أحمد الحباسى / تونس
أعلم أن الكثيرين لا يعرفون عادل الجبير ، و أعلم أنه لا يجوز الحديث عن النكرات ، لكن عادل الجبير و لئن كان يحتاج إلى تعريف فالتعريف الوحيد المتاح اليوم هو أن هذا الأهطل هو الامتداد الوقح لسعود الفيصل المعمر السعودي في وزارة الخارجية السعودية منذ ما قبل التاريخ و الذي توفى بجرعة مفرطة من اليأس و الإحباط بعد أن فشل مشروع النظام السعودي في الإطاحة بالرئيس الأسد ، يعنى أن السيد عادل هو أحد إفرازات اللقاح الاصطناعي بين الصهيونية العالمية و الفكر التكفيري الإرهابي السعودي ، و نتاج عملية كلوناج صهيونية قذرة مزجت بين الكراهية الصهيونية للعرب و الحقد السعودي على العرب أيضا ، و رغم أن سعود الفيصل قد مات كمدا و حسرة بسبب فشله في تنفيذ المؤامرة التكفيرية على الشعب السوري فان ” الأخ ” عادل يصر إلحاحا أو إصرارا كما يقول الفنان عادل إمام على المضي قدما في نفس الطريق العتمة الفاشل من باب معيز و لو طاروا .
يصر هذا الجبير على رحيل الرئيس الأسد إصرارا و إلحاحا ، و لا يرى طويل العمر من حل في سوريا إلا برحيل الأسد ، هذا مهم في فهم ما يدور في خلد الرجل و في فهم نوعية الرجال الذين يحكمون السعودية اليوم بعد رحيل عبد الله و سعود الفيصل ، هناك حالة من الاستنساخ لا يجدها المتابع إلا في السعودية ، لا يهم من يرحل لان من يأتي هو نسخة مطابقة للأصل من الراحل ، فالنظام ينتج نفسه بنفسه و يتناسل بنفس النسل و نفس الشبه و نفس التفكير ، لا أحد في نظام المافيا السعودي مسموح إليه بالتفكير خارج ” الإطار” التقليدي ، لذلك ابتكر السعوديون مصطلح “التقليدي” في وصف السياسة السعودية بما يقصد منه أن السياسة السعودية لا تتغير ليس من باب مفهوم الاستقرار في الخط بل من باب الأفكار المحنطة نفسها التي قام عليها فكر الوهابية و هي كراهية العروبة و العمل على حماية النظام من نفسه و من الخارج بالاستعانة باللوبي الصهيوني .
إما تنحى الأسد أو الخيار العسكري …. واضح و صريح و دقيق ، هكذا يوجز الأهطل الجبير الموقف السعودي من الصراع الدموي في سوريا ، هذا هو طريق الحل على لسان سعود الفيصل مكرر ، لا ينتبه هذا المغفل أن سلفه سعود الفيصل قد مات دون أن يتحقق هذا الحلم مع أنه قد جعل من نفس هذه العبارات خارطة الطريق الوحيدة التي طرحها على مجلس النعاج العربية و انتزع بموجب ذلك منها كارت أبيض قدمه للأمريكان لتبرير التدخل الغربي الصهيوني التركي في سوريا ، يتجاهل الجبير أن الرئيس باراك أوباما بجلالة قدره قد فشل في تنحية الرئيس الأسد و هو الذي رفع منذ بداية المؤامرة على سوريا سنة 2011 شعار ” الآن ” ( NOW) أي رحيل الرئيس الأسد الآن ، و هو الذي جلس من يومين فقط مع الرئيس الروسي بوتين لتدبير حل يحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية المسكوب في الدم السوري قابلا بأن يكون الرئيس الأسد جزءا من المحل و ليس جزءا من المشكلة كما كان يردد طيلة سنوات المجزرة السورية ، و حتى رئيس الإخوان التركي لم يقدر على معارضة الإرادة الأمريكية و بقى على الهامش ، فعن أي تنحى يتحدث الجبير .
أثبتت ” عاصفة الحزم ” السعودية على اليمن فشلها و فشل الخطط العسكرية الموضوعة لها من القادة السعوديين ، هذا الفشل المعلن يثير استهزاء كثير من المعلقين و المحللين في الغرب و في عدة عواصم عربية بالذات ، هذا الأمر يؤكد أن الملك سلمان كغيره من الملوك السابقين هو مجرد كومبارس مضحك يقود حاشية من المهرجين المرضى بداء كراهية العروبة و المقاومة ، لان قراءة المشهد الميداني في سوريا اليوم تؤكد أن التدخل الروسي الأخير قد قلب كل المعادلات الحالية سياسيا و عسكريا و استراتيجيا لصالح الجيش و النظام السوري ، و ما يحدث اليوم يشكل صدمة لحلف المؤامرة المنفذ لعملية البحث عن إسقاط النظام السوري و نقلة نوعية في العلاقة الإستراتيجية السورية الروسية التي تحدث عنها الرئيس بشار الأسد في تصريحه الأخير و السيد حسن نصر الله في حديثه لقناة المنار و السيد وئام وهاب الوزير اللبناني السابق في برنامج ” بموضوعية ” على قناة م. تى .في يوم 25/9/2015 .
من المعلوم للمتابعين أن التكرار لا يعلم الفكر الحمار ، الفشل السعودي في سوريا لم يعلم الجبير و أمثاله بل أنتج فشلا سعوديا مماثلا في اليمن ، و حين يهدد الرجل بالحل العسكري في سوريا فهو يكشف عن فكر سياسي ضحل و عن رؤية سقيمة للوقائع على الأرض و عن عدم القدرة على القراءة الصحيحة للتحولات الدراماتيكية الجارية على الساحة السورية و الإقليمية ، فتسخير القوات السعودية لكل قدراتها العسكرية المسنودة صهيونيا و مصريا و إماراتيا و سودانيا و استعمال الأسلحة الفسفورية المحرمة دوليا لم يعط أية نتيجة تذكر رغم الفارق في القدرات التسليحية بين الطرفين ، فهل تملك السعودية القدرة على فرض رحيل الرئيس الأسد باستعمال قدرتها العسكرية الضحلة التدريب الفاقدة للعزيمة ،و هل تستطيع السعودية انجاز ما عجزت عنه تركيا و الحلف الأطلسي مجتمعين ، و هل يمكن للطيران السعودي أن يحلق في السماء السورية دون إذن من القيادة الصهيونية الأمريكية الرافضة لمثل هذا اللعب بالنار و حركات العيال ، هل سيقدر النظام على الحراك خارج الإرادة الأمريكية التي تبحث اليوم ” الخروج الآمن ” من المستنقع السوري بعد أن كانت تعرض على الرئيس بشار الأسد الخروج الأمن ، هذا ما لا يفهم الأهطل السعودي ، و فهمه الحمار التركي و قبله الحمار القطري ، و لله في خلقه شؤون .
بانوراما الشرق الاوسط