السيمر / الأحد 01 . 05 . 2016
سليم الحسني
عندما تهدأ الأمور، سيكتشف المواطن العراقي أن السعودية كان لها دور عميق في ما حصل يوم السبت الثلاثين من نيسان 2016.
من المؤشرات على ذلك ما كتبه (جمال خاشقجي) في تغريدة له توضح الموقف السعودي من حركة مقتدى الصدر، بقوله:
(حسبت أننا خسرنا العراق الجنوبي وأنه وقع في قبضة النظام الإيراني، ولكن يقظة الجماهير الشيعية العراقية الوطنية أمس وهتافها ضد ايران أعاد الأمل).
جمال خاشقجي هو المتحدث غير الرسمي باسم السياسة السعودية، والمروج لتوجهاتها في وسائل الإعلام، وما يكتبه يُعبر فيه عن صانع القرار الحكومي.
لم تصف السعودية ومعها بقية محور الشر (قطر وتركيا وغيرهما) شيعة العراق بـ (الوطنية)، فقد كان الوصف الدائم لهم بأنهم صفويون يتبعون إيران. وكان مشروع السعودية أن يتم إضعاف الشيعة الى أدنى مستوى، ليعودوا الى هامش الحياة السياسية والاجتماعية. فتلك هي رغبتها الأولى في المنطقة، وقد وضعت لذلك قدراتها المالية الهائلة، وأجهزتها الاستخباراتية وعلاقاتها الخارجية.
ما حدث لم يكن مخططاً سهلاً، وليس هو من نتاج عقلية التيار الصدري بقياداته المعروفة، إنما هو حركة عميقة تجيدها الأجهزة الاحترافية المتخصصة للحكومات. وقليل من الهدوء والمراجعة وربط الوقائع، تجعلنا نكتشف ما يجري بوضوح.
يهتف التيار الصدري داخل المنطقة الخضراء ضد إيران، وتبارك السعودية حركة مقتدى الصدر، ومن قبلها باركت مؤسسات أميركية، في حين لم يتعرض الموقف الصدري لآل سعود مصدر الإرهاب والخراب في العالم.
نقطة عصية على استيعاب الحكومة السعودية، تلك هي أنها على طول مسارها في التدخلات الخارجية وإثارة الأزمات، تعتمد على عامل العنف بالدرجة الأساس، بحكم العقلية الوهابية المسيطرة على القرار، مما يجعلها تكسب الجولة الأولى، لكن المسار ينقلب عليها، بعد ان يتلاشى دوي الانفجار، وتزول صدمته المؤقتة.
حدث ذلك في سوريا وفي اليمن وفي لبنان، وقد جربته في العراق أكثر من مرة ولم ينجح.
في هذه المرة لن تكون النتيجة غير الفشل، لأن ما لم تفهمه السعودية ولا تستطيع ان تفهمه، ان الشيعة مرت عليهم الكثير من الظروف المشابهة، بل والأكثر خطورة مما يجري، لكنهم يستعيدون توازنهم بعد فترة.
سيجد أنصار السعودية أنفسهم بعد حين أنهم عاشوا فورة حماس مؤقتة، واستبشروا بنصر طويل، لكن النتائج ستكشف لهم أنهم مجرد وسيلة لإثارة الفوضى لا أكثر.
في صراعات من هذا النوع، يخرج المندفعون بحماس الهتاف، خاسرين في نهاية المطاف