السيمر / الأربعاء 16 . 12 . 2015
محمود كامل الكومى / مصر
فى ذاكرة التاريخ ناقوس يدق فى عالم النسيان , وقد بدى رجع الصوت جديراً بالإستدعاء الآن عله يؤثر فى صمت عالمنا العربى وسكونه الذى ران وهو يرى دم شعبنا العربى المراق بفعل مؤامرات الصهيونيه والأستعمار وأوامرهم لعملاء آل سعو د وقطر وتركيا بمزيد من أراقة الدماء , صدى صوت الزعيم “جمال عبد الناصر فى الآذان الآن وهو يعلن في 22 شباط (فبراير) 1966 في خطاب القاه باجتماع جماهيرى في جامعة القاهرة ان الامبريالية والرجعية تقومان بتأسيس الحلف الاسلامي، وانه على غرار حلف بغداد والأحلاف السياسية السابقة، موجه ضد حركات التحرر الوطنى , ولأجهاض حلم الشعب العربى فى تحقيق وحدته العربيه , ليتذكر شعبنا العربى جذور التآمر على مصيره ومستقبله .
في ستينات القرن الماضى اقترن النهج السياسى الخارجى المعادى للامبريالية الذى اتبعه عدد من البلدان العربية باصلاحات داخلية موجهة ضد قوى الرأسماليه المحليه المستغله والمتعامله مع الرأسماليه العالميه , مما عمق نهج معاداة الامبريالية. وتدعمت الفكرة القومية السابقة بايديولوجية التحولات الاجتماعية لصالح العمال والفلاحين والطبقات الدنيا فى المجتمع وكانت مصر الناصريه تقود هذا الطريق في ذلك الوقت وصَعَد الإستعمار بالسعودية منذ بداية الستينات الى قلب الاحداث السياسية في الشرق الأوسط، وجعل من أسرتها الحاكمه المتصدى لمصر عبد الناصر. وشرع الملك فيصل بن عبد العزيز , فى محاولة لتقويض نفوذ مصر وسورية وغيرهما من البلدان ذات النهج التحررى , بالبحث عن سبل واساليب مع البلدان التى تسير على نهج القوى الاستعماريه .
وكان النظام الملكى السعودى لايرى فيه الشعب العربى اِلا تدن, وبغية رفع شعارات جذابة لمواجهة فكرة القومية العربية والتضامن العربى المقترنة بالدعوة إلى التحولات الاجتماعية, توجه النظام السعودى إلى الاسلام وأتخذه أداة لمحاربة خصومه فى الداخل السعودى وفى المحيط العربى .
طرح الملك فيصل بن عبد العزيز خطة تأسيس “الحلف الاسلامى” أملاً في جعله نقيضاً للجامعة العربية. وحظيت فكرة فيصل بتعاطف واشنطن ولندن اللتين كانتا, , تعتبران الدين حائلا دون انتشار الافكار الاشتراكية والتحررية.
جابه فيصل معارضة شديدة من جميع الدول الإسلامية، منذ الخطوات الاولى. فقد أثار تأييد فكرة “الحلف الاسلامى” من قبل الشاه، عدو عبد الناصر وصديق اسرائيل، مخاوف حتى لدى العديد من الملوك العرب. وفي خاتمة المطاف لم يوافق على عقد مؤتمر الدول الاسلامية أحد باستثناء إيران والأردن، أما البلدان الاخرى فقد عارضت مبادرة فيصل. وأسقط جمال عبد الناصر هذا الحلف وفضح نواياه , خاصه وأن من شكلوا كيانه هم مثال للعماله للأستعمار والصهيونيه, سواء كان الملك حسين بن طلال او شاه ايران ” محمد رضا بهلوى , أو أسرة آل سعود .
بإيعاز من قوى الإمبرياليه والصهيونيه العالميه شكلت السعوديه فى ثمانيتنات القرن الماضى مع دول الخليج ” مجلس التعاون الخليجى ” ليكون أداه صهيونيه لوأد الجامعه العربيه , وقد تم لها مبتغاها حين استعملتها كأداه لتدمير ليبيا وتفيت بنيتها وتسليمها لقوى الأرهاب , وتجميد عضويه سوريا فيها , وبذلك صارت الجامعه جثه هامده تنتظر من يدفنها … وبدى النظامين فى قطر والسعوديه ومعهم تركيا الأردوجانيه تمول كل التنظيمات الأرهابيه لتعيث فسادا وارهابا فى سوريا على أمل سقوط النظام فيها وتدمير جيشها , وصمد الجيش العربى السورى وصمد الشعب والنظام ودخل الطيران الروسى حليفا للجيش السورى لتطهير أرضه من الإرهاب , وفضحت روسيا وسوريا الدعم القطرى السعودى التركى للأرهاب وتمويله , بدت أصوات فى الغرب تحاول أن تضع الأنظمه القطريه السعوديه التركيه فى مصاف الدول الراعيه للأرهاب , وسقط رهان هذه الأنظمه على تدمير سوريا , وباتت فى أمس الحاجه لتجميل وجهها السافرفى أرهابه .
شكل التحالف السعودى مع بعض دول الخليج والحكومات الأخرى “عاصفة الحزم لتدمير اليمن , وعلى مدى 9 أشهر فشلت السعوديه فى تحقيق مبتغاها وصمد الجيش اليمنى وشعبه , وكبد القوات المعتديه خسائر فادحه فى أفراد جيشة ومن استعان بهم من المرتزقه وتقدم الجيش اليمنى فى داخل الحدود السعوديه , وثأرت الطائرات السعوديه من الشعب اليمنى الأعزل وأطفاله ومدارسه ومنشأته المدنيه , ومكنت قوات التحالف السعودى القاعده وداعش من حضرموت وبعض القرى حولها , فثبت بما لايدع مجالا للشلك مدى تناسق الحكومه السعوديه والقطريه وبعض حكام الخليج مع الأرهاب ودعمه , وبدى وقف أطلاق النار الآن جديرا بأن يثبت هزيمة قوات التحالف السعودى على أرض اليمن .
وعلى هدى مما سلف بيانه أراد النظام السعودى أن يتجمل , وأن يغطى على هزيمته فى اليمن وفشل عاصفة الحزم فى تحقيق مرادها , وكذلك على أفتضاح أمره فى تمكين القاعده وداعش من بعض أراضى جنوب اليمن , كانت اليمن ملاذ من فشل النظامين السعودى والتركى فى سوريا , فزادت الطين بله , وانكشف أمرهما برعاية الأرهاب , بعد أن فضيحتهما فى سوريا وأثبات صور الطيران الروسى والسورى تمويلهما لكل قوى الأرهاب على الأرض السوريه و معهما تركيا .
لم يكن من بد أذن للنظام السعودى اِلا أن يستغل أسم الإسلام فى محاوله منه للتمويه على الشعب العربى أنه ضد الإرهاب وفى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2015، أعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في بيان مشترك لأربع وثلاثين دولة إسلامية، عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري جديد ضد “الإرهاب” بمختلف أشكاله، يحظى إلى جانب انضمام الدول الأربع والثلاثين، بدعم 10 دول إسلامية أخرى بينها إندونيسيا ويكون مقره “الرياض”, فى محاوله جديده لإستعادة الحلف الأسلامى الذى شجع عليه “جون فوستر دالاس” وزير خارجية أمريكا الملك فيصل والذى كان يهدف للتصدى للمد الثورى والعروبى والذى أسقطه عبد الناصر , لتعود الفكره من جديد تهدف من وراء استغلال إسم الإسلام الى تكوين قوات عربيه تكون بديلا عن قوات الاحتلال الأمريكى للعراق وأفغانستان تحقق أهدافه دون خسائر فى أفراد قواته ولا فى مصادر أقتصاده , وتكون على أهبة الإستعداد للتدخل مباشرة فى سوريا والعراق واليمن بهدف معلن محاربة الأرهاب يخفى ورائه هدف خفى إستراتيجى وهو تدمير ما تبقى من جيوشنا العربيه فى تلك الدول , ويحق آمال الصهيونيه العالمية والأمبرياليه الأمريكيه فى شرق أوسط جديد تقوده إسرائيل , ويزيل اللآثار النفسيه للهزيمه التى منى بها النظام السعودى فى اليمن , والتى تلقاها كذلك فى سوريا ومعه النظامين القطرى والتركى ولذلك هلل أردوجان لهذا التحالف .
لكن ما يجعل هدف هذا التحالف الذى أعلن فى السعوديه والذى يقوده”سلمان” مفضوحاً أنه إستثنى “إيران” من عضويته لأنها فى خندق المقاومه ضد أسرائيل , فى حين أن الحلف الأسلامى فى الستينات الذى قاده ” فيصل ” كان عمادة ايران “الشاه” حليف أسرائيل ….. لكن مايثير العجب العجاب أن مصر عبد الناصر التى اسقطت الحلف الأسلامى الذى كان يقوده فيصل فى الستينات , أعلن عن عضويتها فى التحالف الاسلامى الذى يقوده “سلمان” الآن , وأن كان يبدو أن تلك العضويه من جانب المجاملات , كما هو فى تحالف عاصفة الحزم من دون فعل !!! والعجيب أيضا أن لبنان قد جرت لتلك العضويه , وكأن السعوديه تنزع فتيل القنبله الموقوته بين قوى المقاومه اللبنانيه والقوى العميله للصهيونيه “سمير جعجع و14 آذار , وتبدو عضوية فلسطين لهذا التحالف “نكتة الموسم ” بلاجدال , لكن الأهم أن الدول التى يرعى فيها الأرهاب ك سوريا والعراق , خارج نطاق هذا التحالف , مما يؤكد أن النيه المعلنه لهذا التحالف وهى التصدى للإرهاب تخفى ورائها استباحت حرمات أن أرض الرافدين والشام وتفتيت البنيه التحتيه لهما وتسليمهما لحكم التنظيمات الإرهابيه كما غعلوها فى ليبيا.
على درب من الواقع والخيال نستعيد الذكرى لتاريخ حافل فى النضال قادة الشعب العربى مع زعيمه جمال عبد الناصر فى الستينات من القرن الماضى حين أسقط الحلف الأسلامى الذى قاده “فيصل” ومعه عملاء الصهيونيه “شاه ايرن” و “حسين” ملك الأردن .. ليدق الناقوس الآن فى هذا العالم العربى الساكن أمام المؤامرات والقابع فى المغارات مختبئاً من عفاريت الجن والأنس التى تحركها إسرائيل وبريطانيا وأمريكا فى قطر والسعوديه وتركيا الأردوجانيه, لعله يفيق من عالم النسيان , فيقضى على هذا التحالف المسمى إسلامى- والإسلام منه براء- العسكرى المعلن ضد الأرهاب ليخفى ورائه أرهاب شعبنا العربى وتدمير قواه الفاعله ..
فهل حان التذكر الآن ؟ للإجابه على هذا التساؤل .. يجب أن نعى جيداً….. من فخخ الوطن الجميل ومن يريد أن يفجره ؟ فهل نتركه ؟
أن سجل نضالنا يشهد لشعبنا العربى الذى اسقط الحلف الأسلامى فى الستينات بقيادة ” جمال عبد الناصر”
لقادر على يسقط هذا التحالف المعلن فى الرياض الآن ..بقيادة كل قواه الوطنيه والقوميه وقوى المقاومة فيه.
كاتب ومحامى – مصرى
بانوراما الشرق الأوسط