الرئيسية / مقالات / مرة أخرى الوحدة والشرعية الديمقراطية خير من الشرعية الثورية
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

مرة أخرى الوحدة والشرعية الديمقراطية خير من الشرعية الثورية

الاثنين 30 . 11 . 2015

محمد ضياء عيسى العقابي

خطاب مفتوح الى أطراف التحالف الوطني:
في مقالي المعنون ” لماذا عراك سياسيَّيْن أشد خطورة من تسليم الموصل والرمادي لداعش؟”(1) وردت الفقرة التالية:
“3- ألوم وأنتقد بشدة جميع قيادات أطراف التحالف الوطني بسبب عدم عقدهم الاجتماعات المتواصلة والمعمقة والمطوَّلة لوضع استراتيجيات موحدة مع رسم خطوات عمل مناسبة لبلوغ الأهداف وعلى رأسها إستكمال بناء دولة المؤسسات وتحقيق العدالة الإجتماعية، خاصة وأنهم ومعهم العراق وديمقراطيته يواجهون كمّاً هائلاً من الأعداء المتنوعين من دول عالمية وإقليمية وجماعات محلية من طغمويين وبرزانيين وفاشلين يميناً ويساراً (بالإدعاء)، وبمجموعهم يتمتعون بقدرات إرهابية وتخريبية ومالية وإقتصادية وإعلامية وحذلقية هائلة تمتد بين الداخل العراقي مروراً بالمنطقة وصولاً الى العالم الإمبريالي الواسع.”
وجدت من المناسب إعادة نشر خطاب مفتوح الى قادة أطراف التحالف الوطني مع تعديلات بسيطة ولم أنشره في حينه سوى بصحيفة إلكترونية واحدة. جاء في الخطاب:
نقلت صحيفة “الصباح” الرسمية عن مصدر مقرب من الدكتور العبادي قوله، إن “عزم العبادي المضي في تلك الاصلاحات نابع من الشرعية الثورية او الدستورية الثورية وتفويض الشعب والمرجعية العليا له”.
أقول:
إن الشرعية المدعومة بوحدتكم الشعبية والبرلمانية خير من الشرعية الثورية.
لا تُقدموا على خطوة “الشرعية الثورية” وما ماثلها من المسميات كـ”الديمقراطية الموجهة” و “الديمقراطية الثورية” و “حكم أهل الحل والعقد” وغيرها من المسميات التي قد يزيّنها البعض لكم لجهلهم أو لتوريطكم. إنه فخ لكم. إعتصموا بما طرحته المرجعية منذ سقوط النظام البعثي الطغموي(2) في 2004 وأكدته عام 2008 وعادت وأكدته يوم 10/8/2015. إلتزموا بالحكم المدني والديمقراطية حسب المعايير الدولية وكما هو قائم الآن بعد أن نجا من معوقات هائلة وبعد جهد جهيد وتضحيات سيفخر بها التأريخ ويسجلها لصالحكم. فحافظوا على ما تحقق من الديمقراطية وطوّروها بدءاً بإسقاط الطائفية والمحاصصة والفساد وطرحها جانباً بإستخدام مبدأ الأغلبية البرلمانية وذلك بعد أن أفلس رؤوس الفساد أي الطغمويون وسادتهم الأمريكيون والأردوغانيون وآل سعود والقطريون الصغار وكانوا رأس العرقلة والفساد بهدف الهيمنة على مقدرات العراق. لقد ضحى الشعب كثيراً جداً في سبيل هذه الديمقراطية وهي أساس متين ومصدر قوة للعراق الجديد وقد قطعتم أشواطاً مرموقة في تثبيت أركانها ودرء أخطار أعدائها الكثيرين عليها وعنها. لذا يتوجب عليكم إستكمال مؤسساتها لا الإطاحة بها أو تشويهها. لقد إستشهد وجرح من العراقيين الأبرياء في سبيلها منذ 2003 أكثر من (150) ألف شهيداً وأكثر من نصف مليون مواطناً.
إعلموا جيداً، إن أخذتم بما تسمى “الشرعية الثورية” فسوف:
1- تفقدون عنصر قوةٍ سَنَدَت وتسند شرعيتكم أمام العالم المنافق الذي يتحين الفرص حتى الشكلية لطعنكم بأوامر من أمريكا. سوف يدفعونكم الى موقع الدفاع وهو موقع ضعيف بينما أنتم الأشداء إذا بقيتم متمسكين بحبل الديمقراطية. لقد كانت أمريكا وعملاؤها ضعيفين يوم ناصبوا المالكي العداء بسبب إخراج قواتها. كانت أمريكا ضعيفة لأن المالكي التزم بالديمقراطية حسب المعايير الدولية لذا لم يتحمس لرأي أمريكا في أمريكا نفسها وأوربا والعالم الكثيرون رغم خضوع بعضهم لها سياسياً. دفع هذا الفشل أمريكا الى امتطاء داعش ودخلت ثانية من الشباك للأسف الشديد بمساعدة حكومات تركيا والسعودية وقطر وعملائهم الطغمويين والبرزانيين والفاشلين.
2- سينقلب الطغمويون بل ستنقلب حتى داعش وحتى النظامين السعودي والقطري الشموليين المتخلفين، بين ليلة وضحاها وسينقلب جميع أعداء الديمقراطية العراقية الحقيقية القائمة حالياً ومنذ 2005، وعلى رأسهم الأمريكيون الذين أحضروا داعش الى العراق ثم ركبوها كمطية لإحداث تغيير سياسي لصالحهم ولصالح إسرائيل وجعل الديمقراطية العراقية شكلية لا حقيقية كما هي عليها الآن رغم شوائبها – سينقلبون الى أكبر مناصرين للديمقراطية نفاقاً؛ وسيتهمونكم بالتوجه نحو “ولاية الفقيه” وسوف يدّعون أن داعش باقية لأنها تحمي السنة من دكتاتورية الشيعة وإضطهادهم وإستئثارهم بالسلطة وأن الشيعة إقصائيون وتهميشيون. ماذا سيقول الرئيس أوباما أو من يليه وهو الذي طرحها كحقيقة لا تقبل الشك من أن السنة دواعش وأن “إضطهاد” الشيعة لهم في سوريا والعراق هو الذي دفعهم نحو داعش، نعم قال هذا ونزاهة انتخابات 30/4/2014 في العراق أشاد بها هو، الرئيس أوباما؟
هكذا ستتسببون بمحاصرة أنفسكم سياسياً وإعلامياً إذا ما فرطتم بأوراق قوتكم طواعية. وسوف يحملونكم تبعات كل ما إقترفه الطغمويون من تخريب وإرهاب أسود. ألم يحرفوا حقيقة أوضاع العراق التي جعلوها خانقة لا تطاق وإختزلوها بالفساد فقط والأنكى أنهم حمّلوكم مسؤوليته منفردين؟ ألم تشعروا أن هذه التحركات تزامنت مع المماطلة الأمريكية في مسألة التخلص من داعش بإنتظار فرض مزيد من التغييرات السياسية لصالحهم وصالح عملائهم الطغمويين؟
سيقول بعضكم: ألم نسمع هذه الاتهامات من أوباما وقد قالها للإعلامي توماس فريدمان، فلماذا الإهتمام بها؟ أقول: نعم أطلق أوباما وغيره من العملاء في الداخل العراقي وفي المنطقة مثلَ هذه الاتهامات ولكنها لم تلقَ صدى واسعاً لأن الانتخابات الحرة والحريات الواسعة في العراق وخِلُوَّه من أي سجين رأي دحضت كل ذلك وسخّفت حتى أقوال الرئيس الأمريكي أمام أعين المنصفين في أمريكا نفسها وأوربا والعالم.
3- إن الاستمرار بالنهج الديمقراطي القائم رغم الشوائب العالقة فيه والمفروضة عليه وعليكم بالإبتزاز، لسوف يضمن دعماً قوياً للعراق من جانب دول عظمى كروسيا والصين والهند وباقي دول البريكس التي يتوقع خبراء كثيرون تصدُّرَها مسيرة البناء في العالم على المدى المتوسط وتأسيس نظام سياسي – إقتصادي عالمي جديد وفق أسس عادلة تخدم الجماهير الواسعة المحرومة بسبب سياسات الإحتكارات الإمبريالية.

البـــــــــديـــل عن “الشرعية الثورية”:
1- لقد أصبح العراق في مأمن من مؤامرات ومغامرات كبرى كداعش بعد تشكيل الحشد الشعبي وإصلاح القوات المسلحة ووضوح نزاهة الدعم الإيراني.
2- لقد إنعزل الطغمويون والبارزانيون والأمريكيون وخدمهم الفكريون من المستثقفين والقيادات الفاشلة – إنعزلوا عن الجماهير العريضة بكل طوائفها لأنهم أضرّوا كثيراً بالعراق والعراقيين ومنها توريط الجماهير السنية البريئة وغيرها حين دفعوا بها الى سوح الإضطهاد الداعشي وحياة العوز والذل في المخيمات وذلك بعد فشل مخطط تمكين داعش من السيطرة على كامل الأرض العراقية وإسترجاع السلطة لهم على يد “ثوار العشائر” الذين تبين أنهم هم الدواعش محلوقي اللحى وبزيٍّ إعتيادي أنيق!!!
كما إنكشف وإنعزل الأمريكيون لأنهم قد غدروا بالعراق وزرعوا داعش على حدودنا في الوقت الذي حجبوا فيه السلاح وخاصة الطائرات عن العراق في أوقات الشدة ومازالوا(3). هذا إضافة الى ابتداع ما لم يألفه العالم من قبل إذ راحوا يتعاملون مع مكونات الشعب العراقي مباشرة وكدول مستقلة (تقريباً) فزودتها بالمال والسلاح.
لذا التحمت الجماهير العراقية سنة وشيعة وكرد وتركمان ومسيحيين وأزيديين وصابئة وشبك وأصبحوا كتلة واحدة ضد التقسيم والتفتيت والإرهاب والتخريب عبر الطائفية والمحاصصة والفساد والإفساد.
عليه، فما عاد أعداء الديمقراطية قادرين على تحريك الشارع واشعال حرب اهلية وهو الشبح الذي ركب وأرعب العراقيين وحكوماتهم منذ 2005 من منطلق المسؤولية والحرص ولكنه إستُغل بوحشية فأصبح مصدراً للإبتزاز السياسي ففرضوا به الطائفية والمحاصصة والتوافقية الكاذبة وأشاعوا الفساد والإفساد والإرهاب.
كما لم يعد تقسيم العراق يصب في صالح الأمريكيين بعد أن فشل مخطط داعش في إحتلال كامل العراق وانتزاع النفط من يد أهله بعد قتلهم وتهجيرهم. فأصبح الأمريكيون يخافون، في حالة تقسيم العراق، من تحالف عراقي إيراني نفطي عسكري قوي مخيف لمصالح أمريكا وإسرائيل ولعملائها في المنطقة. لقد كان شبح التقسيم مصدر قلق أيضاً للعراقيين وعنصر إبتزاز لهم؛ وما عاد كذلك الآن إذ أصبح الأمريكيون يريدون التفتيت عبر الفدرلة والحرس الوطني بحسب تصاميمهم لخلق دولة عراقية عاجزة ومشلولة وفاشلة لا دور لها في المنطقة وهو ما رفضه الشعب أيضاً وبإمكانكم رفضه في البرلمان وطرح وفرض البدائل الوطنية الديمقراطية المناسبة.
التظاهرات هي في الجوهر ضد الطغمويين لأن الطائفية والمحاصصة والفساد فُرضت بالإبتزاز من قبلهم ووقف ويقف الأمريكيون وحكام السعودية وتركيا وقطر من ورائهم، إذ لا يمكن أن يلجأ للطائفية والمحاصصة القويُّ الذي يملك أغلبية برلمانية واضحة دفعها إليه، أي للقوي، ببساطة إجرام وفشل الآخرين إن لم تكن سياساته ومنطلقاته.
الأمريكيون أرادوا عبر تمكين الطغمويين وحلفائهم البارزانيين الإستحواذ على السلطة السياسية كي يسخِّروا الشباب والنفط العراقيين وقوداً لحروبهم ضد ايران وسوريا ولتصفية القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية واللبنانية والإضرار بالقضية الكردية لصالح الهيمنة الإسرائيلية، وصولاً الى محاصرة روسيا والصين وضخ الإرهابيين إليهما. كانت الصيغة السعودية أيام صدام تقول “منكم الرجال ومنا المال” أما اليوم فيحاول الأمريكيون تغيير الصيغة لتقول “منكم الرجال والمال ومنا فنون القتال”(4). لذا فإن أمريكا سعت ومازالت تسعى الى تشتيت وحدة التحالف الوطني وجعل الشيعة يقتل بعضهم بعضاً وجعل العراقيين يتقاتلون مع بعضهم أيضاً. ولكنهم فشلوا ونأمل أن تزداد لحمة العراقيين جميعاً على أساس المواطنة والعدالة الإجتماعية والحكم المدني الديمقراطي القائم وهذا يقع ضمن مسؤولياتكم الوطنية.
3- تبعاً لكل هذا، أصبحت الفرصة مؤاتية الآن لفرض قرارات جادة وحاسمة وتمرير قوانين وطنية جذرية صارمة وعادلة لجميع المواطنين وعلى رأسها تحقيق العدالة الإجتماعية ومحو الفوارق الطبقية وذلك عبر البرلمان بقوة التصويت غير آبهين بالتوافق المفتعل المشوَّه إذا ما أصر الغير على العرقلة والتخريب والتهديد بالانسحاب من العملية السياسية كالعادة – أصبحت الفرصة مؤاتية وذلك للإطاحة بالتوافقية الطائفية العنصرية وبالمحاصصة والفساد مرة واحدة والى الأبد.
4- الأخطر والأهم: يشترط تنفيذُ كل ذلك تحقيقَ وحدة صادقة مخلصة واعية لخطورة الوضع من جانب أطراف التحالف الوطني على الصعيد الجماهيري والحزبي والكتلي والبرلماني على أساس الحكم المدني والديمقراطي وسيادة الدستور واستكمال مؤسسات الدولة الديمقراطية حسبما أوصت وأكدت عليه المرجعية الرشيدة.
إن هذا يستدعي أولاً بتر الفاسدين وإبعادهم عن صفوفكم مهما كانت مواقعهم ومهما كلف الأمر لأن بقاءهم يهدد أمن العراق وهذا يعني نجاح المؤامرات الخطيرة جداً من قبيل مؤامرة داعش التي لو نجحت لأبادت الملايين من الشعب كما فعلت بأحبتنا الأزيديين.
أخشى ما أخشاه أن يزيِّن الخبثاء لبعضكم فكرة جدوى حكم العوائل “العريقة” للعراق بديلاً عن النظام الديمقراطي “الفاشل”. إن هذا هو الإنتحار بعينه لأن هكذا مشروع يستحيل تحقيقه وأن من يزين لكم السعي إليه يخفي وراءه نية دفعكم في طريق الهدم التام لما تم تحقيقه بالتضحيات الجسام ليتلقف هو الطغموي السلطة ويضعها في حضنه ويحقق غايته.
للعلم فإن “التزيين” هو أسلوب من أساليب التخريب ومنه الإفساد بهدف نشر الفساد عمداً لمنع قيام الدولة الديمقراطية متكاملة المؤسسات؛ ولا أستبعد ابداً أن بعض الفاسدين بين صفوفكم كانوا قد زيَّن لهم الخبثاء أفكاراً فاسدة مشابهة فأوقعهم في مستنقع الفساد بالقول مثلاً “إن من يملك المال (دون تحديده بالمال المشروع) هو الذي يحكم العراق كما فعلت النظم السابقة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة” أو مثلاً “نحن النواب نتعرض الى المخاطر الأمنية فتجب مضاعفة رواتبنا ومخصصاتنا وحماياتنا وإمتيازاتنا وتقاعدنا” وغيرها من التزيينات التي تضاف الى وسائل الإفساد الأخرى التي تقع خارج نطاق هذه السطور.
لكن ما يدعو للإطمئنان والتفاؤل بنفس الوقت هي سيادة المفهوم الذي طرحته مرجعية السيد علي السيستاني منذ عام 2004 وإنتزعت تأييد الأمم المتحدة له وهو مفهوم وجوب الإقرار بأن “خير وسيلة للتعبير عن رأي الشعب العراقي هو صناديق الإقتراع”. وهذا ما هو معمول به منذ عام 2005 وينتظر منكم التطوير والإستكمال.
وما عليكم إلا العمل الجماعي الدؤوب لتتحقق القيادة الجماعية وهي خير ضمان لتفادي الوقوع في الخطأ.
قال الدكتور العبادي كما نقلت عنه الصحف بتأريخ 26/8/2015 : “النظام السياسي كان بحاجة الى ضغط شعبي لتحسين اداءه والتعجيل بعملية الاصلاحات”.
اقول: لماذا تنتظرون تحرك الشارع والشارع فوَّضكم أمره بواقع منحكم أغلبية برلمانية واضحة في إنتخابات شهد العالم أجمع بنزاهتها ورقيها الى المعايير الدولية؟
لماذا لا تحترمون جماهيركم ومكتسباتكم السياسية التي منحتكم إياها تلك الجماهير؟
فماذا تنتظرون؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): أدناه رابط المقال:
http://http://saymar.org/2015/11/5482.html
(2): الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي ومن ثم أخرج العراقيون قواتها واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر بعلم الأمريكيين، ودخلوا العراق من الشباك. بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أثار الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية؛ وللإصطفاف مع المشروع الطائفي السعودي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية على النظام في المملكة. وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً لإضعافه وربما كانوا المحرضين على تأجيجها وذلك من أجل تنفيذ مشروعهم الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم. فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً. يصر الطغمويون، بعد أن خسروا هيمنتهم المطلقة على الحكم عبر صناديق الإقتراع، على استرداد سلطتهم بكل الطرق بضمنها التخريب ونشر الفساد عبر العملية السياسية والتستر والتعاون مع الإرهاب وذلك للحيلولة دون إستكمال بناء دولة المؤسسات الديمقراطية. شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني القاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها. الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدعون تمثيلهم السنة لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم خاصة بعد توريط الجماهير فدفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:
http://http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
(3): سلّم الأمريكيون العراق 4 طائرات ف-16 فقط خلال شهر تموز المنصرم بعد سنين من الإنتظار وهي مدفوعة الثمن وبعد التي واللتيا والشروط المجحفة المخلة بالسيادة الوطنية منها فرض قائد كردي معين لقيادة القوة الجوية مع توزيع الطيارين المتدربين وعددهم (40) على الوجه التالي: (20) كردياً و(6) مسيحيين و(7) سنة و(7) شيعة. بينما المطلوب أكثر بكثير فمثلاً تمتلك مصر 320 طائرة ف ـ 16 إحتياط فقط، على ذمة الخبير الاستراتيجي الطيار الدكتور أحمد الشريفي . وأكثر من هذا فإن هذه الطائرات الأربع دخلت الخدمة يوم 2/9/2015 بعد إنتظار “وصول” العقل الإلكتروني الخاص بها. تعزز هذه المماطلة شكوكي يوم أرسلت أمريكا الى العراق طائرة ف-16 واحدة يتيمة لم تبرح الأرض لعدم “جاهزية” قاعدتها العسكرية في الدجيل حيث كان يعمل على تأهيلها خبراء أمريكيون غادروا القاعدة بعد دخول داعش الموصل. لم يكن هذا هو موضع شكوكي إنما كان تسليم الطائرة قبل شهر تقريباً من تحرك داعش نحو الموصل. ألم ينطوِ هذا على محاولة للضحك على ذقون العراقيين؟!!
تبرع البعض بالدفاع عن ألحكومة الأمريكية بتبرير عدم إحترام عقود بيع الطائرات والأسلحة المتطورة. قالوا إن امريكا تخشى أن تقع هذه المعدات بيد إيران وإن أمريكا ليست جمعية خيرية!!!
آمنت بالله وقلتُ إن أمريكا ليست جمعية خيرية وأنا أعرف ذلك من قبل في الجزائر وفيتنام وفلسطين وأفريقيا وأمريكا اللاتنية. لكن يبقى السؤال: لماذا، إذاً، لم تلغِ أمريكا عقود البيع ومعاهدة الاطار الإستراتيجي المعقودة مع العراق؟
(4): رداً على سؤال مديرة مكتب صحيفة “الشرق الأوسط” في واشنطن السيدة هدى الحسيني، عام 2007، عن مغزى “الربكة” الكبيرة التي عملتها أمريكا في الشرق الأوسط، أجابها مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية قائلاً: “أردنا عقد حلف نفطي عسكري قوي مع العراق يطيح بياسر عرفات والأسد مباشرة ولكن ذلك لم يحصل”.
بالمناسبة يفسر هذا سر الحقد القوي الذي أظهرته أمريكا وخاصة اليمين بزعامة السناتور جون ماكين من نوري المالكي الذي أخرج قواتهم من العراق وأفشل مخططاتهم فإلتفوا عليه وجاؤوه راكبين حصان داعش وحمير الطغموية.