السيمر / فيينا / الأحد 07 . 07 . 2019
صادق القيم
هو علّم يقوم ببناء النظم السياسية للدول التي كانت بلا نظام، او انهار نظامها السياسي او ارادت ان تحدث نقله نوعية في واقعها السياسي والاقتصادي، ومستوى دخل الفرد ومجمل الدخل القومي يسمى علم “الهندسة السياسية”.. تعتمد الهندسة السياسية علّمي القانون والنظم السياسية، في بناء وهندسة نظام سياسي يتلائم مع دولة او بيئة معينة، ويحدث نقلة نوعية فيها كمن يحولها من دول العالم الثالث الى الثاني او الاول، حسب معطيات النجاح المتوفره. يستخدم للتحول من الدكتاتوريات لتنظيمها وجعلها ديمقراطية بنائة، اما العكس فتكون نتيجته كارثية، ومثال على ذلك المجلس العسكري اليوناني، الذي انقلب على نظام ديمقراطي وكانت النتائج سلبية. ان مشكلة العراق هو اعادة بناء الدولة، ومن سقوط الدولة العباسية حتى يومنا.. لكن مشكلتنا في بناء النظام السياسي الملائم مع النظام المجتمعي، حيث ان المشكلة العظمى بعد خيار الاطاحة هو ايجاد البديل الملائم. الهندسة السياسية تشمل في طياتها فروعا كثيرة ومهمة جدا، منها الهندسة المجتمعية والاعلامية والانتخابية والقانونية، كذلك الدستورية والتربوية والحزبية.. وكل فرع من هذه الفروع يتعين اعادة بناءه، اذ لا يمكن اعادة بناء النظام السياسي فقط دون اعادة باقي الفروع. متطلبات هذه الهندسة كثيرة.. واهمها توقيت البدأ بالعمل، وكذلك كيف تؤطر وتغلف النظام الجديد كي يتقبلك الشعب والمجتمع الدولي، والاخيرة تتطلب ان يكون المنفذ في الموقع السياسي الذي يسمح له، اتخاذ القرارات وتنفيذها لنحصل على نتائج ايجابية. انواع الهندسة السياسية متعددة منها ما يستخدم الطرق التقليدية، او طريقة التطبيق العملي الدقيق وطريقة الاعادة، وهي ببساطة تعني اعادة بناء المؤسسات القديمة والتقليدية، من جديد مع وضع لمسات عليها، واما الطريقة العكسية في التطبيق، فهي عملية دراسة المؤسسات الموجوده ومعرفة اسباب نجاحها وفشلها. اساليب تطبيقها تتعدد ايضا، فمنها اسلوب الانقلابات وهو الاكثر شيوعا في منطقة الشرق الاوسط، واسلوب الثورات هو محاولة تغير جذري في طريقة تفكير المجتمع، واسلوب التدخلات حيث تحصل تدخلات خارجية تسعى الى تغير نظام الحكم. البعد الاساسي لنجاحها، هو وجود دستور للبلاد، حيث ان وجوده يحدد مدى السيطرة على النظام والسيطرة على القانون والشعوب، من خلال تحجيم الانقلابات والتغيرات التي يمكن ان تحصل، وتدعيم النظام بقوة القانون الذي تحميه من الخارجين عليه. بعد كل ذلك فمن الواضح أننا لازلنا، نراوح مكاننا ولاندري اي طريق نسلك، او إن كنا سمعنا أصلا بهكذا علم وهندسة!