الرئيسية / ثقافة وادب / “رسالة الى يزيد” .. قصيدة الشاعر الخالد بدر شاكر السياب القاها في ثانوية العشار في البصرة في ليلة العاشر من محرم سنة 1948

“رسالة الى يزيد” .. قصيدة الشاعر الخالد بدر شاكر السياب القاها في ثانوية العشار في البصرة في ليلة العاشر من محرم سنة 1948

بدر شاكر السياب

في ليلة العاشر من محرم سنة 1948 القى شاعر العراق الخالد بدر شاكر السياب قصيدته “رسالة الى يزيد” في ثانوية العشار في البصرة في حشد ضم اكثر من الف و خمسمائة مستمع

إرم ِالــســماء بـنـظرة ِ اســتـهــزاءِ .. واجعل شــرابكَ مــن دم الاشـــلاءِ
واسحق بظلـّكَ كل عـِرضٍ ناصعٍ .. وأبــِحْ لنـَعـلـكَ اعــظـُمَ الـضـُـعـَـفاءِ
وامـْلأ ْ سراجكَ إنْ تـَـقـَـضـّى زيتهُ .. مـمـّـا تــدرّ ُ نــواضـِـبُ الاثـــــــداءِ
واخـلـعْ عـلـيـهِ كـما تشــاءُ ذبـالـــةً .. هـُـدُبَ الرضيـع ِ وحـِلـْـمـَة َ العذراءِ
واسدرْ بغـيـِّـكَ يا يـزيـدُ فـقـد ثــوى .. عـنـك َ الـحُـســَـينُ مـُـمَـزّق َالاحشاءِ
والليل ُ أظـلـَم َ والقطيع ُ كـما ترى .. يـَرنو إلـيـكَ بـأعـــْـيُـــن ٍ بــلـْـــهـــاءِ
وإذا اشتكى فمـَن المغيث ُ وإنْ غـفا .. أيــن الــمـُهيبُ به ِ الــى الــعـَـــليــاءِ
مَـثــّـلـْتُ غـدْرَكَ فاقـشـَـعـرّ لـِـهـَـوْلهِ .. قـلـبــي وثــارَ وزلــزلــتْ أعضائي
واستقطرت عيني الدموع ورنـّـقت .. فـيـهـا بـقـايـا دمــعـةٍ خـــرســـــــاءِ
أبصرتُ ظـِـلـّـكَ يـا يـزيـــدُ يـرجـــّـهُ .. موجُ الـلـهيـبِ وعاصـفُ الانــــواءِ
رأسٌ تـكـللَ بالخـنى، واعـتـاض عن .. ذاك النــُـضـار بـحـيّـةٍ رقـــطـــــــاءِ
و يـدانِ مـُوثـَـقـَـتـانِ بالسوط الـذي .. قد كان يــعبـثُ امــسِ بالأحـــيـــــاءِ
عـصـَـفــَتْ بيَ الــذكرى فألقتْ ظلـّها .. فـي ناظــريّ كــواكبُ الصــحــــــراءِ
مـبهـورةَ الاضـواء يغـشى وَمْــضها .. اشــباحُ ركـْـبٍ لــجّ فــي الاســــراءِ
أضـفى عـلـيه ِالليل سـِتـْرا ًحـِيكَ .. من عـُرف الجـِنان ومن ظـِلال (حـِـراءِ)
أســرى، ونــام َ فـلـَيسَ إلا ّ هـمـسة .. باسـْـم الـحـُـسـَينِ وجهشةُ استبكاءِ
تلك ابنة الزهــراء ولـهـــى راعـَـــها .. حـُـلـُـمٌ الـَـمّ بـها مـــع الــظــلـمــــــاءِ
تـُـنـْـبي أخــاها وهـي تـُـخفي وجهها .. ذعـْـرا، و تـلوي الجــِـيدَ في إعــياءِ
عن ذلك الســهل الـملـبــّد .. يــرتـمي .. في الافق مثل الــغيــمةِ الـــســـوداءِ
يـكـْـتَـظ ّ بالاشـباح ظـمأى حشرجتْ .. ثـُمّ اشـــرأبــّـتْ في انتــظـــار الــماءِ
مـفـغـــورة الافـــواهِ الا ّ جــــــثــّـــة ٌ.. من غــير رأسٍ لــُـطـّــخـتْ بـدمــاءِ
زحــَـفـَتْ إلى مـــاءٍ تــراءى ثـم لــم .. تـبـْـلـُـغـْـهُ فانكــَـفأتْ علـى الـحصباءِ
غـَيرُ الـحـُـسـَـينِ تـصـدّه عـمّـا انتوى .. رؤيا .. فـكـُـفـّـي يا ابنة َ الــزهـــراءِ
مـن للـضـِـعاف إذا استغاثوا والتظـَتْ .. عـيـنا ” يـزيـدَ ســوى فـتى الهيجاءِ
بـأبـي عـطــاشـا لاغبينَ ورضــّـعـــا .. صـُـفـْـرَ الوجـوهِ خـمـائصَ الاحشاءِ
أيدٍ تـُـمـَـدّ إلى السـمــاءِ وأعــــيــــــنٌ .. تـرنـو الى الـماء الــقريب الــنـائـــــي
عـزّ الــحـُـسـيـنُ وجلّ عن أن يشـتري .. ريّ الـقــلــيل بـخـطـةٍ نــكــــــــــراء