود، أنجبت العظام وستظل تنجب العظام، شأنها في ذلك شأن جميع المجتمعات وعبر جميع العصور. ولا يضيرها إن كان إبن عاق ولم يعرف قدرأمه الجزائر، فتلك من سنن المجتمعات دون استثناء.

اترك تعليقاً