السيمر / فيينا / الجمعة 27 . 09 . 2019
د . ماجد احمد الزاملي
ان فكرة التقسيم والتجزئة للمنطقة العربية بشكل عام ,والشرق اوسطية بشكل خاص ,هي فكرة امريكية من اجل إدخال العرب في فوضى دموية تستطيع هي واسرائيل من خلالها تحقيق ما تصبو اليه من مخططات وهيمنة على العالم العربي فكانت الشراكة على قاعدة الإصلاح السياسي بما يضمن حقوق الانسان, ومن ثم مشروع الشرق الأوسط الكبير هي القواعد التي انطلقت من خلالها قصد اثارة المشاكل الطائفية والمذهبية والسياسية لانتهاز حالة الضعف العربي والعمل على تكريس خارطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط ,وبما تتوافق مع اهداف الاستعمار على غرار اتفاقية سايكس بيكو.
إن استبداد النظام العالمي الجديد وبرغماتية العلاقات الدولية، وفق المصالح الخاصة فيما بينها إضافة إلى سياسة الكيل بمكيالين، جعلت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ضعيفة التأثير، فيما يخص الدفاع وحماية حقوق الإنسان والحريات، لكن من واجب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان العمل على عقد إتفاقيات مشتركة، مع الدولة والمنظمات لتثقيف المجتمعات فيما يخص الحريات والحقوق، إضافة إلى استخدام الضغوط والعقوبات ضد الأنظمة الدكتاتورية. طبعا خطورة الأنظمة الدكتاتورية التي تلبس ثوب الديمقراطية هي في الدولة العميقة، وهذه الدولة هي التي عززت إنتهاك حقوق الإنسان، لذلك يجب جعل دور الحاكم دور تنفيذي، بالتالي لا يحق لنا أن نبحث عن الحاكم القوي بل عن المؤسسات القوية والمجتمعات القوية”. بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان، خصوصا وأن دورها يتركز حول رفع التقرير إلى الجهات الدولية، بالتالي هي ليست جهة لديها سلطة وأن توقف حرب وأن تعمل التقارير المهنية والواقعية وتصل بها إلى صانع القرار الدولي، الخلل يكمن في النظام العالمي الجديد كونه يجنح نحو التوحش والاستبدادية ونحو المادية أكثر وترك حقوق الإنسان، لذا الخشية كل الخشية أن تصبح قرارات الأمم المتحدة ضعيفة وغير معتبرة من قبل ذات الدول التي يقع عليها مسؤولية حفظ كيان هذه المؤسسة”. وتنتهك هذه الدول حقوق الإنسان وتساند الدول الدكتاتورية، بريطانيا على سبيل المثال الدولة العتيدة في الديمقراطية الآن هي مع النظم الدكتاتورية المستبدة، التي تقوم بقتل أطفال اليمن يوميا وأمام مسمع ومرأى كل العالم، فهل تستطيع منظمات حقوق الإنسان أن توقف بريطانيا عن تزويد السعودية بالأسلحة، بل أن مصالح هذه الدول، وبالتالي هي تقدم مصالحها على حقوق الإنسان في دولنا، حيث يوجد التوحش وهناك شركات أسلحة مستفيدة، وهناك أيضا دول تبحث عن نفوذ”.وبالتالي تجد منظمات حقوق الإنسان نفسها في موضع لا تحسد عليه، منظمات حقوق الإنسان حول البحرين والإنتهاكات التي يتعرض لها الشعب البحريني، لكن للأسف نجد أن العالم يسير في منزلق خطير، لذا نحن نخشى أن يأخذ منحى آخر، وذلك كون الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي أصبحت أشبه بالدكتاتورية أو تساند الدكتاتوريات”.
إن أركان النظام العربي القائمة منذ أمد بعيد، على المساومات السلطوية وعائدات الموارد البترولية ، آخذة بالانهيار، فيما تواجه المؤسسات السياسية المطالب المتعاظمة لجماهير السكان المتزايدة. وكان من نتائج ذلك انتشار العجز والقصور والقمع على نطاق واسع في المجالات الاقتصادية الاجتماعية، ما أدى إلى تفكّك الدولة على نحو غير مسبوق، بخاصة في العراق، وليبيا، وسورية، واليمن. وأدت هذه العوامل، بدورها، إلى نزوح أعداد هائلة من البشر وإلى شيوع الألاعيب بين القوى الجيوسياسية. وإذا ما قُدّر للنظام أن يعود بعد انحسار النزاعات، سيتعيّن على المواطنين والدول صكّ عقود اجتماعية جديدة تؤسس المحاسبة والمسائلة وتنشّط عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي. درجت الأنظمة العربية، على مدى عقود عدة، على توفير الخدمات الاجتماعية ودعم المواد الاستهلاكية والوظائف الحكومية، مقابل مشاركة ضئيلة، أو عدم المشاركة على الإطلاق، من جانب المواطنين في اتخاذ القرار – بما معناه عقود اجتماعية تقوم على أساس المساومات السلطوية. وقد اختلفت البلدان العربية اختلافاً بيّناً في الطريقة التي تدير بها شؤونها الداخلية. لكنها كانت كلها تقريباً تخضع لأنظمة حكم أوتوقراطية استبدادية، سواء في أساليب السيطرة أو استخدام القمع. فقد أنشأت أجهزة استخبارية وأمنية قوية وبذلت جهوداً ضخمة للإيهام بشرعيتها السياسية، ما يمثّل تحدياً صعباً في جمهوريات عربية عُرفت بكراهيتها للمؤسسات الديمقراطية. ومع تزايد الروابط بين القوتين السياسية والاقتصادية في كثير من البلدان العربية، تنامت شبكات المحسوبية القوية. كما أن النزاع العربي الإسرائيلي والحرب الباردة كانا حجر عثرة كذلك في طريق التنمية المؤسسية، مثلما كانا ذريعة لغيابها.
مع اختلاف الأسباب والدوافع وراء قيام بما يسمى “ثورات وانتفاضات الربيع العربي” ( والتي سرقت نتائجها قوى سياسية غير شريفة) ؛ إلاّ أن ما يميز تلك الثورات أنها حدثت نتيجة نشوء وعي لدى الشعوب العربية بضرورة التغيير الأمر الذي دفع الملايين للنزول للميادين والتظاهر ليس فقط من أجل حياة اقتصادية وسياسية أفضل؛ بل قد نرى أن النقاشات في مرحلة ما بعد قيام الثورات تنادي بالتغيير بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشخصية على مستوى الأفراد. بنية الأنظمة العربية من الناحية الاقتصادية تتسم بالهشاشة والضعف حتى وإن باتت قوتها وتأثيرها واضحين، فالدول العربية قلما يوجد فيها طبقة برجوازية حقيقية تعبّر عن المصلحة العامة في الحفاظ والابقاء على نظام اقتصادي قوي، وقلما توجد عملية الفصل بين من يمتلك رأس المال ومن يمتلك أدوات الحكم والإكراه، ففي الحالة المصرية مثلا، نجد أن القوات المسلحة التي تمتلك أدوات الإكراه والحكم هي نفسها تمتلك حوالي 40% من الاقتصاد المصري من خلال الشركات الخاصة بها، فضلا عن علاقاتها الوطيدة بعدد من رجال الأعمال الأمر الذي يؤكد على امتلاك القوات المسلحة لرأس المال، مما يستتبع قدرتها على توجيه عجلة الاقتصاد وارتباطها بالعملية السياسية في الوجهة التي تراها صحيحة – بمعنى آخر تحافظ على هذه البنية من التغيير- مقارنة بأي محاولات أخرى للتغيير.
نستخلص من المشهد الأمني بالدرجة الأولى أن الهدف هو تغيير مجرى الربيع العربي من مواجهة مع الأنظمة السياسية ذاتها ورفع الظلم والاستبداد والقهر وتحسين الحالة المعيشية للفرد، إلى حالة تصفية حسابات سياسية وطائفية، مما زاد من حدة الصراع الذي حوّل الربيع العربي إلى حالة من التوتر العام في المنطقة وأتاح الفرصة لبروز واضح ومؤثر للجماعات الجهادية المسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. وتقوم الأنظمة في هذه المرحلة باستخدام بروز تلك الجماعات في توجيه شعوبها “الطائعين” أو “من لديه شك” في أن الربيع العربي ما كان سوى محاولة لسيطرة فصيل معين”الإسلام السياسي” وان بروز الجماعات المسلحة هو نتيجة ومحاولة أخرى لتحقيق ذلك الهدف.
لو نظرنا إلى الخليج مثلا ولو نظرنا إلى الحكومات الدينية هناك التي تدّعي التدين وتحمله شعارا ولنا دولتين في المنطقة فيها معارضة ، وهذه المعارضة ليست معارضة حقيقية وليست معارضة شعبية نابعة من مصالح أساسية، وإنما هي لعبة بيد قوى أجنبية ودول كبرى في العالم، تحاول أن تشوه على بعضها البعض الآخر، ربما خدمة لمصالح ولمشاريع وربما خدمة متبادلة بين دولة وأخرى لذلك لا أجد معارضة حقيقية، في الدكتاتوريات غير الإيديولوجية والعسكرية عموما نجد معارضة إيديولوجية، ولنا في السيسي والاخوان المسلمين المثال البارز في هذا الموضوع”. يجب أن يكون النظام سواء كان دكتاتوري أو ديمقراطي، المعارض لهذا النظام نابع من الشعب ومن إرادة شعبية، وذلك لأن حقوق الإنسان مرتبطة بالحاكم وبالمعارض، فممارسة حقوق الإنسان تمارس لاسيما الأساسية، هي تمارس من قبل المعارض وتراقب من قبل الحاكم، فان كان الحاكم قد ضمن هذه الممارسة كان النظام يقترب إلى النظام الديمقراطي وأن لم يضمن فنقترب من النظام الدكتاتوري.ولا نجد ذلك، وهو عبارة عن تمثيليات تمارس على الشعوب وهي مغلوب على أمرها، والمعارضون أيضا هم عبارة عن تجار بمصالح هذه الشعوب، ولنا في المعارضة السورية المثال الأقرب فهم موزعون في تركيا والأردن والخليج، وهم يعتاشون على منح وهبات تمنحها إياهم بعض الدول الدكتاتورية باسم الديمقراطية ونشر الديمقراطية، بالتالي نجد حقوق الإنسان في حالة من التراجع في ظل الوضع العالمي، والسبب هنا يتمحور حول دكتاتورية النظام العالمي وهو سبب هذه الفوضى العالمية”. السؤال الولايات المتحدة الأمريكية دعمت الربيع العربي وحركات التغيير في (تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن)، لكنها بالمقابل لم تدعم موضوع الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في دول الخليج، وهي أنظمة ملكية والبعض منها غير دستورية وهناك مؤشرات واضحة على الدكتاتورية، حتى روسيا عندما دعمت النظام السوري والإيراني، بالتالي أن منطلق العلاقات الدولية قائم على المصلحة، فطالما هذه الدكتاتوريات لا تهدد المصالح الأمريكية وتكون متجاوبة مع المصالح الأمريكية، وذلك من خلال أدوارها الإقليمية”.ان التغيير الناجم من الداخل هو الأفضل، فهذا التغيير وسواء كان عن طريق النظام السياسي فتتولد لديه صحوة لإصلاح ذاته بذاته فهذا جيد، في بعض الأحيان بعض القوى السياسية هي تريد التغيير، لكنها تواجه معارضة داخلية من قبل قوى سياسية أخرى فربما هي تستعين بالجمهور، وهذه الحالة توفرت للحكومة العراقية الحالية لكنها لم تتمكن من إستغلالها”.واليوم لا يمكن التعويل على المنظمات الدولية، فدائما التغيير السياسي والإجتماعي هو نتاج لتغيير إجتماعي، بالتالي بما أن إدارة البلاد وشؤون الشعب بالنظام الحاكم أو بالجمهور، لذا فإن بداية التغيير تبدأ من الداخل وربما تحتاج إلى مساعدة منظمات دولية، وذلك من خلال رسم الإستراتيجيات أو خلق تعاملات معينة لاسيما في أطار علاقتك الدولية، بغية تعزيز نموذجك الديمقراطي من خلال العلاقات الدولية”.وضرورة أصطفاف منظمات المجتمع المدني مع إرادة الجماهير، من أجل تغيير الأنظمة الدكتاتورية وذات السلطة المستبدة، وهذا يتم من خلال إشراك جميع المواطنين على أختلاف مستوياتهم الثقافية والإجتماعية في بناء كيان الدولة، بتغيير وجوه الدولة الدكتاتورية وتثقيفهم باختيار الأشخاص المناسبين لإدارة الدولة، وهذا يمر عبر العمليات الديمقراطية التي تتيحها الدولة بتغيير المسؤولين عن طريق الإنتخابات”.