السيمر / الثلاثاء 02 . 02 . 2016
عبد الجبار نوري
الأسلام السياسي مصطلح سياسي وأعلامي وأكاديمي أستخدم بتوصيف حركات تغيير سياسية تؤمن بالأسلام تحديدا وتخصيصا كحقيقة تاريخية وعقائدية ، فالأسلمة السياسية شرنقت نفسها بعباءة الأسلام لجب التهمة عن نفسها ولنيل الحصانة المطلقة للحصول على أوسع مساحة جماهيرية ، ولكن منطق الحال يفرض عليها ” الوسطية ” بين الحزب السياسي والجماعة الدينية ، وذلك لكون مشروع الأسلمة السياسية هو مشروع سياسي بأمتياز بديل عن كيان الدولة القائمة منذ سنين ، وتحاول هذه الحركات الأسلامية بناء دولة دينية (ثيوقراطية ) والمحصلة التاريخية لحركات الأسلام السياسي على عموم المنطقة وبالأخص العراق بعد 2003 الفشل والفوضى والخراب والعشوائية في برامجها والفوضوية في التطبيق لتقاطعها مع الحركات العلمانية واللبرالية واليسارية التي تؤمن بالتعددية وبناء الدولة المؤسساتية ، ولو تفحصنا سنوات الفشل عبر صفحات التأريخ – بالخصوص – في القرون الوسطى وجدنا التسلط الكنسي على عموم الغرب وأشاعة الجانب الروحي في تعزيز الحكم بموجب نظرية الحق الألهي ، واحتكار الكنيسة لصكوك الغفران ، وهي نفس أفرازات الجهل والظلامية في الأسلام السياسي الذي يقدس الحاكم بأعتباره خليفة الله في الأرض فيكون بالنسبة للبشر ( ولي الأمر ) تكون فاتورته الرقبة .
المعطيات السلبية للأسلمة السياسية في العراق
1-تركت آثارها وتداعياتها على مسألتي الحرية الفردية والكرامة البشرية بالقفز على القوانين الوضعية التي شُرعنتْ عبر أكثر من قرن دفع ثمنها ملايين من البشر في العراق قتلا وتشريدا ونزوحا داخليا تحت خيمة قادة الأسلمة السياسية وهجرة في دول المنافي لأستجداء الأقامة والتخلص من العنف والشحن الطائفي والعرقي والمناطقي .
2- يشهد التأريخ السياسي للعراق منذ التأسيس 1921 ولحد 2003 موحدا يزهو بعلم واحد ونشيد واحد ووطن كان أسمه العراق ، ولكن للأسف الشديد منذ أستلام مقاليد السلطة حكام الغفلة بعباءة الدين وأذا بالعراق يتشظى إلى كتل وكانتونات طائفية وعرقية متنافرة متقاتلة .
3- دفعت العراقيين إلى أعادة أصطفافهم الأجتماعي على أسس طائفية وعرقية أثنية داخل مناخ موبوء وفاسد بسقوط أخلاقي خلال تنافس غير شريف فيه التسقيط السياسي والتجسس والعمالة للأجنبي شيئا مباحا ومقبولا.
4- ومن خلال الفساد المالي المروع وضياع أمواله وهشاشة أمنه تعرض إلى أحتلال أرضه من قبل أعتى قوة أرهابية عابرة للحدود ، هدفها تأسيس دولة الخلافة التي فشلت في مهدها ووقتها لأنها لم تستوعب الجميع ولقدم زمنها لأكثر من ألف ونيف من السنين ولا تصلح للعصرنة والحداثة وأنها حتى قافزة على أسوء الأنظمة السياسية التي هي الأسلمة السياسية .
5- ظهور مصطلح” السياسي المعولم” Globalized Politicianوهو نمط من الشخصية السياسية المحترفة والتي تختفي تحت عباءة الدين ولكن خطابها السياسي المبصوم بموافقة المرجعية الدينية يفضح أزدواجيتها السياسية ، لقد تركت آثارها على مسألتي الحرية الفردية والكرامة البشرية التي شرعنتها القوانين الأممية ومؤسساتها الديمقراطية بعد أكتواء البشرية بحربين عالميتين .
6 – تقاطع الأسلام السياسي الذي طُبق في العراق بعد تجاهل القوى الديمقراطية والعلمانية واليسارية والتي لا يمكن أختزال أفكارها وتطلعاتها البناءة ومنهجيتها العلمية المجربة وتضحياتها السخية في مقارعة الدكتاتورية منذ تأسيس العراق لحد اليوم ، دفعت العراقيين قسرا إلى أعادة أصطفافهم الأجتماعي على أسسٍ طائفية وعرقية .
7- وتُثبتْ حتمية حركة التأريخ السياسي للشعوب والصراع الطبقي أن الصحيح هو الذي يصح فشل الأخونة في مصر بعمر أقل من سنة ، وفشل حزب التنمية والعدالة التركية الأخوانية في السياسة الداخلية والخارجية بأتباع هذا الحزب الديني سياسة التطرف والتعصب الأثني مع الشعوب بأساليب عدوانية والميل التام آيديولوجيا ولوجستيا إلى تنظيم الدولة الأسلامية في العراق والشام ( داعش ) .
8- والحقيقة التأريخية يتناقض الأسلام السياسي بشكل كامل مع القراءة التنظيرية ( للأسلام الحقيقي ) كدين لتهذيب الطباع البشرية فينحو تدريجيا إلى منزلق الفكر الوهابي المتطرف كما تشهد الساحة المصرية اليوم من تفجيرات عصابات مرسي الأخوانية والأرتباط المصيري بدولة الكراهية السعودية ، أما في العراق فقد فشل الأسلام السياسي هو الآخر بقيادة ( التحالف الوطني ) على الصعيد السياسي بوضع مأساوي لا يحسد عليه وبسبب (الأخوة الأعداء) وضعف الجهد الأمني وأنهيار ساتر الدفاع الأول ساعد عصابات داعش على أحتلال ثلث مساحة العراق ، وخزينة خاوية وشعب متشظي ، لقد بيع الوطن في مزاد الخردة ( جمله ) بعد أشترتهُ الجماهير المناضلة ( مفردا) بفاتورات من الدماء والدموع ومقارعة الأجنبي عبر 82 سنة من العذاب .
وأختم المقالة بمقتطف من كتاب الدكتور فارس كمال نظمي- الأسلمة السياسية في العراق الصادر عام 2012 أعجبت به لصراحة منهجيتهِ العلمية برؤية سايكولوجية بطرح هذا السؤال المحيّرْ والضبابي – والذي أبحث عنه حول الأسلمة السياسية – أهو دين أو تديّنْ أم تديين ؟ أهو أسلام أم تأسلّمْ أم أسلمه ؟ أهو دين آيديولوجي محدد العقائد والغايات في أذهان معتنقيه ؟ أم هو – يقصد الأسلام السياسي – صورة أدراكية سايكولوجية ” حمالة أوجه ” حد التشظي ؟ والنتيجة معادلة عصية بأرقام شاذة متنافرة والذي جعل الجمهور المعدم يهيم في عالم السراب الوهمي باللاوعي متعطش لأي يقينٍ يريحهُ من أزمته الهوياتية المتفاقمة في عصرٍ عولمي !!! ، ويضيف الكاتب : العراق أفتتح القرن العشرين بتجربة الدين السياسي الحاكم بنظام ( الطائفة السياسية ) القائم على أساس ديني بالدرجة الأولى وعرقي بالدرجة الثانية / أنتهى.
وخسر العراق كل شيء بسقوط ثمار الأنتفاضات وعذابات السجون والمعتقلات وأعواد المشانق وعذابات المنافي في سلة الأسلام السياسي الصاعد ( الجلاد ) وجمهور العولمة واللبرالية واليسار ( الضحية ) في أنحسار وتهميش وأقصاء مسروق التضحيات ومسلوب الأرادة —–
هوامش وبعض مصادر/ * د/ محمد عماره –كتاب النظام الأسلام السياسي . *د/ فارس كمال نظمي – الأسلمة السياسية في العراق 2012 . * فرج العشه – فشل الأسلام السياسي وتركيا مثل ناجح لذلك ، موقع الأخوان ، موقع الأهرام ، موقع ميدل أيست أون لاين ، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط