السيمر / فيينا / الثلاثاء 03 . 03 . 2020
د . ابراهيم الخزعلي
أليست بالأمس الأشجار
تعلوها أنواع القردة ؟
أليست بالأمس الدور
تصفعها الريح الصفراء
وتخنقها أنفاس القتلة ؟
أليست بالأمس شوارعنا
موبوءة بالأعين والأوراق
وتقارير المنبوذين السفلة ؟
أليست بالأمس الجدران
آذانٌ وشعارات الحزب المثقوب
وصور الجرذ المهزوم
وسفسطة الجهلة ؟
أنسينا أزلام السلطة
تطاردنا في اليقضة والنوم ؟
والزمن كابوس من جمر
هل ننسى الموت المجاني
لكل امرأة ورضيع
ولكل فتاة وفتى وعجوز
ولكل شريف ووضيع ؟
إلاٌ العيش مباح
للطبٌالين وللمخصيين
وأبناء السمسارات المبتذلة
هل ننسى قطع الأعضاء
أحواض التيزاب ؟
أم ننسى قطع الألسن
أو بتر الأطراف ؟
هل ننسى مثرمة الأحياء ؟
هل ننسى الغرف الحمراء ؟
أم ننسى خطب الجرذ العصماء ؟
هل ننسى دس السم للسجناء ؟
هل ننسى مقبرة الأحياء
والألاف تدفن ليلاً في الصحراء
وترمى الأشلاء على الأشلاء ؟
وماذا ننسى عسانا ..؟
هل ننسى حروب الطاغية الرعناء ؟
هل ننسى التهجير من الأوطان ؟
جمعا..جمعا ..جمعا
ويرمى الناس كرها
على الموت والألغام
والأبناء كأسرى حرب
ضاعوا في زنزانات الشيطان
هل ننسى جراح كالوشم ؟
أنهارمن دمع نبكيها
ودم نازف تبكينا
ها هي بابل في الأسواق تباع
وسامراء ( كواقعة الحرّة )
هل ينسى كل عراقي
في اليوم يذبح عدة مرات
لأنا نكفر بالجبت
ولأنا نكفر بالطاغوت
ولأنا نبكي حسينا ؟
هل ننسى نحن
ومازلنا نبحث
في كل بقاع الأرض
نبحث عن أنفسنا
نبحث عن كسرة ضوء
ملطخة بالحزن
وممزوجة بالأوجاع
فالعالم يغرق ..يغرق ..يغرق في الظلمة
وها نحن نبحث
عن أحرف صدق منسية
نبحث عن صدر لرضيع
ألمْ يَرَ العالم والأعراب
في التلفاز والصحف اليومية ؟
ثكالى تبحث في الصحراء
أؤلائك تمتد أياديهم
من أعماق ألألم الكامن
في القلب وفي الروح
هذا يبحث عن إبنه
وهذي تبحث عن إبنتها
وتلك تبحث عن زوج
لاشئ سوى بعض رفات
ونحيب وعويل وصراخ
وهويات بعض الأسماء المجهولة
وإطلاقات في الرأس
وأفواه جماجم فاغرة
تعلن صرختها للرب
وللعالم والتأريخ
وعين الله كنف الشهداء
وعش لحمامات بيضاء
كيف سأنسى ؟
وأني ابحث
عن قلبي , عن روحي ؟
أبحث عن ذاكرتي
أبحث عن خيط من نور
تلاشى بين رماد العمر
هل أنسى أنّي
أبحث عن أمي , أختي
عن شبر من أرض
كانت أمي فيه تصلّي ؟
أنّي أبحث عن بوصلة
تهديني لوجه الله
أبحث عن أصحاب
رسموا في ذاكرتي
أحلى الصور واللوحات
غرسوا في قلبي
حبّا وحنينا ودموع
وعلى جدران الزنزانات هناك
كتبوا أشعارا وعبارات
وها أنّي أبحث مازلت
عن درب التبّانة في الصحراء
أبحث عن لغة تأويني
لألملمَ فيها بعض جراحي
وبعض من أحلام صباي
وأجمّعَ فيها الأشلاء
أبحث عن ( فوطة ) أختي
منها سلبتها الريح الصفراء
وأزلام البغي اللقطاء
أبحث عن همسة حب
أبحث عن ومضة إيمان
أبحث عن ثمّةْ إنسان
في العالم والعُربان
أبحث عن وجهِ أعرفهُ
فكل الأوجه في عيني غرباء
أبحث عن أبراهيم بين الحطب
أبحث عن يونس في بطن الحوت
أبحث عن يوسف في الجب
أبحث عن موسى في سيناء
أبحث عن عيسى في الصحراء
أبحث عن أحمد بين سيوف قريش
أبحث عمّن يهديني
أبحث عن أشعار صُلِبت
في الظلمة بين شفاه الشعراء
آه مولاي..
أنّ الأعراب أشدّ كفرا
وأشدّ غدرا ونفاق
فبسيفك ذبحوا السبط
وبسيفك ذبحوا القرآن
وعلنا
علنا
علنا صاحوا
حول ضريحك والكعبة
أنّا لا نشهد فيك رسولا
وأنّا لا نشهد بالله وبالقرآن
وفي الشام سكارى رقصوا
وتغنّوا طربا
( لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل )
الدرب اليك يامولاي
محفوف بذئاب إسطورية
والكعبة تُرمى بالنار
***************************************
واقعة الحرّة- هي إحدى المجازر الدموية واللا أخلاقية التي إرتكبها يزيد إبن
معاوية بحق أهل المدينة المنورة بعد أن رفضوا بيعته ، فأرسل اليهم جيشا لأجبارهم
على بيعته أو استباحة دمائهم ، وكان الجيش بقيادة مسلم إبن عقبة وكانت الواقعة سنة ثلاث وستين للهجرة .
الفوطة – هي منديل لغطاء رأس المرأة في اللهجة العراقية.
لعبت هاشم بالملك – أصل هذه القصيدة هي لعبدالله بن الزبعري ، إذ ان يزيد بن معوية
تغنّى بها وهو في غاية الفرح والنشوة والتشمت حين إدخلوا عليه سبايا أهل البيت بعد
مقتل الحسين (ع) في واقعة كربلاء ، وقد أضاف اليها بعض الابيات ، والقصيدة هي:
( ليت أشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحا
ثم قالوا يايزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم
وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل )