السيمر / فيينا / الأربعاء 03 . 07 . 2019
اياد السماوي
لعلّ واحدة من أكبر عيوب وتشوّهات نظام المحاصصات الخلقية , هي قضية ترشيح الوزراء من قبل أحزابهم وكتلهم , فالوزير المرّشح لهذه الوزارة أو تلك من قبل هذا الحزب أو تلك الكتلة , هو وزير للحزب والكتلة التي رشّحته وليس وزير لكلّ أبناء الشعب العراقي , وهذه القاعدة عملت بها كلّ الحكومات التي خلّفت النظام الديكتاتوري بما فيها الحكومة الحالية , فالوزير في نظام المحاصصات القائم هو مجرّد أداة بيد الحزب الذي رشّحه وينّفذ ما يمليه عليه , وغالبا ما يكون مدير مكتب الوزير هو من يضعه الحزب الذي رشّح الوزير ليكون عين على كلّ شاردة وواردة يقوم بها الوزير , ولهذا أطلقت في وقت سابق على هذه الحكومة بأنّها حكومة مدراء المكاتب , لأنّ الكثير من الوزراء في هذه الحكومة هم مجرد أدوات بيد الأحزاب التي رشّحتهم , وهذه للأسف الشديد حقيقة لا غبار عليها , وبسبب هذا العيب الخلقي الذي ولد مع ولادة هذا النظام المشوّه جنينيا , أصبحت وزارات الدولة مجرّد دكاكين وواجهات للأحزاب السياسية , يصول فيه الحزب ويجول وكأنّ الوزارة ملكا له بقضها وقضيها , وأغلب الوزراء في هذه الوزارات الدكاكين هم دميّة بيد مدراء المكاتب يحّركونه كيفما شاؤوا , ولهذا حين يخرج بعض الوزراء على هذه القاعدة ويرفض أن يكون وزير فقط للحزب الذي رشّحه , فأول من يتصدّى له ويحاربه هم نواب وأعضاء الحزب الذي رشّحه . قبل بضعة أيام وضمن برنامج بتوقيت العاصمة على قناة العهد الفضائية , تحدّث القيادي في دولة القانون حسن السنيد قائلا ( أنّ وزير التعليم العالي الدكتور قصي السهيل مرّشح دولة القانون لم يستجب أبدا لأي طلب لأعضاء دولة القانون ولم يعيّن رئيسا واحدا لأي جامعة أو عميدا واحدا لأي كلّية تابعا لدولة القانون ) , وأعتقد جازما أنّ السيد السنيد أراد بذلك أن يضرب مثلا حيّا للوزير الذي ينبغي أن يكون , لأن ظاهرة الوزير الدمية والوزارة الدكان أصبحت خطيرة جدا ولا يمكن السكوت عنها أبدا , بل أستطيع أن أجزم أنّ هذه الظاهرة في مقدّمة أسباب انفلات الفساد بهذا الشكل الجامح , وأي كلام عن محاربة الفساد من دون البدء بالتصدّي لظاهرة الوزير الدمية والوزارة الدكان , سيصبح كلاما فارغا لا قيمة له إطلاقا , وإذا كان كلام السيد السنيد صحيحا ( وأجزم أنّه صحيح ) , فهذا مثار فخر لدولة القانون كونها أول كتلة رشّحت وزيرا هو للعراقيين جميعا وليس وزيرا لدولة القانون , واعتقد جازما أنّه لولا التأييد المطلق من قبل رئيس ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي شخصيا للوزير قصي السهيل , لما استطاع السير بهذا النهج الصحيح الذي يتمّناه كلّ العراقيين , علما أن الوزير السهيل مستقلا ولا ينتسب لصفوف حزب الدعوة الإسلامية , وحتى أكون منصفا هنالك أكثر من وزير في هذه الحكومة يعملون على نهج أنّ الوزير هو لبلده وليس لكتلته , فتحية لدولة القانون التي رشّحت السيد السهيل لوزارة التعليم العالي , وتحية لكلّ وزير يرفض أن يكون دمية بيد الحزب الذي رشّحه .. فالقضاء على ظاهرة الوزير الدمية هو البداية العملية للتصدّي للفساد الجامح والمنفلت …