أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / قِراءَةٌ فِي وَثِيقَةٍ

قِراءَةٌ فِي وَثِيقَةٍ

السيمر / الثلاثاء 12 . 04 . 2016

نـزار حيدر

وأَقصدُ بها وثيقةُ (الإصْلاحِ الوَطَنِيّ) التي وقّع عليها اليوم قادة الكُتل والأحزاب، باستثناء التيّار الصّدري.
أولاً؛ يَقُولُ الموقّعون انّها [لإخراجِ البلد من أزمته] وكلّنا نعرف، وهم يعرفون، انّهم أساس كلّ أزمات البلد، فهل يعني ذلك بانّهم يعتقدونَ أَنّ مَن هو المشكلة يُمكن ان يكونَ هُوَ الحلُّ لها؟! او انّهم الأزمة والحلّ في آنٍ واحد؟!.
نعم، يُمْكِنُ ذلك في حالةٍ وَاحِدَةٍ فقط، عندما تتغير العقليّة، والحالُ انّ ذلك لم يحصل لحدّ الآن!.
كلّ العراقييّن يعرفون جيداً بأَن الموقّعين هم المشكلة وهم الأزمة وهم سبب الفشل والفساد وهم الوجوه التي لم تجلب الخير للبلد، على حد وصف الخطاب المرجعي، منذ ١٣ عاماً ولحدّ الان فكيف سيقنعونَنا بأنّهم الحلّ؟!.
أَهُوَ تحشيشٌ عراقيٌّ مثلاً؟ أم هي مُزحةً؟ أم كذبة نيسان؟ ام يظنّون بأنّنا مجانين او سُذَّج او بسطاء لهذه الدّرجة او [عَبَدة عُجول] لنُصدّقهم؟!.
ويقولون بأَنّ الوثيقة [لفكّ الانسداد السّياسي] من دون ان يذكروا لنا سبب هذا الانسداد، أهيَ [الصّخرة] المشهورة مثلاً ام ماذا؟!.
ثانياً؛ يَقُولُ الموقّعون بانّ جوهر الوثيقة يتمحور حول [الرّغبة الجماهيريّة] وهي محاولة منهم لتقمّص شعارات الشّارع واهدافهِ الإصلاحيّة.
فاذا تفحّصنا الوجوه والأسماء فسنجدَها نفسها لم يتغيّر منها شيئاً ابداً، فَلَو كانوا صادقين بما يقولون لاستبدلوا، على الأقل، بعض الوجوه وغيّروا بعض الأسماء خاصةً المحروقة جداً منها حد الاسوِداد! لتمكّنوا، ربما، من ذَرِّ الرّماد في عيون السذّج والبسطاء!.
بصراحة اقول، فانّ الوثيقة أَبعد ما تكون عن الاصلاح وعن الجماهير وأهدافها، فلقد ثبّتت كلّ شيء الا الاصلاح!.
ثالثاً؛ ثم تسرد الوثيقة النّقاط الواحدة تلو الاخرى، والتي لا تختلف عن ايّة وثيقةٍ اخرى وقّعوا عليها منذ سقوط نظام الطّاغية الذليل صدّام حسين في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الان، باستثناء بعض العبارات الانشائيّة من بابِ تحديث البيانات مثلاً لا اكثرَ ولا أقل.
هي استنساخٌ لوثائقَ قديمة، لم تختلف عنها الا بلونِ الورقِ الاصفرِ، رُبما، كما وصلتني!.
رابعاً؛ يتشبّث الموقّعون بالمسار الدّستوري الذي ورد ذكرهُ اكثر من مرّة في الوثيقة، وفي نفس الوقت يقولون في المادة (٧) منها ما نصُّهُ [إِنشاء مجلس سياسي استشاري] ومن النص يتّضح جلياً بانّهُ بدعة سياسيّة لم يرد ذكرها لا في الدستور ولا في القانون ولا هم يحزنون، على الرّغم من انّهُ فكرة قديمة حاولوا تمريرها في اكثر من مرّة خلال الفترة المنصرمة الغرض منها تحقيق التّراضي او ما يسمّونهُ بالشّراكة، والتي جوهرها المحاصصة وحقّ النّقض، الفيتو.
ثمّ تدعو نقاط الوثيقة الى تشريع القوانين الاساسيّة في مجلس النوّاب، فمن هو المعني بهذا يا تُرى؟ اوليس الموقّعون هم زعماء الكتل النيابيّة؟ أولم يتّفقوا على ذلك عشرات المرّات فيما سبق؟ فلماذا لم يتم تشريعها اذا كانت الوثيقة حريصة على ذلك وتعتبر ان تمرير هذه التّشريعات يلامس عمليّة الاصلاح؟!.
وقانون [مِن أَينَ لك هذا؟] الذي تدعو الوثيقة لتفعيلهِ! اوليس من المفروض ان يبدأ تطبيقهُ على الموقعين أولاً؟ ام ماذا؟!.
ايّ ضحكٍ على ذقونكم هذا يا رُعاة الإصْلاحِ وحماته؟! ومن بينِكم من صدرت باسمهِ قرارات استدعاء من هيئة النّزاهة؟!.
خامساً؛ انّ الوثيقة هي محاولة من قبل الموقّعين للالتفاف على الدّولة برمّتها، فانّ كلّ ما ورد فيها من مهام وواجبات هي امّا من واجبات الحكومة او مجلس النواب او القضاء!.
انّها المسمار الأخير الذي يُريدونَ تثبيتهُ في نعش الدّولة العراقيّة.
سادساً، كما انّ الوثيقة وجّهت رصاصة الرّحمة لهيئة النّزاهة عندما وقّع عليها واحِدٌ على الأقل ممّن وردت أسماؤهم في قرارات الهيئة التي تقدّمت بها الى القضاء كمتّهمين في سرقةِ المال العام.
ثمّ يريدوننا ان نقتنعَ بأنّهم يرومونَ الاصلاح!.
سابعاً؛ انّ الوثيقة شرعنت المحاصصة مرّة أُخرى في المادة (٦) وبرأيي فإنها مِربطُ الفرس بالنّسبة للموقّعين، فبينما يعرف القاصي والدّاني ان الشّارع الغاضب، وقبلهُ الخطاب المرجعي الحاسم، طالب ولا يزال بإلغاء المحاصصة، اذا بالوثيقة تثبّت المحاصصة بشكلٍ أقوى مما في السّابق ثم يقولون انّها، الوثيقة [صدى الشّارع]!.
ثامناً؛ يقول الموقّعون انّها وثيقة (شرف) وهو الشّيء الذي يحيّرني كثيراً، فالسؤال البريء المطروح هنا؛
نحن نعرف انّ لكلّ إنسانٍ على وجهِ هذه البسيطة شرفٌ واحِدٌ لا غير لا يتعدَّد ولا يقبل القسمة، هكذا علّمنا آباءنا وأجدادنا، يوقّع عليهِ المرءُ مرّةً واحدةً، فاذا خالفهُ او تغافلَ عنه سقط شرفهُ الى الأبد، فَيَصبحُ انسانٌ بلا شرفٍ او عديم الشَّرَف!.
لذلك كان الأقدَمون يرفضونَ كسرِ (كلمةِ الشّرف) ولو على جثثِهم! او لا يعطونَها لاحدٍ بالمرّة!.
انّ وثيقة الشّرف هذه تحمل الرّقم (١١٠) التي وقّع عليها السياسيّون خلال الـ (١٣) عاماً، فكيف يفسّر لنا الموقّعون هذا اللّغز؟!.
أفيدونا يرحمُكم الله!.
خُلاصة القول؛ انّ الوثيقة عبارة عن التفاف صارخ ووقِح على الخطاب المرجعي وغضب الشّارع، جوهرُها اعادة انتاج الكابينة الجديدة المرتقبة بمقاساتِهم الحزبيّة حصراً.
أخيراً؛ أوجّهُ خطابي الى (الحناّنةِ) في النّجف الأشرف.
بانتظار اليومِ المعلوم!.

اترك تعليقاً