متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية — نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، تقريرا تعرضت فيه إلى انتشار تنظيم داعش في المنطقة الغربية من العراق، القريبة من الحدود السورية والأردنية، التي لا تزال السيطرة عليها أمرا صعبا، رغم مقتل عدد كبير من قادة التنظيم تحت قصف التحالف الغربي لهذه المنطقة.
وأفادت الصحيفة في تقريرها بأن المنطقة الصحراوية الشاسعة التي تقع على الحدود العراقية السورية، والتي تمتد على مسافة 400 كيلومتر، انطلاقا من منطقة البعاج على الحدود الشمالية للعراق، وصولا إلى منطقة الرطبة، على الحدود الأردنية، تعد المركز العصبي لتنظيم الدولة.
وقالت إن هذه المنطقة فيها العديد من التلال والكهوف، ما يجعل الوصول للمقاتلين فيها أمرا صعبا، ولهذا سميت هذه المنطقة بـ “تورا بورا” العراق، على غرار تورا بورا الأفغانية، معقل طالبان، وهي المنطقة التي وقف أمامها الجيش الأمريكي عاجزا، خلال عملياته العسكرية التي تلت أحداث الحادي عشر من شهر أيلول/ سبتمبر 2011.
واعتبرت الصحيفة أن هذه المنطقة إستراتجية بالنسبة لتنظيم داعش، وتضم العديد من المحافظات؛ منها التي في العراق، مثل نينوى ودجلة وعفريت والجزيرة، ومنها محافظات في سوريا، مثل بوكمال ودير الزور. ونقلت عن هشام الهاشمي، وهو محلل عراقي متخصص في شؤون تنظيم الدولة، أن “البغدادي اتخذ البعاج موقعا له؛ باعتبارها الأكثر تحصينا”.
وأضاف المحلل أن “أبا بكر البغدادي لم يعد بإمكانه التحرك في جميع المناطق الخاضعة لسيطرته، وأنه أصبح مضطرا للاختباء في مكان واحد مؤمن”، زاعما أن “زعيم تنظيم الدولة متواجد بمنطقة البعاج للعلاج، وذلك إثر إصابته خلال غارات للتحالف الدولي في آذار/ مارس الماضي”.
ونقلت الصحيفة عن البنتاغون، تأكيده لقيام التحالف الدولي في ربيع العام الحالي، بغارات على منطقة البعاج كانت قد استهدفت قياديا في تنظيم الدولة، كما نقلت عن المحلل هشام الهاشمي قوله إن “من الصعب جدا تعقب الجماعات المقاتلة، لأنهم يستعملون تقنيات تجعل من الصعب تتبعهم، بالإضافة إلى أنهم يستخدمون زوجاتهم ونسائهم لإيصال الرسائل، بدلا من وسائل الاتصال الحديثة”.
وأكدت “لوموند” أن طائرات التحالف وحدها تجوب سماء تلك المنطقة منذ 2004، ورغم ذلك؛ فقد فشل التحالف في السيطرة عليها، بعد أن راح العديد من الجنود الأمريكان ضحايا تلك العمليات، مشيرة إلى أن “قبائل هذه المنطقة لهم تاريخ طويل في تهريب الأسلحة والماشية والغذاء، وهي توصف بأنها قبائل صعبة المراس”.
وأضافت أن سكان المنطقة لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد تنظيم الدولة، منذ أن أعلن عن نفسه في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2014، بل فرح السكان بالمقاتلين وزوّجوهم من بناتهم. كما نقلت عن المحلل الهاشمي، الذي عاش في المنطقة خلال 2009، قوله إن “تصرفات وتقاليد سكان المنطقة مشابهة لقوانين التنظيم، من حيث التزام النساء بلبس النقاب، وإطالة الرجال لحاهم، ولبسهم القمصان، ومن حيث تسمية المواليد الجدد بأسماء متداولة لدى التنظيم، كمصعب وأسامة”.
وأفادت الصحيفة بأن الغالبية العظمى من السكان ترفض العمل لدى الحكومة، لأنهم يعتبرون أن الشيعة كفّار، وأكد الهاشمي إن “شباب قبائل المنطقة قد اعتنقوا الفكر السلفي منذ تسعينيات القرن الماضي، وإن أغلب الشيوخ والأئمة يتتلمذون في مدارس المملكة العربية السعودية، ما جعلهم يتأثرون بالفكر الوهابي” على حد قوله.
وبينت “لوموند” أن تنظيم القاعدة في العراق؛ أنشأ معسكرات للتدريب ومراكز دعوية منذ ظهوره في العراق، حيث أصبحت المنطقة اليوم موطنا لقادة التنظيم، ولمخازن أسلحتهم وذخيرتهم، “والعديد من دور الضيافة قد تم إنشاؤها لاستقبال المقاتلين الأجانب، كما أن المحافظة تقوم باستقبال قادة الكتائب المبايعين للبغدادي”.
وأكدت أن هذه الكتائب التي يبلغ عددها خمسا؛ يتراوح عدد المجندين فيها بين 300 و 500، مقسمة حسب الجنسية والتخصص، مشيرة إلى أن أكثرهم ولاء لزعيم التنظيم هي الكتيبة الليبية.
وأضافت الصحيفة أن الوحدة المختصة في حماية القادة تتألف من مقاتلين من دول الخليج والمغرب العربي، فيما تتمثل مهمة الكتائب المكونة من مقاتلي أوروبا الشرقية وآسيا؛ في جمع غنائم الحرب والضرائب، ونقل الأسلحة.
وقالت إن الكتيبة السورية تختص بحماية مقاطعة الرقة، بينما يعد “لواء تحرير الموصل” المتكون من عراقيين بنسبة 80 بالمائة؛ رأس حربة التنظيم.
وأفادت الصحيفة بأن تنظيم داعش قد خسر 19 قائدا، من أصل 43، منذ بداية ضربات التحالف في العراق وسوريا في آب/ أغسطس 2014، وأنه يضم الآن بين 100 و150 ألف مقاتل من العراق وسوريا، وقرابة 15 ألف أجنبي.
ونقلت عن هشام الهاشمي قوله إن “إحصائيات شهر شباط/ فبراير 2015 تقول بأن ما يقارب من خمسة إلى 10 أجانب؛ ينضمون إلى التنظيم يوميا”.
وفي الختام؛ أشارت صحيفة “لوموند” إلى أن المقاتلين الفرنسيين في صفوف التنظيم يبلغ عددهم 800، ويتواجد أغلبهم في سوريا، ويشغلون وظائف إدارية في الشؤون المالية والإعلامية وعمليات التجنيد.