السيمر / الجمعة 08 . 01 . 2016
نصار إبراهيم / فلسطين
“بصّرت ونجّمت كثيرا… لكني لم أقرأ أبدا فنجانا يشبه” هذا الفنجان!
بعيدا عن النزق… والشتائم… وردود الفعل… أريد أن أعرف كمواطن فلسطيني عربي ما هو الأساس السياسي والحقائق التي تستند إليها السلطة الفلسطينية حين تعلن وقوفها وتأييدها للسعودية في ما يسمى”حربها على الإرهاب”!؟…. ماذا تقصد السلطة الفلسطينية بالضبط .. وما هي الحرب التي تخوضها السعودية ضد الإرهاب وأين وكيف يا ترى..!؟ وما علاقة فلسطين بها؟
المسألة ليست مناكفة… أو مجرد معارضة… بل فعلا أريد كعقل سياسي يحترم نفسه أن أعرف لماذا نحن مع آل سعود؟ لماذا على الشعب الفلسطيني أن يقف مع سياسات آل سعود؟ وما هي تلك السياسات بالضبط!؟.
هل المقصود بتلك السياسات مثلا ما تقوم به مملكة رمال آل سعود من دعم مالي وعسكري وإعلامي لعصابات جهاد النكاح والإجرام والذبح في سورية منذ خمس سنوات!؟.. هل هذه هي حرب آل سعود على الإرهاب!؟
كيف لشعب فلسطين أن يكون ولو للحظة واحدة مع من يستهدف سورية!؟.. كيف له أن يقف مع نظام آل سعود الذي يبذل كل ما يملك من أجل تدمير جوهرة العرب وقلبها النابض دمشق!؟. كيف لشعب فلسطين أن يقف مع من يوغل في دم الشعب العربي السوري… عنوان مجد العرب وكرامتهم!؟ أو أن تتجرأ بعض قواه السياسية على المشاركة المباشرة في سفك الدم السوري واليمني!؟. كيف يخدم هذا قضية فلسطين!؟
أم أن المقصود هو دعم ومساندة آل سعود في حربهم المجرمة التي يخوضونها بمنطق ثارات القبائل ضد شعب اليمن العربي الأبي منذ أكثر من تسعة أشهر… فدمرت اليمن وأوابده الحضارية ومستشفياته ومدارسه؟
هل تعرفون من هو شعب اليمن الذي تقف فلسطين الرسمية مع آل سعود ضده؟ أليس هو ذاته يمن العرب.. يمن فلسطين.. اليمن الذي تملأ ملايينه الشوارع وهي تهتف لفلسطين… فيما لم نسمع يوما عن مظاهرة واحدة في مملكة آل سعود تنديدا بالاحتلال ودفاعا عن القدس… كيف لشعب فلسطين أن يقف مع من يوغل في دم الشعب اليمني جمرة العرب وجذرهم!؟ كيف يخدم هذا قضية فلسطين!؟
أم أن المقصود دعم مواقف آل سعود في جنونهم الطائفي في العراق.. الذي دمرته الولايات المتحدة وبريطانيا بمشاركة مشيخات النفط والرمال!؟ كيف لشعب فلسطين أن يقف مع من يوغل في دم الشعب العراقي باني الحضارات والتاريخ!؟ وأيضا كيف يخدم هذا قضية فلسطين!؟
وهل هناك من يتفضل ويوضح أو يشرح لي وللشعب الفلسطيني بأي معنى ولماذا يجب علينا أن نقف مع آل سعود ضد إيران؟ هل يعنى ذلك مثلا أننا نبارك إعدام الشيخ نمر النمر على يد آل سعود…؟ ولأننا نبارك ما تقوم به مملكة الرمال من جرائم ضد الإنسان والحريات باعتباره حربا على الإرهاب؟!
لماذا علينا أن نكون مع السعودية ضد إيران التي حولت سفارة إسرائيل إلى سفارة لفلسطين…؟ لماذا علينا أن نكون ضد إيران التي تدعم حزب الله الذي مرغ أنف إسرائيل في الوحل …؟ نعم حزب الله نفسه الذي يهتف له شعب فلسطين ويحترمه ويرفع صوره في وداع الشهداء… (تنويه: هل تذكرون حرب تموز عام 2006 حين كان حزب الله يدك إسرائيل بالصواريخ فيما عربان الخليج وعلى رأسهم آل سعود يدينون ويحملونه المسؤولية ويتمنون على إسرائيل مواصلة الحرب لتأديبه أو تدميره!؟).. عودة للسياق؛ أليست إيران هي نفسها التي قدمت وتقدم الدعم وبلا حدود لحركات مقاومة فلسطينية “سنية” في مواجهة الاحتلال… ما هو المنطق وما هي الفلسفة والأهم ما هي المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا من وراء هذا الموقف!؟
ومرة أخرى: كيف بالضبط يخدم كل هذا قضية فلسطين!؟
بصراحة.. لقد “بصّرت ونجّمت كثيرا… لكني لم أقرأ أبدا فنجانا يشبه” هذا الفنجان…
ماذا لدينا كشعب فلسطيني ضد إيران بالضبط…؟ إلا إذا كانت المسألة فعلا موقفا طائفيا… ولكن منذ متى كان شعب فلسطين الصخرة العنيدة في وجه الاحتلال والقهر والتخلف والإذلال… يبني مواقفه من منطلق طائفي…!؟.
كيف يمكن لشعب فلسطين الذي أصبحت قضيته ومقاومته وتضحياته معادلا للكرامة والحرية والتقدم والانفتاح والانعتاق على المستوى العالمي، أن يجد نفسه مصطفا إلى جانب مملكة آل سعود عنوان التخلف والبؤس والقهر والجهل والرجعية وتبديد ثروات الأمة…
المبدأ الناظم والثابت للشعب الفلسطيني هو احترام وتعزيز العلاقة والتحالف مع كل من يقف معه ويرفع راية قضيته العادلة بمعزل عن قوميته ودينه وطائفته وجنسه… لأن من يرفع راية فلسطين بحق وصدق لا يمكن إلا أن تكون فلسطين معه وغير ذلك اختلال وتناقض مع بديهيات التاريخ والواقع….
إذن لماذا وكيف تكون فلسطين مع نظام آل سعود الأكثر تخلفا وقهرا ودموية وطائفية وإرهابا، والذي باستمرار يتموضع ومنذ نشوئه المشبوه في المعسكر المعادي لكل ما هو قومي وعروبي وتقدمي… فهو حجر ثابت في الحلف الأمريكي الأوروبي الاستعماري ضد الأمة العربية وتطلعاتها… أليس هذا معاكسا لكل المنطق السياسي وسياقات النضال الوطني التحرري الفلسطيني!؟
لقد “نجمت وبصرت كثيرا” لكني لم أجد تفسيرا منطقيا وعقلانيا وسياسيا واحدا يبرر هذه السياسة… إلا أن يكون الموضوع من ألفه إلى يائه مجرد علاقات مالية، حيث يشتري النفط السياسة والمواقف… حينها لا يكون للحديث عن العروبة والمبادئ والحرية والأخلاق أي معنى… وبهذا تستقيم المعادلة وتنتفي الحاجة لكل الأسئلة السياسية السابقة.. أو لتتفضل القيادة وتقدم لنا وبوضوح كيف تخدم هذه المواقف وهذه السياسات قضية فلسطين!؟
وغير ذلك على الشعب الفلسطيني أن يقول كلمته… لكي يعيد تصحيح المسارات وتعديل المعادلات… بما يتناغم وينسجم مع بديهياته وتاريخه ودوره وقضيته وتضحياته وأهدافه وحقوقه وعروبته الأصيلة.