أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / حين ينقطع المجتمع يسود العنف

حين ينقطع المجتمع يسود العنف

السيمر / الجمعة 05 . 02 . 2016

معمر حبار / الجزائر

ألتقي بالصدفة بزميل، وبينما الحديث إمتد إلى سنة 1991، حين كنا ندرس سويا بالثانوية، إذ بأستاذ عريق في التدريس، يبدي غضبا شديدا لما يحدث في المدارس من عنف وسوء أخلاق، وركز على الأساتذة والمسؤولين الإداريين.
هذا النقاش السريع، دفع صاحب الأسطر إلى أن يثري الموضوع بما ظهر له أنه الفاعل المفيد لمجتمع، فكانت هذه الأسطر..
هناك إنقطاع بين الأجيال، وهو واقع يعيشه المرء بشكل يومي وعبر مختلف ميادين الحياة
لايمكن نكرانه. ويبقى لهذا الانقطاع أسبابه التاريخية والعلمية والأخلاقية والتطور الذي شهده المجتمع في عدة ميادين، وعبر عقود من الزمن، طويلة كانت أو قصيرة.
فالإبن لايثق في الوالدين ولا يأخذ منهما، والبنت تتعالى على أمها وترفض نصائحها. والطالب لايتخذ من أستاذه قدوة في العلم والعمل.
هذه القطيعة هي التي خلقت الفجوة بين الأجيال، وجعلت الصغير لايوقر الكبير، والكبير لايحترم الصغير، فنشب الصراع بين الأجيال إلى أن وصل إلى درجة العنف بأشكاله اللفظي والجسدي.
وإذا أضاف المتتبع لظاهرة القطيعة بين الأجيال، تعدد الأسباب والأشكال، يتضح جليا خطورة القطيعة، ولعلّ أخطرها حين تلبس القطيعة بين الأجيال لباس الدين والفكر.
فالشاب الجزائري، يقطع جميع الأوصال بمجتمعه، الذي تربى على المذهب المالكي والفطرة السليمة النقية، ويقطع كل صلة بعلماء الجزائر وفقهائها، وبكتبهم ومنشوراتهم العلمية، ونفس القطيعة ينقلها للوالدين والإخوة والأحبة والجيران.
ولعلّ من أخطر مظاهر العنف في هذه الحالة، أن يصبغ بصبغة دينية، ترفض المخالف وتتهمه في دينه، وتسلط عليه شتى أنواع الشتائم والسباب.
والمطلوب من المجتمع تخفيف حدة القطيعة بين أفراده، والسعي لردم الهوة بما يستطيع وبما يناسب الوضع بأقل الخسائر وفي أسرع وقت ممكن.
الملاحظ أن المجتمع يلوم دوما الشباب لأنهم قطعوا الحبال التي تربطهم بالكبار، لكن المطلوب أيضا من الكبار ومن أمى القدوة من أهل الفكر والدين والوالدين، أن ينزلوا برفق وبهدوء إلى الأبناء، ويتعلموا فنون الجديد الذي لايتقنونه، وإبداع الصغار الذي لايحسنونه، وما يقوم به الصغير، فيقفون عنده، ويسألون عن أسراره، ويتستفيدون منه في ماتبقى من حياتهم، وربما يضيفون له مما علمتهم الحياة إياه.
إن التعاون بين الأجيال في مجالات شتى، وفي ما يحسنه كل منهما، والتعلم عن الآخر في ما ينقصه ويحتاجه، لعامل من عوامل ردم القطيعة بين الأجيال، والتخفيف من حدة العنف الناجم عن القطيعة، وسبيلا لنشر ثقافة الاحترام والتقدير، ونشر الأمن والسلام في برع المجتمع الجزائري وغيره من المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى.

اترك تعليقاً