أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / الحراك الجماهيري ..آفاقه وأمكانية تحقيق مطاليبه

الحراك الجماهيري ..آفاقه وأمكانية تحقيق مطاليبه

السيمر / 10 . 12 . 2015

عبد الجبار نوري

أن الدستور العراقي في مادته ( 38 ) وفقراته 1،2،3،فيما تخص الحريات والحقوق أكدت حرية التعبير عن الرأي ، وحرية الصحافة ، وحرية الأجتماع ، التظاهر السلمي ، والحقيقة أن التظاهرات الجماهيرية وحراكها الشعبي في العراق أبتدأ في مطلع شباط 2011 أي منذ خمس سنوات وأمتدادها تظاهرات 31 تموز 2015 في ساحة التحرير العاصمة بغداد ، فهي ترجمة حقيقية للنظام الديمقراطي ، وعرض المتظاهرون مطاليب شعبهم الآنية الملحة التي تشهد نقصاً حادا وجدياً وخاصة في الكهرباء وماء الشرب ومحاسبة المفسدين ، ومعالجة مشكلة البطالة ، وكان العرض بشكل حضاري ومتمدن ، وترجموا أحاسيسهم ومشاعرهم الوطنية مما يعاني البلاد والعباد من شحة هذه الخدمات ، وحاجات المواطن اليومية ، وتطورت التظاهرات في الجمعة الثانية إلى عرض صورة العراق الحقيقية حيث البؤس والفاقة والحرمان في أرضٍ محتلة وشعبٍ ممزق ، وثروة منهوبة ، ، وسيادة مفقودة ، وخزينة خاوية ، وأستمرت هذه التظاهرات 12 جمعة ، وللأسف لم تنصت الحكومة الأتحادية إلى نداء الشعب وصوت العقل في طلباته المشروعة والسلمية ، وأخذت تلعب بعامل الزمن لأمتصاص زخم التظاهرة ، بالرغم من أن أوراق اللعبة الرابحة بيد العبادي : * من تفويض المتظاهرين ، وتأييد المرجعية الدينية ،وتظاهرات سلمية .
وكان طموح التظاهرين وأحلامهم المتواضعة لا تتعدى الخدمات الضرورية والأصلاحات السياسية ، أي بمجملها لا تتعدى شيئاً من ( الترويكا ) أي أصلاجات خدمية

آفاق الحراك الجماهيري وإلى أين ؟
** من خلال القراءة الموضوعية والعقلانية لصورة هذا الحراك الشعبي نجد بعض زوايا كينونته وصيرورته ( مظلمة ) لا تبدو للمتتبع السياسي أن ضوءاً في نهاية النفق وحتى نكون واقعيين لابد من مواجة الحقيقة المرّة ( أننا لا نأمل خيراً) من مظاهرات تحظى بتأييد أحزاب سنية وشيعية وتكتلات الأسلمة السياسية المسيطرين على مصادر القرار ، وهم مهندسو مصائبنا وكوارثنا ، وحيتان نهب ثرواتنا ، وهل يعقل أن يلف مذنب حيل المشنقة حول رقبته ؟ .
** أن البعض من مخضرمي ساستنا في العراق يعتقدون أن هذه التظاهرات سوف تتحول إلى ثورة ، حسب معطيات ما يحدثنا التأريخ التحرري للشعوب المقهورة .
لا أن التغيير الثوري لا يحدث في بلدٍ منقسم على نفسه عرقياً وطائفيا وأثنيا ومناطقيا ، و ترتبط مشيمياً بأجندات أقليمة ودولية ، وأن الثورة لا تأتي جزافا وعلى الهوى ، بل هي حالة تخضع لنضوج جملة مقومات موضوعية ضمن زمكنتها الخاصة .
** أن الحراك الجماهيري الأخير ومنذ 12جمعة وهو في صراع مريرمع الشارع وهو يفتقد ( المقومات الموضوعية ) من :
1-لم تتوفر له ( قيادة ) تتمتع بالوعي السياسي ، وعقلية المناورة .
2- أقتصر على الشباب ، تكاد تكون خالية من الفئات العمرية ، ولم يكن حضور المرأة العراقية بالشكل المطلوب بالوقت الذي هي المقصودة بالتهميش والأقصاء والمشمولة بالعنف والأضطهاد الأسلاموي ، مع نقص شديد من الفئة المثقفة ( الطبقة الوسطى الذين فضلوا يوم الجمعة لشارع المتنبي ومقهى الشابندر ، ثمّ لا وجود للفئات الدينية العلمانية منهم على الأقل ، وهذا يعني أنّ العراقيين لم يكسبوا المرجعية الدينية التي نادت بضرب الفساد بيدٍ من حديد .
3- لم يحاول جمهور الحراك الشعبي من كسب بعض النواب كأفراد وكتل برلمانية لها أصوات في معارضة الحكومة ليكونوا جسراً لتوصيل وتفعيل طلبات المتظاهرين بشكل أسرع إلى أصحاب القرار .
4- الشعارات كانت خاضعة للعشوائية والأنتقائية الشخصية مثلا شعار { بسم الدين باكونا الحرامية } أنه شعار أستفزازي لجمهور الأسلام السياسي والذين هم أصحاب القرار، فكان المفروض أن يختفي من ساحة التظاهر ويحل محله { أتظاهر يا شعب لا تكول شعليه ، وأخوان سنه وشيعه هذا الوطن ما أنبيعه }
5- لم ينتبه المتظاهرون وجمهور المجتمع المدني من جذب (الأميين) الغير مهتمين بالسياسة ، وهم جمهور واسع من العمال والفلاحين والكسبة والشغيلة وعمال المساطر تلك الطبقة المسحوقة والتي تذكرني بأيام النضال وهي كانت ( داينمو ) تحريك الشارع لأنها بحاجة ماسة وسريعة لتغيير الحال .
6- التظاهرة لم تستثمر ( الأغنية السياسية ) وأنها تعطي الديمومة والأستمرارية في مواكبة الحراك الجماهيري ، خاصة تلك الأغنية الممزوجة بالأهازيج السياسية والهوسة الفراتية والأهزوجة البغدادية ، وهل ننسى بأن الأغنية السياسية ولادة السجون والمعتقلات حين تستخدم ” كمنشور سياسي ” ومن روادها الفنان عزيز على وجعفر حسن .

أفكار وأضواء حول سوسيولوجية الحراك الجماهيري
هذه جملة مؤثرات سياسية ومجتمعية تلعب دورا في سير التظاهرة الجماهيرية :**// أن حكومات العراق ومنذ التأسيس لم تتعود على التظاهرات السلمية ، بل واجهت ثقافة البيان رقم -1 – وأنقلابات العساكر المغامرين ، وتفاجأ الحاكم والمحكوم بديمقراطية متأمركة مستوردة ، أستغلها الحاكم لصالحه ، وجربها المحكوم أملا أن يحصل على حقوقه ، ونسينا المثل الشعبي { الأمام الما يشور محد يزوره }. **// غياب قيادة مركزية مشتركة كمهمة عاجلة توجه التظاهرة وتنتقل بها إلى مرحلة متقدمة لتحقيق هدفين الاول/ ضبط الحراك وطنيا والثاني / تواصل هذه القيادة مع السلطات المختصة بتوصيل المطاليب الشعبية بأستمرارية ، صحيح أن النخب البارزة في الحراك هم من الحزب الشيوعي العراقي واليسار التقدمي ، ومنظمات المجتمع المدني ، والتيار الديمقراطي ، ولكنهم لم يوضحوا (شخصنتهم) وهويتهم كان قد أعطى قوة أضافية في زخم التظاهرات وذلك بأستثمار السمعة الوطنية واليد البضاء لهذه النخب العراقية . ** //غياب ( المناورة ) في طرح المطاليب ، ولأول مرّة في تأريخ التظاهرات السياسية يكون المتظاهر ندًاً للحكومة أي Man To Man كان يفترض والتظاهرات الجمعة الأولى والثانية على أشدها وحرارتها أستثمار هذه الظاهرة برفع سقف المطالب الأكثر سخونة ومساسا في أركان ومفاصل أصحاب القرار- وهو الأسلوب التقليدي المتبع في المفاوضات ، فكان حتما أن يعجل في تنفيذ الأصلاحات الخدمية . **// انا لست مع تظاهرات( الجمع ) فأنها تفقد التظاهرة أستمراريتها وزخمها ونكهتها الوطنية ، الأفضل أن تكون مظاهرات مفتوحة ، ولا ضير في أتباع الأساليب التقليدية في الأحتجاجات السلمية كالأضراب والأعتصامات . **// يجب أن نعترف بقوة ( الأعداء ) وهم حيتان فرهود المال العام ، يتمتعون بقوة الدولار ، مشرنقة نفسها بميليشيات مسلحة ، وأرتباطات أقليمية مشبوهة ، أصطدمتْ مصالحهم وأمتيازاتهم بفوبيا كشف التظاهرة الجماهيرية لصفقات فسادهم لذا سوف يحارب بجميع الأسحلة المحرمة وبميكافيلية مفرطة ، وهم أنفسهم الذين أجهضوا تظاهرات 25 شباط2011 ، وهم أنفسهم من ضرب تظاهرات البصرة والحلة وقتل ثلاثة متظاهرين ، وخطف الناشط جلال الشحماني ورفاقه وهم مغيبون لحد اليوم **// حبذا لو اشتركت مظاهرات المحافظات مع متظاهري بغداد في ٍ( ساحة التحرير) وتصبح مليونية تظيف ضغطا وزخما للحراك الجماهيري .
وأخيرا // أني لست متشائما خلال ما عرضت من أفكار ربما هي هواجس وطنية نابعة من غلو الأنتماء لعراقنا الحبيب والحرص على وجوده ، ولأني مؤمن بقدرات شعبي ، ومطاولته وجلده ، وهم أحفاد ثورة العشرين وانتفاضة الجسر 1948 وثورة 14 تموز وأنتفاضة أذار 1991.
أما واجبات المغترب تتلخص: 1-الحضورالفعلي في ساحات التظاهر . 2- مواكبة هذا الحراك كتابة وتحليلا ونقدا وتصويبا وتنظيرا.3- يكون دور المثقف طليعيا مؤثرا من خلال التاكيد على ثقافة المواطنة وألغاء نظام المحاصصة ، وبناء دولة المؤسسات ، والرصد والمتابعة .
المجد كل المجد لحراك شعبنا المنتفض ضد الفساد وطلب الأصلاح والتغيير الفعلي لواقع الحال —–