الرئيسية / مقالات / كوميديا العداوات العربية

كوميديا العداوات العربية

السيمر / الخميس 11 . 02 . 2016

كاظم فنجان الحمامي

قديما قالوا: (عدو عدوك صديقك)، أما الآن فلم تعد الأمور على النحو الذي كانت عليه في زمن الحسابات المنطقية، ولا في زمن التكهنات الخنفشارية، وربما يطول بنا الحديث عن تناقضات العداوات العربية في هذه المرحلة القلقة، فقد تحولت عشوائية التخبط في مواقف قادة العرب، وشطحاتهم المزاجية المتقلبة، إلى كابوس مرعب من كوابيس السيرك السياسي، وربما صارت من أقوى سمات وتداعيات قراراتهم المتخاصمة مع أنفسهم، والمتخاصمة مع شعوبهم، وربما مع بقية الشعوب والأمم. حتى بات من الصعب التكهن بما تخبئه لنا الأيام القادمة من مفاجئات وصدمات وكوارث، بل من الصعب فهم التناقضات العجيبة المتداخلة، التي عصفت بالمنطقة وقلبت عاليها سافلها.
الخليجيون ومعهم النظام السوري والليبي كانوا يقفون بقوة ضد النظام العراقي السابق، ثم وقفوا بقوة أكبر فأكبر ضد النظام العراقي الحالي، وضد النظام الليبي بصورته القديمة وتشكيلته الجديدة، لكنهم ظلوا يلعبون لعبة الإضعاف والتضعيف مع الأنظمة المصرية المتلاحقة. أما أكبر التناقضات وأكثرها إثارة للجدل فتمثلت بوقوف زعماء الخليج الآن مع النظام المصري، ووقوفهم ضد بشار الأسد، ووقوفهم ضد الأخوان، ووقوف الأخوان ضد بشّار، وضد السيسي. ووقوف إيران مع منظمة (حماس)، ووقوف إيران مع بشّار، بينما تقف منظمة (حماس) بقوة مع الأخوان، في الوقت الذي يقف فيه الأخوان ضد إيران، وتقف إيران ضد تركيا، وتركيا ضد إيران، في حين تقف (حماس) والأخوان مع تركيا.
ثم إن تركيا التي تقف (عيني عينك) مع داعش. هي نفسها التي تتظاهر بمطاردة داعش، لكنك ستصاب بدهشة عظيمة إذا علمت إن أمريكا التي تتظاهر بإعلان الحرب ضد الدواعش على الأراضي العراقية، هي نفسها أمريكا التي تتفاخر بتوفير الدعم اللوجستي للدواعش على الأراضي السورية. وهكذا تتفاعل التناقضات بين عواصم البلدان العربية من محيطها إلى خليجها، فيلتقي الأضداد، وينتشر الفساد، وتتجدد الأحقاد. وتحمل لك الأيام صورة التوافق العربي غير المسبوق مع تل أبيب في مواجهة المد الإيراني. وتحمل لك أيضاً صورة أخرى من قطر التي تحتضن أكبر القواعد الأمريكية في كوكب الأرض، وإلى جانبها فضائية متخصصة ببث الرسائل الإرهابية المشفرة، وبجوارها تتمركز أوسع المكاتب الإسرائيلية التجارية والتجسسية، بينما ماانفكت الاتهامات بالعمالة تنطلق من الدوحة ضد البلدان العربية التي لا تميل لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.
وفي مصر تذهلك أخبار (حسني) وهو يسجن (مرسي)، ثم تكتشف إن (مرسي) هو الذي سجن (حسني)، ثم يأتي (السيسي) ليلقي القبض على (مرسي)، ويودعه السجن، فيتحرر (حسني) من سجنه، وخميس خمش خشم حبش، وحبش خمش خشم خميس، في متوالية غير منطقية، لا مثيل لها في كوكب الأرض، لكنك تجدها تحدث أمامك هنا وهناك، من دون أن تتاح لك فرصة التعرف على حقيقة ما يحدث تحت خيمة السيرك السياسي، ومن دون أن يحالفك الحظ في فك شفرة هذه التناقضات والمفاجئات، والثعلب فات فات وبذيلو سبع لفات.

اترك تعليقاً