الرئيسية / مقالات / فرنسا وبداية تصحيح الخيارات

فرنسا وبداية تصحيح الخيارات

بشرى الفروي / لبنان

بعد سنوات عدة من استخدام قوى عالمية ادوات التوتير والتصعيد وصولا لدعم الإرهابيين بهدف إخضاع الدولة السورية ، يبدو انها بدأت باستيعاب أن سوريا بصمود شعبها وجيشها وقائدها لا تغير من مبادئها، وقد أتى الدعم من أصدقاء سورية الحقيقيين ليبدد أحلام طغاة العالم ويجعلها هباءً، ويجبر صناع السياسة لهذه الدول على الاستدارة وتصحيح خياراتها.
إن فشل السياسة الفرنسية دفعت سياسييها لاستدراك مخاطر الاستمرار بهذا النهج، فالتطورات في ساحات المعارك على الأرض لمصلحة الدولة السورية أعلنت عن بدء رحلات الحج السياسي الى العاصمة دمشق والإنصات للرئيس الاسد، فقد جاءت زيارة الوفد النيابي الفرنسي لدمشق مؤخراً والتي حصلت بموافقة ضمنية من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، فهو اعتراف ضمني بصوابية القرار السوري وفشل الرهان الفرنسي.
الرئيس السوري بشار الأسد قال خلال لقاء جمعه بالوفد البرلماني الفرنسي برئاسة جان فريدريك بواسون رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، إن فرنسا «تدعم الإرهاب وتوفر الغطاء السياسي للتنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة»، واعتبر الأسد أن «السبب الرئيسي لمعاناة الشعب السوري هو أولاً الإرهاب، وما نجم عنه من تدمير للعديد من البنى التحتية الأساسية، وثانياً الحصار الذي فُرض على سورية، ما أثر سلباً على معيشة المواطنين والخدمات التي تقدّم إليهم في مختلف القطاعات، وخصوصاً القطاع الصحي».
وأشار الرئيس الاسد إلى أهمية دور المؤسسات الفرنسية وفي مقدمتها البرلمان في تصحيح سياسات حكومة بلدهم الحالية لتعمل من أجل أمن واستقرار منطقتنا وهو ما يخدم في النهاية مصالح الشعب الفرنسي.
أعضاء الوفد البرلماني أبدى أهمية كبرى لدور وسائل الإعلام ووصفها بالمضللة بعدما تبيّنوا وضعاً مغايراً للواقع في سورية وأشادوا بالعملية السياسية التي تتبنى الحوار بقيادة الرئيس بشار الاسد.
وأكد بواسون رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي أن «الحل السياسي في سورية يمر بالضرورة عبر الحوار مع الرئيس السوري الحالي والمنتخب من قبل الشعب السوري»، مضيفاً أن السياسة الفرنسية «فقدت وزنها في المنطقة»، ودعا إلى تبديل التحالفات قائلاً: «سنُخبر الشعب الفرنسي بوجود سياسات وتحالفات مختلفة يمكن أن تحقق مصالحنا، لكن طالما تمضي الحكومة الفرنسية برفقة السعودية وقطر فهي لن تحقق شيئاً».
فرنسا التي ارتضت التبعية للسياسة الأميركية في محاولة تحقيق مكاسب وحلمها بأمجاد ماضيها الاستعماري كانت رأس حربة في مواجهة السياسة السورية، إضافة لدعمها الجماعات المسلحة في سعيها لوصول الاخوان المسلمين الى الحكم وتوفير الغطاء السياسي للجماعة، بتزعّمها حلفاً ضمّها مع تركيا و قطر، مما أفقدها الدور الريادي كقوى عظمى فإن غياب باريس عن اجتماع فيينا والذي بحثت فيه أكثر الملفات الأمنية والسياسية سخونة في المنطقة، حيث يجتمع الروسي والأميركي والسعودي والتركي لبحث شؤون سورية، فإن ضعف الدور الفرنسي هو أيضاً نتيجة مواقفها المتعنتة خلال اجتماعات الدول الست مع إيران ودورها في محاولة عرقلة الاتفاق النووي، بالإضافة لانكشاف دورها في جعل ليبيا من الدول الفاشلة.
سورية بصمودها أفشلت سياسات الحلف الأميركي ومهدت الطريق لروسيا لأخذ دورها الريادي في المنطقة والعالم وجعلها تملك مفاتيح الحلول في المنطقة، وكان من آثار التحالف مع سوريا وإيران أن استرجعت مكانتها بحلف يواجه أطماع واشنطن. ففي البداية كان الدعم الروسي للدولة السورية في مجلس الأمن ودخول السياسة الروسية على خط البحث عن حلول للأزمة السورية من خلال الالتقاء بالمعارضة السورية والتمهيد لمفاوضات جنيف، ومن جهة أخرى دعم الجيش السوري في محاربة القوى الإرهابية.
فهل زيارة أعضاء الوفد البرلماني الفرنسي الأخيرة سترسم معالم استدارة فرنسية تعيد حساباتها وتعترف بصحة وصوابية السياسة السورية وفشل السياسة الفرنسية؟

البناء