الجمعة 13 . 11 . 2015
معمر حبار / الجزائر
حدّثني زميلي الأستاذ معمر عيساني Maamar Aissani، لزيارة المعرض الدولي للكتاب المقام بعاصمة الجزائر 1436 هـ -2015، فوافقت على الفور. وعبر جلسة في أحد مقاهي وسط مدينة الشلف، عرض علي البرنامج المتبع عبر الرحلة، فتم الاتفاق عليه وعلى موعد الرحلة.
الساعة 05 و 30 دقيقة صباحا، أنا الآن في الساحة المخصصة لسيارات الأجرة المؤدية لمختلف ولايات الوطن، لكن تأخرت الحافلة بساعة من الزمن، كانت كافية لنصلي صلاة الفجر مع محمد عبد الفتاح مقدود و الأستاذ بكلية الرياضة البدنية محمد بويلف، وصاحب الكتب المنشورة، ثم لحق بنا الأستاذ عبد الله محمدي بوزينة رفقة إبنته الشاعرة إكرام محمدي بوزينة. كانت فرصة لتناول فنجان قهوة، وتبادل الحديث حول جملة من المواضيع منها..
ضرورة كتابة التاريخ اليومي المرء الذي يعيشه المرء، كأن يتحدث المرء مثلا عن رحلته إلى المعرض الدولي للكتاب التي يقوم بها حاليا، وتبقى جزئياتها فيما بعد للأجيال القادمة. وما يتركه المرء من الكتابة اليومية، يبقى لما بعده وثيقة تاريخية، يعتمد عليها في معرفة الأشخاص والأماكن والظروف والحكم والأقوال، الخاصة بتلك الفترة التي مرّ عليها سنوات وعقود، وأصبحت ماضيا بالنسبة للذي لم يعشها ولا يعرف عنها، إلا من خلال الأوراق اليومية التي كتبت وتركت، ثم يأتي دور المؤرخ الذي يحلل وينتقد ويقارن ويستخلص ويأخذ ويرد.
وفيما يخص الوسائل الإعلامية القديمة كالجريدة والجديدة كالشبكة العنكبوتية، قال أحد الحاضرين، إن الشبكة العنكبوتية ألغت كل قديم. فكان لزاما من التدخل لتوضيح الفكرة، فجاء فيها..
الوسائل الإعلامية لا تلغي بعضها بعضا، بل تدعم بعضها بعضا. ويكفي أن صاحب الأسطر ما زال يحنّ للمذياع ويفضّله على جميع الوسائل الإعلامية، بل يرى أن الجريدة ذات الحجم الكبير، أفضل بكثير من الجريدة الحالية ذات الحجم الصغير، لأن جاذبية تشده إليها منذ الصغر.
ركبنا الحافلة واتجهنا نحو العاصمة، باعتبار أن الحافلة تتوقف في عدّة أماكن لنقل الزملاء. أخذ الشباب الصغار أماكنهم في مؤخرة الحافلة، والكبار تركت لهم الأماكن الأولى، لأسباب تتعلق بنفوس الشباب الطيبة الكريمة.
أقول للصحفي الشاب مصطفى تلملوت Samir Tamaloult.. حاول أن تنقل صورة حسنة عن ولايتك والجزائر، وتجنب الصدام، ولا تكن ألعوبة الكبار، ولا تمل لأحد ضد الآخر. ونصحته أن لا يركز الآن على الجانب المالي، بقدر ما يركز على التدوين والكتابة، والحصول على رصيد لغوي ثقافي، يمكّنه من مواصلة طريقه الشاق.
يتدخل قائد الرحلة، الأستاذ Maamar Aissani، فقد كان نشيطا متحكما في البرنامج المسطر، لطيفا بالزملاء، يستشيرهم في الصغيرة والكبيرة، ويأخذون بنصائحه ويبادلونه الاحترام كلّه.
وزع معمر عيساني ورقة لكل زميل، يكتب فيها الإسم واللقب وتاريخ ميلاده ووظيفته ويكتب كلمة حول الرحلة ويريد نقلها للزملاء. وبعد جمع الورق، تم إعادة توزيع الأوراق من جديد، بحيث لا يقرأ أحدنا ورقته بل يقرأ ورقة زميل آخر، وحين يصل لاسم صاحب الورقة، يشير إليه على أنه صاحب الورقة. والقصد من هذه التسلية هو معرفة الزملاء بعضهم بعضا جيدا.
ومما كتبته في الورقة: “أحلى ما في هذه الرحلة، الالتقاء بزملاء الصفحة الذين ألتقي بهم لأول مرة، حيث تبادلنا الآراء حول مختلف المواضيع، واللّقاء المباشر من عوامل الإبداع والصدق والإخلاص”. وقرأ ورقتي الأستاذ الأديب صاحب الصوت الرخيم مجاهد حسين صدام Saddam Housseyn Medjahed.
مع الكاتب بن زخروفة محمد.. يهديني روايته “رحلة شفاء” بخط يديه في جزئيها، بعدما قرأت الجزء الأول، وطلب مني عدم التعليق عليها حتى يقدم لي الرواية في جزئيها، وهو ما كان فعلا.
أقول للروائي الشاب بن زخروفة محمد : حاول أن توظف دراستك العلمية بجذع المشترك بالعلوم والتكنولوجيا في رواياتك وتوجهك الأدبي، لتعطي لرواياتك طابعا علميا. فمالك بن نبي إستطاع أن يوظف بإتقان دراسته الهندسية في مشروعه الحضاري والفكري، لذلك جاءت كتبه رفيعة مميّزة.
تحدّث الزميل خالد جعفر، فقال.. لا أحب أن أكون رأسا، لأن الضربة الأولى تقع على الرأس. ثم تحدّث عن مساوئ إتحاد الكتاب الجزائريين، واعدا المهتمين بتغيير رئاسة الاتحاد، وطرح إسما يعرفه كل أصحاب الرحلة.
الأستاذ كرفاح.. يعتبر أكبرهم جميعا، إتّسم بالهدوء والوقار وحسن الإلقاء وجمال النصيحة والصدق فيها، ومما جاء في كلمته..
تكوين نص، يحتوي على النثر والشعر والخواطر حول الرحلة، باللغة العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية، ثم جمعها في كتاب.
ثم أشار أحد الزملاء، بفكرة عنوانها ” البحث عن الموجود”، وكل يبحث عن الوجود بطريقته، وعبر الميدان الذي يحسنه، ويعبّر عنه بسطر واحد. وقد أحسن الجميع في اختيار السطر البديع المختصر. وقد قلت: “حين تكتب وتقرأ، فإنك تضيف في وجودك”
يعقب الأستاذ امحمدي بوزينة، وهو أستاذ مكون في الجمارك، قائلا: أتمنى أن أموت في القسم مع طلبتي، باعتبار أن كل إنسان يريد أن يموت في الجهة التي يحبها
ألقى بعدها الزميل يحي، مقطعا باللغة الفرنسية، وأحسن في الأداء وطريقة الإلقاء.
ألقى الزميل صدام Saddam Housseyn Medjahed، صاحب الحنجرة الذهنية والجسم المتزن وفضاحة اللسان والبلاغة في التعبير، رفقة الزميل يوسف لخمي
، والزميل خالد، قصيدة جاء فيها:هو الحبيب الذي ترجى شفاعته.
وألقى بعدها الزميل يوسف لخمي، قصيدة جزائرية ، مطلعها:
مولانا، مولانا، سبحان مولانا..
دعوني، دعوني، أجيب حبيبي.
وكان الأداء رائعا متناسقا، أضفى على الرحلة متعة وجمالا، كانت ضرورية لمواصلة سير الرحلة، فشكرا لهؤلاء الشباب على الصوت الحسن، والكلمات العالية المختارة.
بما أن الرحلة ضمّت عددا كبيرا من العزاب، أنصحهم قائلا: أسرعوا بالزواج، حتّى إذا إنحنى منحناكم بسبب التقدم في السن، وجدتم الولد يقيمكم لكي لا تسقطوا، وتعيشون معه من جديد الحيوية والشباب، يسهل عليك تبادل الأفكار مع إبنك واللّباس، وغير ذلك مما يسهل نقله وتبادله بين الوالدين والأبناء.
داخل المعرض.. لقد خصصت مقالا عن ما لفت إنتباهي داخل المعرض بعنوان ” المعرض الدولي للكتاب.. ملاحظات عابرة”، يمكن الرجوع إليه، وسأخصص هذه الورقة للكتاب الذين إلتقيت بهم في المعرض، وهم في الأصل زملاء الصفحة..
معمر البودالي.. إلتقيت به لأول مرة، كان طويلا عريضا، يتحدث بهدوء. تكاثر المعجبون وخاصة المعجبات حوله، فحرمونا الجلوس إليه، فكان لقاء باردا قصيرا، خيّب الآمال ، لم يكن في مستوى الطموح وما كنا نحمله من صورة عن زميلنا القدير معمر بودالي .
نسرين بن لكحل.. لأول مرة ألتقي بالزميلة الأديبة نسرين بن لكحل. كان اللقاء قصيرا جدا، فقد كانت مشغولة بزوار الذين يزورون الجناح الذي تبيع فيه كتابها “عروس الملح” بالتوقيع.
قلت لها ناصحا: حاولي أن لا تردي على المعاكسين لك، وفجري غضبك عبر الأحرف والأسطر. وأشهد لها بحسن الاستقبال الحار، الذي ينم عن صدق وصفاء وإخلاص، فتحية تقدير للأديبة نسرين.
مع المهتم بالتاريخ.. ألتقي في ساحة المعرض، بطالب مهتم بالشؤون التاريخية، وبعدما تبادلنا النقاش حول جملة من القضايا، كنت السّامع الجيد لما أدلى به من معلومات مهمة جديدة مثيرة، عقبت قائلا..
أكتب عن غير حقد، ولا حسد، ولا تقديس لشخص، ودون أن تكتب لجهة ضد جهة. وذكرت الأستاذ الأمريكي مايكل هارت في كتابه “العظماء المائة”، حين عدّد 100 شخصية، ووضع على رأسهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون النظر إلى دينهم، ولا ثقافتهم، ولا لغتهم، ولا قربهم أو بعدهم منه، بدليل أن أوربيين وأمريكيين من كبار الشهادات العلمية وأصحاب جائزة نوبل، عرضوا عليه أن يضعهم ضمن الـ 100، وطالبوا منه أن يضع أيضا أوربيين آخرين، لكنه ظلّ يرفض الطلب، قائلا لهم..
كل ما قمت به أني وضعت جملة من المقاييس دون تحيز، فتحصل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحسن معدل، وكل تحصل على ر تبته ومكانته بقدر المعايير التي نالها.
وفي آخر الرحلة تم تسجيل مقطع لثلاثة من الزملاء، سينشر عبر الحصة التي ستعرض لاحقا. وقلت كلمة ، جاء فيها..
“الحضارة ذلك الكل، الذي يجمع الطموح العالي والقدم الراسخ، بما يملك من..
ماضي يغذيه، وحاضر يدفعه، ومستقبل يدفعه”
العودة إلى الديار.. كان من المفروض أن نعود للديار على الساعة 04 و30 دقيقة عصرا، إذ بالرحلة تتأخر في حدود الساعة 08 ليلا. وصلنا للديار على الساعة 10 ليلا.
كان سائق الحافلة في غاية الغضب وسوء الأدب، لم يراعي مشاعر الزملاء الذين يسكنون خارج وسط المدينة، فكان سببا في إزعاجهم، وهم في غاية الإرهاق والتعب، وقد طلبت
من الزميل معمر عيساني، أن لا يكون هذا السائق رفيقنا في الرحلة القادمة إن شاء الله.
كانت محطتنا النهائية بمحطة متوسطة طريق وهران المؤدية إلى الشرفة، رفقة الزميل الطالب محمد عبد الفتاح وزميلي عبد القادر حاج الشريف. إنتظرنا بعض الوقت في العراء، فتوقفت أمامنا سيارة قديمة فحملت كل واحد إلى بيته، لينام ويستريح من يوم شاق متعب، لكن تصفح معرض الكتاب والرفقة الطيبة التي كان لنا شرف التعرف عليها، خفّفت من وعثاء السفر وطول الطريق، تحية لكل من ساهم في نجاح هذه الرحلة، في انتظار رحلات أخرى، إن شاء الله تعالى.
وسلامي الحار لكل الذين شاركوا في الرحلة إلى المعرض الدولي للكتاب، وكانوا سببا في نجاحه، وهم..
معمر حبار – معمر عيساني – المصور ميلود شبلي – مقدود عبد الفتاح – بن زخروفة
محمد – يوسف لخمي – قانيت محمد الأمين – محمد بويلف – صدام حسين مجاهد مصطفى زياتين – كرفاح للطيب – هاجر عبد الباقي وأختها رفيقة عبد الحميد رولامي – أحمد ملياني – خالد جعفر- عبد المالك فلاحي- سمير تملولت
سفيان البراهمي – يحيى باشا – عبد الله محمدي بوزينة- إكرام محمدي بوزينة.