الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / «زهران علّوش».. سُقوط حلم إستعادة «الدولة الأمويّة»
مقتل قائد جيش الإسلام الإرهابي زهران علوش بغارة جوية قرب دمشق

«زهران علّوش».. سُقوط حلم إستعادة «الدولة الأمويّة»

متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الاحد 27 . 12 . 2015 — أنهت غارة سورية دقيقة، حياة شخص كان يعتبر بالنسبة إلى الكثيرين سيما الذين يراقبون حركة التنظيمات الإرهابية، الأخطر بين الوجوه المتطرفة لابل أن خطورته وتطرّفه فاقت تسلّف أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش نفسه!.
زهران عبدالله علوش، الأسم الذي لمع سيطه فور خروجه من سجن صيدنايا بعفوٍ رئاسي عام 2011، لينتقل إلى العمل الميداني – العسكري إنطلاقاً من إيمانه الأخواني الدعوي السلفي الوهابي الجهادي الذي نشأ وتطوّر عليه وعمل به حتى أعتُقل من أجله قبل أعوام قليلة من الأزمة السورية. أسّس “علوش” اولاً عام 2012 “سرايا الاسلام” لتصبح فيما بعد “لواء الإسلام” الذي تطوّر بفعل الإتفاق مع أكثر من 50 فصيلاً مسلحاً ليتحول إلى “جيش الإسلام”. أخذت ميليشيات “علوش” شكلاً نظامياً مع قرارها عام 2014 بالإنتقال نحو تشكيل “جيشٍ نظامي” مؤلف من سرايا، كتائب، ألوية وفيالق توسم بالارقام بدل الأسماء الإسلامية لها. إنتقال علوش إلى هذه المرحلة ينطلق من أفكاره العقائدية التي عمل على ترجمتها في الميدان بدعمٍ سعودي خالص.
على عكس غالبية القيادات أو الدعاة السلفيون، حمل زهران علوش في داخله أفكاراً مزجها بين نشأته الأخوانية، وتطورّه السلفي – الجهادي، فكان يرى بالخلافة الأموية سبيلاً أفضل لقيام الدولة الإسلامية من البناء على الأفكار الرشيدة، فإتخذ من آل أمية مثلٌ عليا له. وعلى الرغم من إفتخاره المستمر وركونه في قتال من يعارضه إلى أفكار الأمام علي (ع) بقتال الخوارج على الرغم من العداء التارخي لـ “الإمام” من قبل آل أمية، إلى انه رأى في دولة الأمام علي “الرشيدية” (وفق مذهب أهل السنة) “دولة ضعيفة” نسبة إلى الأموية التي، وفق علوش، بنت دولة إسلاميةً ناجحة.
وإنطلاقاً من هنا، سعى “زهران علوش” إلى موالفة الأفكار السلفية الجهادية مع الأخوانية، محاولاً دمج إعجابه بالامام علي بإخلاصه لدولة بنو أمية وإستخلاص أسلوب خاص أنتجه وجعله قاعدةً لعمله الهادف لإعادة تشكيل “الدولة” وفق النهج الأموي في حال “اُسقط” النظام في دمشق، ولهذا، إتخذ من منطقة الغوطة الشرقية التي ينحدر منها، منطلقاً لشن الهجمات نحو دمشق، حالماً بـ “غزو دمشق ورفع راية الدولة” على أسوارها.
يقول أحد القادة الميدانيين في المقاومة الإسلامية الذي كان يعمل على جبهات الغوطة الشرقية – جنوب دمشق – السيدة زينب في حديثٍ حصل بيني وبينه خلال سهرة في منطقة بضاحية بيروت الجنوبية قبل نحو عام ونصف من الأن، ان “زهران علوش يمثل خطراً على الدولة السورية كدولة تعددية أكثر من أبو محمد الجولاني أو أبو بكر البغدادي”!، وعند سؤالي أياه عن السبب، قال بدون تفكير: “زهران علوش أموي الهوى بينما الجولاني والبغدادي يتجهون نحو فكر الدولة الرشيدة أكثر”. من هنا، يمكن تفسير أهمية متابعة حزب الله لنشاط “جيش الاسلام” وزهران علوش خاصةً، والإهتمام الخاص الذي حظيَ من قبل المقاومة من أجل إفشال مخططاته والقضاء عليه، وهذه الإشارة فتحت لي أفقاً من أجل قراءة أكثر لأسلوب عمل علوش وجماعته.
يقول صديقنا – القيادي الميداني – في معرض حديثه عن “غزوة الغوطة الشرقية” عام 2013 التي أدخلت “زهران علوش” وجماعته المشهد من بابه الواسع في خاصرة دمشق الشرقية، أنه في صباح اليوم الذي دخل فيه هؤلاء منطلقين من شرق الغوطة نحو داخلها وإحتلوا بلدات المرج، الضمير، دير سلمان وغيرها، تحديداً عند ظهيرة ذلك اليوم الذي أذكر أنه كان أما 14 أو 15 كانون الأول، كُنت على جبهة خلفيّة في الغوطة. كان “الاخوة” يحاولون التجسّس على الإتصالات اللاسلكية لمسلحي “علوش” لمعرفة خطواتهم المقبلة. وصل إليّ أحدهم ومعه مُسجل صغير كلن قد سجل عليه خطابا أذاعه علوش لمقاتليه لاسلكياً. ناداني الأخ فحضرت، أسمعني الخطاب، لم أكن أعرف صوته لكني سمعت، كان يخطب بلهجة تدل على تعمّقه بأفكاره. أسهب في الحديث يومها عن فضائل “الجهاد” و “قتال الكفار” وأهداف حملته، لكن ما لفتني في حديثه قوله العبارات التالية التي بقيت حتى الآن عالقةً في بالي. قال: “أيها المجاهدون، لقد أتينا إلى الغوطة، فُسطات الشام، لنكون على مقربة من العمل على إستعادة أمجاد دولة أُميّة التي أنتجت للإسلام والمُسلمين نموذجاً فريداً في فهم السُنّة”.
الكلام المذكور أعلاه، يُفسر الكثير من أسلوب عمل “جيش الاسلام”، حروبه، وكيفية نسج تحالفاته، التي بُنيت على أساس ما مدى المصلحة التي تُقدّمها من أجل الوصول إلى تحقيق الغاية. “علوش” لم يكن يخفي شغفه في “الخلافة الأموية”، وما خلافه مع “أبو بكر البغدادي” إلا في هذا الشق، فهو يرى بزعيم “داعش” منافساً شرساً له على الخلافة، غير انه يرى فيه خطراً فكرياً عليه نتيجة الإختلاف العقائدي بين فكر الخلافة الرشدة والخلافة الاموية. قبل أكثر من عام، نشر نشطاء فيديو، هو عبارة عن خطبة ألقاها “علوش” تحدث فيها صراحةً أمام عامة الناس عن “مفاضل الخلافة الاموية” ولم يخفِ يومها أنه يعمل من أجل إعادة إقامتها على “أرض الشام”.
وتشير المعلومات التي إستطاعت “الحدث نيوز” الوصول إليها، ان “جيش الاسلام” ركز عمله الإعدادي على التريبة العقائدية للمسلحين في صفوفه وهناك نماذج تدل على “اسلوب عقدنة” هؤلاء العناصر الذين حقنوا خلال إعدادهم الديني بما “لذ وطاب” من منتجات الدولة الأموية حت بات هؤلاء يعتبرون أداةً وركيزة في “إستعادة ذلك المجد”، وفق معتقد “زهران علوش”، الذي نجح بتشكيل “جيش” يعتمد على ما إختزنه من أفكار، ايضاً حاول مشاركتها في مناطق الغوطة الشرقية من خلال المناهج الدراسية.
إذاً، رحل زهران علوش بضربة سورية جوية نوعية لا تخفي ضلوع حزب الله بها من باب الاهداف المشتركة مع الدولة السورية، الاكيد ان فكر علوش بين قومه باقٍ إن كان تمدده صعباً نتيجة الظروف في الغوطة، لكن مقتله دون أدنى شك مثّل سقوطاً لحلم إستعادة أمجاد دولة اُميّة التي ربطها بشخصه، أقله إن لم نقرأ الوقائع المرّة بالنسبة إلى جماعته على الأرض، فهي في حالٍ يُرثى لها في جبهات تخسرها بشكلٍ دوري لصالح الجيش السوري ما يُقلّص مصادر قوتها في خاصرة العاصمة.. وتبقى لها جبهة الشمال التي عوّل “علوش” عليها في الفترة التي سبقت مقتله وكانت محور مُباحثاته في تركيا.

https://www.youtube.com/watch?v=ILjS_XLFZSs

الحدث نيوز

اترك تعليقاً