السيمر / الجمعة 19 . 02 . 2016
عادل عامر / مصر
تمارس الدولة نشاطها المرفقي من خلال موظفيها فهم أداة الدولة لتحقيق أهدافها , وتحضى الوظيفة العامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف الدول , ويتحدد دور الموظف العام ضيقاً واتساعاً حسب الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة فاتساع نشاط الدولة وعدم اقتصار دورها على حماية الأمن الداخلي والخارجي وحل المنازعات بين الأفراد , وقيامها ببعض الأشغال العامة وازدياد تدخلها في مجالات اقتصادية واجتماعية شتى ، قاد بالضرورة إلى ازدياد عدد الموظفين واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز الإداري . ومن ثم فقد أصبح للوظيفة العامة نظاماً خاصاً بها يحدد حقوق وواجبات الموظفين العامين وشروط التحاقهم بالوظيفة وأيضاً مسائلتهم تأديبياً . لم يرد في معظم التشريعات تعريف منظم يحدد المقصود بالموظف العام ويرجع ذلك إلى اختلاف الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وإلى صفة التجدد المضطرد للقانون الإداري . واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة العامة بتحديد معني الموظف العام في مجال تطبيقها فقد نصت المادة الأولى من نظام الموظفين الفرنسي على أن ” هذا النظام يطبق على الموظفين الذين يعينون في الإدارات المركزية للدولة والمصالح التبعة لها والمؤسسات العامة للدولة ، ولا يطبق على القضاة والعسكريين والعاملين في الإدارات والمصالح والمؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري ” ويبدو أن المشرع قد ترك أمر تعريف الموظف العام للفقه والقضاء , ويختلف هذا التعريف في مجال القانون الإداري عنه في المجالات الأخرى كالقانون المدني والقانون الجنائي والاقتصاد السياسي فإن معناه في هذه المجالات قد يكون أوسع أو أضيق من معناه في القانون الإداري . وبذلك فهو يخرج عن نطاق الخضوع لأحكام الوظيفة العامة موظفوا البرلمان ورجال القضاء ورجال الجيش والعاملون في مرافق ومنشآت عامة ذات طابع صناعي أو تجاري .
اكتفى المشرع المصري شأنه شأن الفرنسي بتحديد الموظفين الذين يخضعون للأحكام الواردة في القوانين واللوائح الصادرة في شأن الموظفين العموميين . فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بأنه ” تسري أحكام هذا الباب على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء كانون مثبتين أم غير مثنتين ” . ويعتبر موظفاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الداخلة في الهيئة بمقتضى مرسوم أو أمر جمهوري أو قرار من مجلس الوزراء أو من أية هيئة أخرى تملك سلطة التعيين قانوناً .
أما في ظل القانون رقم 46 لسنة 1964 فقد ورد في المادة الثانية منه ” يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقرار من السلطة المختصة ” . وفي هذا القانون أزال المشرع التفرقة بين الوظائف الدائمة والمؤقتة , بينما ورد في نظام العاملين المدنيين بالدول الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 ” يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحده ويكون التعيين في الوظائف المؤقتة للمتمتعين بالجنسية المصرية أو الأجانب وفقاً للقواعد التي تتضمنها اللائحة التنفيذية مع مراعاة الأحكام الخاصة بتوظيف الأجانب ” .
أما القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978 فقد جاء أكثر إيجازاً ولم يتطرق للوظائف الدائمة والمؤقتة ولا إلى تعيين الأجانب , إذا نصت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى منه على أنه ” يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون , كل من يعين في إحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحدة ” . وفي مكان آخر في المادة نفسها نص على سريان هذا القانون على العاملين بوازرات الحكومة ومصالحها والأجهزة التي لها موازنة خاصة بها, ووحدات الحكم المحلي , والعاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بها . بينما ذهب غالبية الفقهاء المصريين إلى تعريف الموظف العام بأنه ” كل شخص يعهد إليه بعمل دائم في خدمة أحد المرافق العامة يتولي إدارتها ، الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الإقليمية أو المرفقية ، وذلك بتولي منصباً دائماً يدخل في نطاق التنظيم الإداري للمرفق ” . وصار علي هذا النهج قانون الخدمة المدنية 18 لسنة 2015 الغير معتمد من البرلمان يُعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن الخدمة المدنية، وتسـرى أحكامه على الوظائف فى الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحــــــدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك”.وقد عرفت المحكمة الإدارية العليا الموظف العام بقولها ” الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق ” . ويبدو من ذلك أن الفقه والقضاء المصري يشترط توافر عنصرين في المرفق العام هما :-
1. العمل في خدمة مرفق عام أو أحد أشخاص القانون العام .
2. أن يقوم بعمل منتظم غير عارض . لا يكفى لاعتبار الشخص موظفاً عاماً أن يعمل في وظيفة دائمة إنما يلزم أن يكون عمله هذا في خدمة مرفق عام Le Service Public وللمرفق العام معنيان : المعنى العضوي ويفيد المنظمة التي تعمل على أداء الخدمات وإشباع الحاجات العامة ، ويتعلق هذا التعريف بالإدارة أو الجهاز الإداري . أما المعنى الآخر فهو المعنى الموضوعي ويتمثل بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة . وقد كان المعنى العضوي المعنى الشائع في القضائين الفرنسي والمصري ثم جمعا بين المعنيين بتطور أحكامهما ومن ثم استقرا على المعنى الموضوعي . ويشترط لاكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة أو أحد أشخاص القانون العام هذا المرفق إدارة مباشرة . وبذلك لا يعد الموظفون في المرافق التي تدار بطريقة الالتزام موظفين عموميين . وكذلك العاملون في الشركات والمنشآت التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة ولو تم إنشائها بقصد إشباع حاجات عامة .
3- أن تكون تولية الوظيفة العامة بواسطة السلطة المختصة : الشرط الأخير اللازم لاكتساب صفة الموظف العام هو أن يتم تعيينه بقرار من السلطة صاحبة الاختصاص بالتعيين . فلا يعد موظفاً عاماً من يستولي على الوظيفة دون قرار بالتعيين كالموظف الفعلي . كما أن مجرد تسليم العمل أو تقاضي المرتب لا يكفي لاعتبار المرشح معيناً في الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بإدارة القانونية ممن يملك التعيين .
واجبات الموظف العام في مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام يجب أن يؤدي مهام معينة ضماناً لحسن سير الوظيفة العامة , وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين. ولابد من الإشارة إلى أن هذه الواجبات ليست محددة على سبيل الحصر , وإنما هي واجبات عامة ناتجة عن طبيعة الوظيفة العامة , وقد نص المشرع على الأساسية منها والتي سنبينها تباعاً : – أداء العمل . – طاعة الرؤساء . – احترام القوانين واللوائح . – عدم إفشاء أسرار الوظيفية . – المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة . – عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر . – عدم ممارسة الأعمال السياسية والمناهضة للدولة . يلتزم الموظف بواجب احترام القانون بمعناه الواسع فيشمل ذلك احترام الدستور واللوائح والتعليمات والأوامر الرآسية . أما فيما يتعلق بالمحظورات على الموظف العام فانه يحظر على الموظف بالذات أو بالواسطة أن يقوم بأي عمل من الأعمال المحظورة أو المحرمة بمقتضى القوانين أو اللوائح أو الأنظمة المعمول بها . وفى حالة مخالفة الموظف هذا الواجب فانه يعرض نفسه للمسئولية التأديبية والجنائية إذا ما توافرت شروطها.
يطلع الموظف بحكم وظيفته على أمور وأسرار يتعلق بعضها بمسائل تمس المصلحة العامة للدولة كالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية وبعضها يتعلق بمصلحة الأفراد وحياتهم الخاصة. وفى الحالتين يلتزم الموظف بعدم إفشاء هذه الأسرار ويبقى هذا الالتزام سارياً حتى بعد انتهاء خدمة الموظف العام. ويزول هذا الواجب إذا فقد الموضوع سريته أو صار معروفاً بطبيعته ، أو لإلغاء الأمر الذي فرض هذه السرية. أو سمحت السلطات المختصة بإفشاء السر أو أذن صاحب السر بإفشائه أو إذا كان من شأن إذاعة السر منع ارتكاب جريمة
تأديب الموظف العام
يهدف النظام التاديبى الى حسن اداء الموظفين لاعمالهم وضمان سير المرافق العامه بانتظام واطراد . اما فى النظام الجنائى فالامر يتعلق بحماية المجتمع كله وضمان استقراره وامنه . تستقل الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من حيث المسؤولية ، فان إعفاء الموظف من المسؤولية الجنائية وإلغاء التهمه الجنائية المنسوبة إليه لا يمنع من مساءلته تأديبياً، فالمخالفة التأديبية أساساً قائمة على ذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية , قوامها مخالفة الموظف العام لواجبات وظيفته ومقتضياتها , وهذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين ، فالموظف قد يسأل تأديبياً لمخالفته النصوص التشريعية أو العرف الإداري ومقتضيات الوظيفة العامة ، في حين أن الجريمة الجنائية لا تتقوم إلا إذ خالف الفاعل نصاً تشريعياً .
أن العقاب التأديبي بتعلق بالمساس بمركز الموظف ومتعلقاته ، ويكون بإيقاع مجموعة من الجزاءات محددة على سبيل الحصر ، وأثارها محددة سلفاً أما في النظام الجنائي فإن العقاب يتعلق بالمساس بحرية الشخص أو حياته أو ماله ، وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة وفق الواقعة المنظورة في الحدود المسموح بها قانوناً .
تتميز الجريمة التأديبية في الجريمة في المجال الجنائي ، من حيث الإجراءات الواجب اتباعها منذ ارتكاب الموظف للجريمة ومساءلته عنها وحتى إيقاع الجزاء عليه ، وهذه الإجراءات تنظمها قوانين خاصة بالوظيفة العامة والموظفين . أما الجريمة في المجال الجنائي فلها أصولها الخاصة التي تنظمها القوانين العامة كقانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية غلا أن الاختلافات السابقة لا تنفي وجود نوع الترابط والصلة بين الجريمتين التأديبية والجنائية ، فالجريمتان عبارة عن سلوك شاذ يعاقب عليه القانون ويجب تجنبه تحقيقاً للمصلحة العامة ، ومن يرتكبه بعرض نفسه للمساءلة والعقاب المناسب . كما أن هذا السلوك المنسوب إلى الموظف قد يشكل جريمتين جريمة تأديبية وأخرى جنائية ، ولكن المساءلة التأديبية لا تتقيد بالمحاكمة الجنائية إلا فيما يتعلق بوقوع الفعل المكون للجريمة من الموظف أو عدم وقوعه , وفضلاً عن ذلك قد تعتبر بعض الع عقوبات التأديبية بمثابة عقوبة تكميلية للعقوبات في المجال الجنائي .
أما حول إمكانية مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، فقد ثار خلاف فقهي بهذا الشأن، فذهب جانب من الفقه إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف الرسمي ، وأنه لا يخضع للجزاءات التأديبية لأن مسؤوليته عادية لا مسلكة ، فإذا صدر خطأ شخصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ، فإن المراجعة بشأن تصرفاته هي من اختصاص المحاكم العادية جنائي أو مدنية لذلك لا يمكن حسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، أما الجانب الأخر من الفقه فذهب إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين القطاع الأول هم الموظفين الفعليون فى الاوقات الاستثنائيه ، اى أوقات الحرب والازمات والتورات . وفى هذه الحاله يكون من تولى الوظيفه فرداً عادياً لا تجوز مساءلته تأديبياًعن اعماله اثناء شغله للوظيفه . اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون اختصاصاً معيناً فى الظروف العاديه ، بسبب بطلان التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفه أو حالة الاستمرار غير المشروع فى العمل أو سكون الادارة عن اختصاص الموظف الظاهر. فهؤلاء يخضعون لاحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة الوظيفه بشكل جريمه تأديبيه ونرى ان هذا الراى هو الاصوب ذلك ان نظام التاديب لا يسري الا على الافراد المرتبطين مع الاداره برابطه وظيفيه والموظف الفعلى لا يكون مرتبطاً بهذه العلاقه فى ظل الظروف الاستثنائيه .
وقد أيد القضاء الإداري هذا الرأي فقالت المحكمة الإدارية العليا ” أن مناط مسؤولية الموظف الإخلال بالواجبات العامة ، وتتحقق هذه المخالفة ولا اثر لكون الموظف الذي وقع منه الإخلال مستوفياً شروط الوظيفة أم لا ، مادام قائماً بعمله فعلاً كأصيل أو منتدب .إذ أن الأمانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع النظر عن ظروف إسناد العمل إليه ، ولا يبيح الإخلال بهذا ، أو يمحو عن الإخلال بالمسئولية المترتبة عليه، عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به اختصاصاته ، كما أن تطوع الموظف للقيام بعمل موظف أخر لا يعفيه من المسؤولية عن أخطائه ” .
تأديب الاطباء
اصبحت تطالعنا وسائل الأعلام بشكل شبه يومي عن ما يقع فيه الأطباء من أخطاء طبية تؤدى إلى الإضرار المباشر بالمريض سواء بوفاة المريض أو إصابته بعاهه مستديمة أو قصور فى وظائف جسمه الحيوية الأمر الذى دعى الجميع للتساؤل حول هذا الموضوع لمعرفة نوع المسئولية التى تلقى على عاتق الطبيب من جراء هذا الفعل وكذلك حقوق المريض أو أهله بما أن المسئولية الجنائية هي تحمل الإنسان لنتائج الأفعال التي أرتكبها وهو مدرك لها غير مكره عليها وتعد مما يقرره القانون جريمة معاقب عليها وفى الشرع تعد المسئولية الجنائية سبب في إنزال العقوبة أو الحد على الإنسان الذي أرتكب فعلاً محرما يستوجب الحد أو القصاص وهى تترتب على كل فعل يمس مصلحه الأفراد أو الجماعات فإن الطبيب مسئول جنائياً وتأديباً عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها فقد جاء فى نص المادة الحادية والثلاثون مع عدم الإخلال بأحكام المسؤولية الجزائية أو المدنية، يكون الممارس الصحي محلاً للمساءلة التأديبية، إذا أخل بأحد واجباته المنصوص عليها في هذا النظام أو خالف أصول مهنته، أو كان في تصرفه ما يعد خروجا على مقتضيات مهنته أو آدابها. وحتى يخضع الطبيب للمساءلة بنوعيها الجنائي والتأديب يجب أن يتم إثبات ارتكابه للخطأ الطبي حيث أن مسألة الإثبات هي أهم المراحل في الدعوى فيقع على المريض عبء إثبات وقوع الخطأ ومن ثم وقوع الضرر وإثبات علاقة السببية بينهم ( بمعنى أن الخطأ هو الذي سبب الضرر ) وأن يثبت وقوع الضرر، ثم يثبت علاقة الخطأ بالضرر وأن هذا الخطأ هو الذي أوقع ذلك الضرر ولا يتم ذلك إلا عن طريق التقارير الطبية التي يصدرها المتخصصين وتؤيده اللجنة الطبية التي يتم تكليها بإيقاع الكشف الطبي على المريض للتيقن من صحة إدعائه .
والإثبات في مثل هذه الحالات يكون بكافة طريق الإثبات الجنائي من إقرار ( اعتراف الطبيب بما ارتكبه من خطأ في طريقة علاجه للمريض ) وهو أقوى الأدلة، والإقرار حجة كاملة يثبت القاضي الحكم استناداً إليها ولو رجع عن إقراره أو أنكره ما دام مرتبطاً بحق آدمي وكذلك الشهادة مثل شهادة طبيب آخر أو ممرض على أو من أقتضي واقع الحال وجودهم أثناء ارتكاب الخطأ وفى هذه الحالة الشهادة لا تشمل الخطأ التقصيري لأن الخطأ التقصيري في بذل العناية الواجبة للمريض لا تصلح فيه الشهادة إلا لأصحاب الخبرة من أهل الاختصاص وأهم أدلة الإثبات في حالات الخطأ الطبي هي المستندات الخطية والتقارير الموجودة في سجلات المستشفيات وأخيراً فإن ثبوت الخطأ الطبي في مواجهة الطبيب المعالج يترتب عليه حق المريض في المطالبة بالتعويض المناسب عما أصابه من أضرار جسمية ونفسية فضلاً خضوع الطبيب المعالج للمساءلة التأديبية .
تأديب امناء الشرطة والأفراد بوزارة الداخلية
ومن حيث إن المادة 1 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن ” الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية، وتؤدي وظائفها وتباشر اختصاصها برئاسة وزير الداخلية وتحت قيادته، وهو الذي يصدر القرارات المنظمة لجميع شئونها ونظم عملها. وتنقسم هيئة الشرطة إلى قطاعات نوعية وإقليمية، وذلك بقرار من وزير الداخلية وتتكون هيئة الشرطة من: 1- ضباط الشرطة.2- أمناء الشرطة
ويتولى مساعدو أول ومساعدو وزير الداخلية، ورؤساء المصالح، ومن في حكمهم، ورؤساء الوحدات النظامية، ومأمورو المراكز والأقسام، رئاسة الشرطة، كل في حدود اختصاصه” . وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أن ” الرتب والدرجات النظامية لأعضاء هيئة الشرطة: هي: 1 – الضباط: 2- أمناء الشرطة :- 1- أمين شرطة ممتاز أول. 2- أمين شرطة ممتاز ثان.3- أمين شرطة ممتاز. 4- أمين شرطة أول.5- أمين شرطة ثان. 6- أمين شرطة ثالث. 3- مساعدو الشرطة وتنص المادة الثالثة من ذات القانون على أن ” : تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب، وبحماية الأرواح والأعراض والأموال وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها، كما تختص بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات” . و قد نصت المادة 55 من ذات القانون على أن ” تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم رئيس المصلحة أو من له توقيع الجزاء بوقوع المخالفة أو بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها أي المدتين أقرب،.ومع ذلك فإذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى إلا بسقوط الدعوى الجنائية ” . وتنص المادة ( 81 ) من ذات القانون علي أن ” الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها علي أمين الشرطة هي :ـ1 ـ الإنذار 2ـ خدمات زيادة 3ـ الحجز بالثكنة مع استحقاق المرتب كاملا .
4ـ الخصم من المرتب علي الوجه المبين بالمادة 48 / 2
5ـ تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر
6ـ الحرمان من العلاوة
7ـ الوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة لا تجاوز ستة أشهر
8ـ خفض المرتب بما لا يجاوز الربع
9ـ خفض الدرجة بما لا يجاوز درجة واحدة
10ـ خفض المرتب والدرجة معا علي الوجه المبين في 8 , 9
11ـ الحبس أو السجن وفقا لقانون الأحكام العسكرية ويترتب علية الحرمان من نصف المرتب فقط
12ـ الفصل من الخدمة مع جواز الحرمان من بعض المعاش أو المكافأة في حدود الربع .
ولرئيس المصلحة توقيع الجزاءات من 1 إلي 4 ولمساعد الوزير المختص توقيع الجزاءات من 5 إلي 7
وللمحاكم العسكرية توقيع أي من الجزاءات الواردة في هذه المادة ……………..”
و تنص المادة 99 من ذات القانون على أن ” يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية. كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم. وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية. ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه، كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة ” . دق المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على قانون إلغاء المحاكمات العسكرية للأفراد واستبدالها بمجالس تأديب، حيث كان هذا القرار من ضمن مجموعة اقتراحات سبق وتقدم بها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لمجلس الوزراء، لمناقشتها والبت فيها. وجاءت بنود ذلك القرار التى سبق وأعلنها وزير الداخلية ، كالتالى: إلغاء المحاكمات العسكرية للأفراد، واستبدالها بمجالس تأديب، وضرورة توطين الضباط حتى رتبة عميد، بما يعنى استقرارهم أسريا ومعنويا، بالمحافظات التابعين لها، والتدرج الوظيفى للأفراد إلى رتبة ضابط الشرف، وتحسين المرتبات والبدلات الخاصة بكافة أعضاء هيئة الشرطة بصورة لائقة.
تأديب القضاة
دعوى التأديب :-
أ – المبدأ
يتمتع القاضي باستقلاله كاملا في إبداء رأيه في الدعوى وخطؤه في هذا قد يعرض حكمه للإلغاء بطريق من طرق الطعن ولكنه لا يعرضه للمساءلة التأديبية ولكن قد يقع من القاضي ما يعرضه لهذا المسألة وهذه المساءلة ضرورية حتى يؤدي القاضي واجبه على أكمل وجه .
ومن المستحيل أن تحدد مقدما الوقائع التي يمكن أن تكون سببا للمسئولية التأديبية للقضاة ونذهب مع جانب في الفقه إلى تقسيم تلك الوقائع إلى ثلاث مجموعات :-
1- ما يتصل بإداء القاضي لوظيفته من هذه تخلفه من واجب الإقامة في البلدة التي بها مقر علمه أو عن واجب الحضور لمقر عمله وعدم التغيب في غير إجازة .
2- ما يتصل بحياته الخاصة فعلى القاضي أن يراع في حياته الخاصة الامتناع عن أي سلوك ولو كان في ذاته مشروعا لا يتفق مع ما يجب أن يكون عليه من وقار وبعد عن الشبهات .
3- ما يتصل بنشاطه الخارجي:- فيمتنع على القاضي من ناحية القيام بمزاولة التجارة أو أي وظيفة أو عمل لا يتفق مع استقلال القضاة وكرامته ومن ناحية أخرى يمتنع عليه الاشتغال بالسياسة أو إبداء أي رأي سياسي .
إجراء التأديب :-
نصت المادة 98 من قانون السلطة القضائية على ان يكون تأديب القضاة بجميع درجاتهم من اختصاص مجلس تأديب يشكل من :- – رئيس محكمة النقض رئيساً – من اقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف – ومن أقدم ثلاثة من مستشاري محكمة النقض
وتقام الدعوى من النائب العام بناء على طلب وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على اقتراح رئيس المحكمة التي يتبعها القاضي ويخطر مجلس التأديب بهذا الطلب على أنه إذا لم يقم النائب العام برفع الدعوى في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الطب جاز لمجلس التأديب أن يتولى بنفسه الدعوى بقرار تبين فيه الأسباب . وترفع الدعوى التأديبية بعريضة تشتمل على التهمة والأدلة المؤيدة لها فتقدم لمجلس التأديب بطلب فيها صدور الأمر بإعلان القاضي للحضور أمام المجلس . ويجوز للمجلس أن يجري ما يراه من تحقيقات وله أن يندب أحد اعضائه للقيام بذلك وتكون جلسات المحاكمة التأديبية سرية وتسمع طلبات النيابة العامة ودفاع القاضي المرفوعة عليه الدعوى ويكون القاضي آخر من يتكلم . ويحضر القاضي بشخصه أمام المجلس وله أن يقدم دفاعه كتابة وأن ينب في الدفاع عنه أحد رجال القضاء من غير مستشاري النقض .
ضمانات التأديب :-
أحاط القانون المحاكمة التأديبية بعدة ضمانات هي :-
1- لا تقام الدعوى التأديبية إلا من النائب العام وبهذا لم يترك المشرع أمر تحريكها إلى أي شخص أو أي سلطة يمكن أن تتأثر باعتبارات سياسية .
2- لا يقدم الطلب من النائب العام إلا إذا سبقه تحقيق جنائي وتحقيق إداري يتولاه أحد كبار القضاة .
3 – تنقضي الدعوى التأديبية باستقالة القاضي أو إحالته إلى المعاش وذلك دفعا للحرج عنه .
4- وعلى خلاف القاعدة العامة تكون جلسات المحاكمة التأديبية سرية ويكون النطق بالحكم أيضا في جلسة سرية .
5- حفظا لكرامة القاضي لا يحكم على القاضي إلا بإحدى عقوبتين اللوم أو العزل من الوظيفة ولا يجوز نشر الحكم يلزم القاضي في الجريدة الرسمية
أثر دعوى التأديب :-
لا يترتب على مجرد رفع دعوى التأديب أثر ما يبد أنه يجوز لمجلس التأديب عنده يقرر السير في إجراءات الدعوى أن يأمر بوقف القاضي عن مباشرة أعمال وظيفته او يقرر أنه في إجازة حتمية.
الحكم في دعوى التأديب :-
يحب أن يصدر الحكم في دعوى التأديب مشتملا على الأساس التي بني عليها وأن تتلى الأسباب عند النطق به في جلسة سرية كما ذكرنا أنفا ولمجلس التأديب سلطة الحكم بتوجيه اللوم أو بالعزل ولذلك قضي القانون بسقوط الدعوى التأديبية إذا أستقال القاضي أو أحيل إلى المعاش .
اتهام القضاة ومحاكمتهم جنائيا :-
منعا من اتخاذ إجراءات اتهام أو تحقيق أو محاكمة جنائية تعسفا ضد القاضي للتنكيل به قرر القانون جعل هذه الإجراءات تحت إشراف مجلس القضاة الأعلى ويجب مراعاة التالي :-
1- لا يجوز القبض على القاضي وحبسه احتياطيا إلا بعد موافقة المجلس فإذا كان القاضي متلبسا .
2- لا يجوز اتخاذ أي إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلا بعد موافقة المجلس بناء على طلب النائب العام .
3- يحبس القضاة احتياطيا كما تنفذ ضدهم العقوبات السالبة للحرية في أماكن مستقلة عن باقي المتهمين السجناء .
ثانياً : دعوة المخاصمة :-
دعوة المخاصمة هي دعوى مسئولية ترمي إلى تعويض ضرر اصاب المخاصم وتستند إلى قيام القاضي بعمل أو إصدار الحكم مشوبا بعيب يجيز قبول المخاصمة وإذا قضت المحكمة بصحة المخاصمة حكمت على القاضي المخاصم بالتضمينات وبطلان تصرفه أي ببطلان العمل الذي وقع فيه الغش أو الخطأ المهني الجسيم .
أ – فكرة المخاصمة :-
رسم القوانين الحديثة قواعد خاصة لمسئولية القضاة المدنية عن أعمالهم وهذه القواعد ترمي على ضمان ألا تؤدي مسئولية القاضي إلى التأييد في استقلاله وذلك عن طريقين :-
الأول : تحديد الحالات التي يسال فيها القاضي مدنيا فعلى خلاف القاعدة العامة بالنسبة للأفراد لا يسأل القاضي عن كل خطأ .
الثاني : رسم خصومة لتقرير هذه المسئولية لا تخضع لكل القواعد العامة تسمى في الاصطلاح القانون من المخاصمة .
ب – المخاصمة :-
– وردت حالات المخاصمة بالمادة 494 مرافعات على سبيل الحصر .
– وليس معنى هذا جواز مساءلة القضاة مدنيا خارج هذه الحالات بالإجراءات العادية إذ لا يجوز مساءلة القاضي مدنيا عما يصدر منه أثناء عمله إلا بطريق المخاصمة .
– على أنه يلاحظ من ناحية أخرى أن هذه الحالات إنما تحدد مسئولية القاضي عن أعماله التي يقوم بها القاضي ولا تشمل مسئولية كفرد فإذا أخل القاضي بأحد العقود بينه وبين آخر أو أرتكب خطا تقصيريا أيا كان فإنه يخضع في مسئولية المدنية عن هذه الأخطاء للقواعد العامة .
ج- تقنين الأساس القانوني للمخاصمة :-
قررت محكمة النقض بأن الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية لانه يستعمل في ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأي أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على اسبابها في المادة 494 مرافعات وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفذ الجهد في الرد على من ظن الجور به وأثر الكيد له .
د- حالات المخاصمة وأسبابها :-
1- الخطأ المهني الجسيم :-
الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لانه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع راي أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح .
وفي تطبيق أصدرته محكمة استئناف طنطا في 27/12/97 في دعوى مخاصمة رفعت ضد قاضي جزئي أصدر أمر أداء ضد مدعي المخاصمة وقد بنيت المخاصمة على اساس الخطأ المهني لجسيم للأسباب الآتية :-
1- مخالفة الاختصاص المحلي إذ صدر الأمران ضد شركة أجنبية من قاضي محكمة مركز شبين الكوم والشركة ليس لها أي موطن في هذا المركز أو في محافظة المنوفية .
2- مخالفة الاختصاص النوعي إذ صدر الأمر أن الأول بمبلغ يزيد عن عشرين ألف جنيه والثاني بأكثر من الفين وهما لا يتدخلان في اختصاص القاضي الجزئي .
3- ولم يراعى في طلبي أمري الأداء ما يتطلبه القانون من وجوب بيان محل مختار للدائن في دائرة المحكمة وبيان اسم المدين كاملا ومحل إقامته وعنوانه .
4- صدور الأمران بناء على تقرير خبير في دعوى إثبات حالة وتقارير الخبراء ليست مخصصة لإثبات الديون .
وقد قبلت المحكمة الدعوى وألزمت القاضي بتعويض طالب المخاصمة فضلا عن الحكم ببطلان أمري الأداء .
وترتيبا على ذلك00 فدعوى المخاصمة التي ترفع إلى دائرة من داوائر القضاء لا تقبل التجزئة ومن ثم فإن التقرير بها يجب أن يودع قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها اعضاء هذه الدائرة وقت صدور الحكم في الدعوى وتكون هي المختصة بنظر دعوى المخاصمة حتى ولو نقل اعضاء الدائرة إلى محاكم أخرى أو أحيل أحدهم إلى المعاش .
2- الغش والتدليس والغرر :-
الشارع عد من أسباب المخاصمة الغش والتدليس ويقصد بهما انحراف القاضي في عمله عما يقتضيه واجب القانون قاصرا هذا الانحراف ايثار لأحد الخصوم او نكاية في آخر أو تحقيقا لمصلحة خاصة للقاضي . ولمحكمة المخاصمة السلطة التامة في تقدير جسامة الخطأ واستظهار قصد الانحراف طالما إقامت قضاءها على اسباب سائغة كافية لحمله .
أما العذر فهو صورة من صور الانحراف عن العدالة عمدا يكون الدافع فيها للانحراف الرغبة في الحصول على منفعة مادية للقاضي أو لغيره فالغش والتدليس أو العذر يجمعهما جامع واحد وهو أنها تصدر عن سوء نية .
3- إذا امتنع القاضي عن الإجابة على عريضة قدمت له عن الفصل في قضية صالحة للحكم00 ويثبت الامتناع باعذارين على يد محضر بينهما اربع وعشرون ساعة بالنسبة للأوامر على العرائض وثلاثة ايام بالنسبة للأحكام في القضايا الجزئية والمستعجلة وثمانية أيتام في القضايا الأخرى .
4- وفي الأحوال الأخرى التي يقضي القانون فيها مسئولية القاضي والحكم عليه بالتضمينات مثال ذلك أن يتأخر القاضي عن إيداع مسودة الحكم مشتملة على أسبابه في الميعاد الذي نص عليه القانون إذ ترتب على ذلك بطلان الحكم طبقا للمادة 1750 مرافعات .
هـ إجراءات المخاصمة :-
1- تقرير المخاصمة والمحكمة المختصة :-
ترفع دعوى المخاصمة بتقرير بوقعة الطالب أو من يوكله في ذلك توكيلا خاصا ويجب أن يشتمل التقرير على بيان أوجه المخاصمة وأدلتها كما يجب أن تودع معه الأوراق المؤيدة له .