السيمر / الاحد 07 . 02 . 2016
معمر حبار / الجزائر
أكرمني ربي بزيارة سورية خلال شهر جمادى الأول 1431 هـ، الموافق لـشهر أفريل 2010، فكان لزاما على الزائر الوفي، بالإضافة إلى المقالات التي دونها حول رحلته يومها، أن يضيف لها الآن ما يليق بصورة سورية الحبيبة، ومما استحضرته الذاكرة، ويرفع من الروح المعنوية للسوري أولا وللعرب جميعا، ويصد ما استطاع من طمع الطامعين وحقد الحاقدين، ومنها..
بقيت 20 يوما في سورية، أجوب شوارعها واسواقها وحوانيتها ومساجدها وطرقاتها وجامعاتها وطلبتها، لم أسمع يوما مايستحي المرء من ذكره وسماعه، ولم أرى شجارا بين المارة ، أو بين الباعة.
بمجرد مايدخل المرء مكان أو دكان، يستقبل بحلاوة لسان، واستقبال الكبار، وكوب من العصير أو الشاي.
محلات صرف العملة منتشرة، وباعة العملة منتشرون عبر السواق والطرقات والمحلات. وما يجب التركيز عليه في هذا المقام، لايوجد إستغلال للزائر، ولا سطو على ماله، ولا التحايل عليه، فالشارع من ناحية الأمن والأمان لايختلف عن المصرف في شيء.
يتجول المرء بأمواله ووثائقه وحقائبه، وهو الغريب عن الأهل والديار، دون أن يلتفت إليه أحد، أو يعترضه عارض. والمرأة تقطع الشوارع بمفردها، ولا تسمع مالا يرضيها، أو ترى مايخيفها. فالأمن والسلام موفور متوفر، يراه الزائر ويتمناه لبلده، ويدعو دوامه لسورية.
كانت واضحة علامات الفقر على سورية، فقد كانت يومها تحت حصار شديد، ولا يمكن مقارنتها بحال بالجزائر، فالفرق شاسع بيّن.
البسمة تعلو الوجوه، وتسمع التحية قبل أن ترى صاحبها، والاستقبال الحسن رمز من رموز الشام.
في المسجد الأموي الكبير، ترى أتباع الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي يحيطونه بكل أنواع الإحترام. وجماعة أخرى تحيط شيخها بنفس التقدير والاحترام. لكن في جو كله أدب وإحترام ومودة وتقدير.
حدثونا قبل الزيارة عن القمع في سورية، وبعض الزملاء دخلوا سورية وهم يحملون هذه النظرة، فكانوا يبتعدون عن السوريين خوفا مما سمعوه. لكني وطيلة 20 يوما عبر ربوع سورية، لم ألحظ من ذلك شيئا، بل لمست حرية وتعبيرا عبر المساجد والجامعات والأسواق والدكاكين، التي كنت أزورها باستمرار، وأحتك باصحابها ، كما يحتك كل زائر لبلد آخر.
ما يجب ذكره في هذا المقام، أن العلاقة كانت جد حسنة مع تركيا، ويظهر ذلك جليا في ترحيب السوريين بفتح الحدود التركية، والسلع التركية التي غزت الشوارع والمحلات، واستقبال الشخصيات التركية، وقد حضرت في المسجد الأموي لزيارة مفتي تركيا، والترحاب الكبير الذي أحيط به من كل جانب. والسؤال الذي يطرحه الزائر والسائل، بعد 06 سنوات من الزيارة.. لماذا تغيّر موقف تركيا إلى الأسوء، وأمست عاملا من عوامل هدم سورية وحرقها وهدم حضارتها؟
هذه سورية التي قرأت عنها، وكنت أحلم بزيارتها، إلى أن شاهدتها بأم العين.. سماحة، وعفو، وخلق نبيل، وكرم عربي، وحضارة راسخة، وشعاع ممتد نحو الأفق، وأصل ثابت يعود عمق للقرون الراسخة.
هذه الكلمات خرجت بعفوية من الصدر، ليهمس صاحبها في آذان من قام بحرق سورية، ونشر الرعب والفزع، أن..
الدخان عابر، والنيران زائلة، والدمار مؤقت، والنسف عابر، وستكتب الحياة لسورية الحبيبة من جديد، بدماء جديدة.