الاثنين 30 . 11 . 2015
معمر حبار / الجزائر
حين انتهيت من قراءة كتاب “عروس البحر”، كتبت على الفور عبر صفحتي..
على الساعة 23 و 05، أنتهي من قراءة كتاب “عروس الملح”، للأستاذة الأديبة نسرين بن لكحل. سجل القارئ على هامش كل صفحة تقريبا، ملاحظاته الشخصية الرقيقة منها والقاسية، وكثير من الحكم التي أعجب بها. بداية موفقة تحتاج لكل التشجيع والثناء، يسعى القارئ في الأيام القادمة بإذنه تعالى، أن يفرد لها أسطرا مما استطاع أن يقف على أسراره.
وها هو القارئ يفي بوعده، عبر الحلقة الثانية، وهو يتصفح 103 صفحة من “عروس الملح”، للأستاذة نسرين بن لكحل، الذي طبعته دار الروائع للنشر، سطيف، الجزائر، الطبعة الأولى 2015.
تتحدث الأستاذة نسرين عن نفسها، فتقول: “نسرين بن لكحل من مواليد1986 حاصلة على شهادة ليسانس في علوم الاعلام و الاتصال، شاركت في عدة أمسيات أدبية في دار الثقافة بمدينة تبسة، و لها عدة نصوص و مقالات نُشرت في مجلات و مواقع إلكترونية و جرائد ورقية جزائرية و عربية، بالإضافة إلى نصوص مذيلة باسمها ضمن كتاب وجدانيات المنبثق عن البرنامج الاذاعي حديث الوجدان، و أصدرت كتابها الأول بعنوان عروس الملح و يضم مجموعة نصوص و ومضات قصيرة متنوعة المواضيع.”.
تطرقت الكاتبة لمواضيع شتى، يمكن حصرها في الحب بحلاوته وقساوته، وأثر فقدانها للأم، وقتل الجنود الجزائريين ليلة عيد العيد، ومعاناة فلسطين خاصة أيام القصف الصهيوني الذي لم تشر إليه صراحة لكن المتتبع للأحداث يومها يدرك ذلك جيدا، ومعاناتها مع الكتابة ودعوتها للكتابة مهما كانت الظروف، والصدق الذي تدعو إليه، والخيانة التي تحذر منها.
المواضيع التي تطرقت إليها الأستاذة عادية جدا، يتطرق إليها الكتاب يوميا وباستمرار، لكن اللغة العربية المستعملة، واختيار الكلمات ودقة الوصف، وحرارة الصدق، هي التي ميّزت “عروس الملح”. فالخلاصة التي يقف عليها القارئ، كيف يمكنك أن تكتب عن موضوع عادي جدا، بلغة صافية قوية.
تتحدث بقساوة صادقة عن المرأة، وهي المرأة العارفة بشؤون النساء قراءة وممارسة ، فتقول في صفحة 23 “محال.. محال لهذا الضلع أن يستقيم..”، ونفس النظرة تنقلها في صفحة 79، حين تؤكد ” والويل من حقدهن، لامأمن منه إلا هنّ..”.
كتب القارئ على هامش صفحة 103 وهي آخر صفحة من الكتاب.. ” تدل آخر صفحة على نظرة الكاتبة للكتابة. وفي الحقيقة النصائح التي تقدمها للقارئ، هي رسم لذاتها وممارستها للكتابة والنظر إليها”، واقرأ إذا شئت في نفس الصفحة، قولها: “نصّك أنت فميّزه بأسلوبك واجعل حرفك هويّتك” و “حين تكتب كن حرا من هواجس القارئ، واكتب بما تؤمن به..”.
تتحدث كثيرا عن فقدانها لأمها، فتقول في صفحة 46: “عداها كلّ الأحضان صقيع”. وتقول: “طالما هي معي فللقلب ذخر فخر، وحفنة أمنيات”. وتخصّص فصلا لأمها بعنوان “مداد سكب لأجلها”، عبر صفحات 51-56. وهي لا تخفي تأثرها بالأم، بل تظهره كلّما استلزم المقام ذلك وتفتخر بتأثرها، وعبر عدّة صفحات من الكتاب. وكمثال على ذلك تقول في صفحة 78 ” علّمتني جدّتي أن الذي لايربيه قلبه فلن تنفعه الوصايا “.
وحين وصل القارئ صفحة 27، كتب عبر صفحته: أنا الان في صفحة 27 من قراءتي لكتاب “عروس الملح”، للأستاذة الأديبة نسرين بن لكحل.. عبارات قوية مباشرة. بلاغة لسان. واختيار كلمات بدقة. وحزن شديد حتّى وهي تعبّر عن أرق أحاسيسها مع الطيف الذي يراودها، والأحلام التي تتمناها، وتخشى عدم تحقيقها.
وأجاب أحد المعجبين بأسلوب الأستاذة ويتمنى التعرف إليها أكثر، فقال له.. ماكتبته عبر كتابها “عروس الملح”، أقوى بكثير مما تكتبه عبر صفحتها. وفي نفس السياق، كتب القارئ على هامش صفحة 98 من الكتاب.. ” أتابع الأستاذة عبر الصفحة، لكني أعترف أني وقفت على مستواها العالي لأول مرة وأنا أقرأ لها “عروس الملح” “.
لم يوفقها الحظ في استعمال مصطلح “لئيم” و “خسيس” عبر صفحة 61، وتمنى القارئ لو استعملت غيرهما وهي الأديبة الفصيحة، التي تحسن إختيار ألفاظها. وعذرها في ذلك يعود لكونها من مواليد 1986، وأنه أول كتاب ينشر، وكانت تكتب بانفعال شديد، ظهر جليا عبر صفحات الكتاب، خاصة وأن الكتاب ألفته في نفس تاريخ النشر جويلية 2015.
كتب القارئ على هامش صفحة 78.. “هذه الحكم تذكرنا ببداية المشوار، وهو ماشدني إلى الكتاب”. والكتاب ضم جملة من الحكم المتناثرة عبر صفحاته، وزادها جمالا اللباس العربي الأصيل الذي ألبسته الأستاذة أحرفها، باختيارها للكلمة المناسبة واللغة السليمة، فكانت الحكم المتناثرة التالية..
17: الكتابة جرح نازف، ملح نذره على الذاكرة، فضاء فسيح وصرح لا تصله هامة الفزع.
19: للجبن أياد حين تخاف تمتد إلى بعضها فتخنقها حذر الموت.
20 الصدق في زمن الرياء بطولة
20 سنقول لفلسطين كل حديث عن سواك باطل
31 الحرف يصلح أن يكون شاهدا على الحياة بعد الموت
33 الحب حمائم لم تخلق للقنص
39 الحلم لايراود كل عين أغمضت الجفن
40 لاأخاف من الموت لأني أعيشه يوميا
45 إنّني مامتّ أبدا، بل أنا على قيد الحياة كذ كتبت عنّي.
49 حين نعجّل بالهمّ نكتشف أنّنا غادرنا الحياة قبل الأوان
60 جبروت المرء لا محالة، وسذاجته تسرّع في هلاكه
62 أتركه لحقده، إنّه يعجّل هلاكه
62 تقول الوردة للشوكة: لم يمنعهم وجودك من قطفي، وتقول الشّوكة للوردة: وجدت لأحمي نفسي
64 تحترق الجمرة لتدفئك، لكنها لا تمنحك قلبا دافئا
66 من وصايا اللّيل: لاتذنب نهارا
67 ينتعش العقل بالتفكير، ويتجمّد بالتفكير
71 لا يخاف الأعمى من العتمة، لأنه لا يعرف سواها
72 النبض أصدق
73 الحذاء الجيد لايمنعك من التعثر
73 لاتسأل عن طول المسافة، بل أحسن اختيار الرفيق
76 جرّب أن تسخر من همومك وامض
76 فقط كن أنت
80 تحرّر من هواجسك وانطلق
80 من يشارك الآخرين حياتهم يستحق ألف حياة
81 لايكفي أن تصنع طعاما طيّبا وتضعه في إناء متّسخ
82 لولا الكتابة لفقدنا بعد صوتنا القدرة على الحياة
85 الحب لايبني إنّه يهدم أيضا
96 بعض الحروف شفا
99 كن صادقا معي لأراك بوضوح
100 بعض العثرات لاتدمي القدمين لكنّها تربك الطّريق المستقيم
101 كل نبضة تضاف إلى رصيدك في الحياة هي مكسب وغنيمة