السيمر / الأربعاء 10 . 02 . 2016
معمر حبار / الجزائر
تصل صاحب الأسطر أسئلة كثيرة عن مالك بن نبي، فيجيب بالقدر بقدر القراءة والفهم. ومن بين هذه الأسئلة التي وردت. هل قراءة كتب مالك بن نبي مفيدة؟. أجيبه على الفور..
وعليكم السلام، لايطرح السؤال بهذه الطريقة. وبن نبي كغيره من المفكرين، لايطرح مثل هذا السؤال بشأنهم..
والسؤال المطروح: ماذا يمكنني أن أستفيد من الكتاب والكاتب. وما هي السلبيات التي يمكن للقارئ أن يتجنبها في الكتاب المراد قراءته؟..
والقارئ الذكي يقرأ الكتاب لمن يريد أن يقرأ له، ثم يستفيد منه. فبقدر إستفادة القارئ من قراءته للكتاب، يظهر مستواه ونقده ومتابعته.
يعقب أحد القراء على إجابة صاحب الأسطر، فيقول.. “سؤال اطرحه كثيرا: لماذا لم يشتهر كثيرا فكر مالك بن نبي؟. هناك الكثير من من ينتقد فكره، هناك من يضيف عليه مؤاخذات انه يقدم العقل على النقل. هناك من ينتقد فكر بن نبي كونه خليط بين العلمانية و الدين في ابشع صور عدم التوافق. و هناك من يصنفه ان فكره الاقتصادي والاجتماعي تقليدي غير قابل للحياة كونه يستعمل مصطلحات المدينة الفاضل او ما يشابهها بينما الواقع غير ذلك. فهناك من يصنفه انه احد منظري التيار الاخواني الذي فشل في حكم كثير من البلدان.”
وبما أن صاحب الأسطر يتابع أسئلة وتعقيبات القراء، فكانت أفرد ورقة كاملة لسؤال القارئ، فكانت الإجابة..
لايطرح السؤال، لماذا لم يشتهر فكر مالك بن نبي، بل هو مشهور لدى الخاصة والعامة، وعبر العالم. السؤال المطروح، لماذا لم تكن له مدرسة خاصة به؟. هذا من ناحية.
من ناحية ثانية لماذا بن نبي أشتهر خارج الجزائر وفي الدول العربية والاسلامية جميعا، ولم يأخذ حقه من الشهرة في الجزائر؟.
وبن نبي ينتقد، وقد إنتقدته بشدة في أكثر من مقال، وما زلت أفعل كلما استدعى المقام للنقد.
بن نبي ليس فقيها حتى يقال أنه قدم العقل على النقل، ولم يقل أبدا أنه فقيه، ولم يقل عنه أحد أنه فقيه ومن علماء الدين. هو أعطى وجهة نظره بما يملك من ثقافة وتحليل وبصيرة في الموضوع الفكري المطروح، محترما دينه وقيم المجتمع. ويكفي أن علماء الدين هم الذين قاموا بكتابة المقدمة لبعض كتبه. ويبقى على علماء الدين ، أن يأخذوا منه مايعزز النقل والعقل معا، ويتركوا مايخالف النقل إذا عثروا عليه.
بالنسبة لفكره الاقتصادي، هو كغيره من المفكرين الاقتصاديين يأخذ منهم ويرد. والمجتمع مطالب بأن يأخذوا من فكره الاقتصادي مايناسب وضعه الاقتصادي والاجتماعي، ويترك ماتجاوزه الزمن ولم يستطع بن نبي تداركه، وربما فاته أن يتداركه ، ويحاول أن يجدد فكره مااستطاع إلى ذلك سبيلا.
وبما أني قرأت كل كتب بن نبي قراءة الناقد وليس قراءة التلميذ التابع، أقول أن مالك بن نبي..
لم يكن أبدا يحمل فكر الإخوان، ولم يكن من “منظري التيار الاخواني “، بل هاجمه الإخوان وعاتبوا عليه صلته بعبد الناصر، وقد ذكرت ذلك في عدة مقالات نشرت. وعاتبه البعض لأنه لم يكن من الإخوان ولم يتحدث عنهم. وكما قلت في مقالاتي السابقة، بن نبي كان له أعداء كثر، منهم الإخوان. وللتدليل على ذلك يكفي القول أن سيد قطب وصفه بأنه “كاتب تغريبي”، وعبد الصبور شاهين إتهمه “بالجنون”.
بن نبي صاحب فكر عالمي يتعدى الدولة، ولذلك إعتمد على أفكار عالمية، وسعى لأن يستفيد منها ويعطيها الصبغة المحلية، معتمدا على ثقافته الإسلامية، كما هو الشأن في كتابه “فكرة كمويلث إسلامي”، فقد إستمد الفكرة من الكومنويلث البريطاني، وحاول أن يستفيد منه في الرقي بأمته الإسلامية. ونفس الشيء يقال عن إستفادته من ماو تسي تونغ فيما يخص الثورة الثقافية، محاولا الاستفادة منها بالقدر الذي يسمح بالاستفادة من الثقافة الاسلامية، وتاركا في نفس الوقت الأفكار الغربية التي لاتتماشى والقيم الإسلامية.
بن نبي لم يكن يتبع شخصا بعينه، ولا حزبا، ولا دولة. ولم يكن يتبع ساسة الجزائر، ولا عبد الناصر، ولا سوري ولا لبناني.
بن نبي كان مستقلا في الفكر، فلم يكن يتبع جمعية العلماء الجزائريين، ولم يكن يتبع الأزهر، ولا الزيتونة، ولم يكن يتبع الإخوان. وقد ذهب لسورية ولبنان ولم يكن يتبع أحدا منهم. ولعدم التبعية كان له أعداء من الساسة وعلماء الدين.
وبعد الانتهاء من الرد والإجابة، يصلني تعقيبا لطيفا من القارئة Asma Khamas، تقول فيه ..
“ربي ينورك يا استاذ و اخيرا وجدت اجاباتي اكثر شئ شدني في كلامك ان المفكر بن نبي عرف بالاستقلالية لا ينتمي الى فكرة التحزبية و هذا مانحتاجه اليوم من مفكرينا اليوم الاستقلالية هي التي تقينا من صراعات و الاختلافات الممقوتة”.
يجيب صاحب السطر القارىء صاحب التعليق قائلا.. “صدقت.. الاستقلالية في التفكير هي التي تقي وتقود نحو الأسمى والأفضل.”.