السيمر / الاثنين 02 . 05 . 2016
نــــــــــزار حيدر
انّ مجرّد تشريع الكونغرس الأميركي للقانون الخاصّ الذي يُتيح لضحايا الارهاب مُقاضاة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية ورموز وفقهاء الحزب الوهابي في المحاكم الأميركية يُعدُّ مؤشِّراً مُهمّاً على نهاية التّحالف التّقليدي بين واشنطن والرّياض، بل بين الغرب والرّياض، والذي ظلّ الاوّل بموجبهِ يحمي (آل سَعود) الذين مكّنهم من رقاب النّاس والسّيطرة على بلادِ الحرمَين الشّريفَين بالغارات المُسلّحة واللّصوصيّة والسّبي والتّدمير، في إطار معادلة (النّفط مقابل حمايةِ الاسرةِ الحاكمةِ) على الرّغم من كلّ الجرائم البشعة التي ظلّ يرتكبها نظام القبيلة الفاسد في المنطقة والعالم، والتي منها احتضانهِ لجماعات العنف والارهاب التي عشعشت وبيّضت وفقّست في مدارسهِ ومعاهدهِ ومؤسّساتهِ الدّينية الفاسدة التي تغذّيها بالعقيدة الوهابيّة التكفيريّة المنحرِفة.
واذا كان قرار الإدارات المتعاقبة بمنعِ نشر الصّفحات السريّة من التّقرير الخاص بهجمات أيلول عام ٢٠٠١ ولمدة (١٢) عاماً دليلٌ على تلك العلاقة الاستراتيجيّة التقليديّة بين واشنطن والرّياض، فانّ تمرير القانون الخاص الذي أجاز نشر تلك الصّفحات السريّة من قِبل الّلجنة القانونية في الكونغرس واصرار الأخير على تشريع قانون تجريم (آل سَعود) كمجرمي حربٍ ارتكبوا ابشع الجرائم ضدّ الانسانيّة، دليلٌ على إنهيار هذا التّحالف او هو في طريقهِ الى الانهيار، بعد ان بدا نِظامُ الْقَبيلَةِ {أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ} فباتَ ضررهُ اكثرُ من نفعهِ، خاصَّةً في ظلّ المتغيّرات الكبيرة في اللّعبة الدّولية وأدواتها والتي شمَلت المنطقة برمّتها الامر الذي لم تستطِع الرّياض استيعابهُ لتتعايش معهُ بسبب طبيعةِ النّظام القَبَليَّة وعقليّتهِ المتخلّفة ومتاجرتهِ بالدّين وتحالفهِ مع أسوأ قراءة والتي يمثّلها الحزب الوهابي، على الرّغم من بعض التّرقيعات التي سعى مؤخراً لإجرائِها على سياساتهِ الدّاخليّة كقرارهِ بتجميد عمل ميليشيا الحزب الوهابي، او ما يُسمّى بهيئة الامر والنّهي!.
قد يتساءل البعض بالقول؛
حتى اذا شرّع الكونغرس القانون فسوف يبقى حبراً على ورقٍ يفقتد الى قوّة التّنفيذ ما لم يوقّعهُ الرئيس ليصبح قانوناً نافذاً وقابلاً للتّطبيق يمكن لضحايا الارهاب الاستفادةِ مِنْهُ!.
أولاً؛ هنالك فرقٌ بين ان لا يوقعهُ الرّئيس وبين ان يستخدم صلاحيّاتهُ الدّستوريّة لردّه.
الحالةُ الثّانية لن تحصلَ لوجود أعلى درجات التّوافق بين الحزبَين في الكونغرس لتمرير القانون، وفيما لو حصل ذلك فانّ من حقّ الكونغرس ان يُعيد تشريعهُ بصِيغٍ أُخرى قبل ان يضعهُ على المكتب البيضاوي مرّةً أُخرى ليُوقّعهُ الرّئيس هذه المرّة.
ثانياً؛ ليس بالضّرورة ان يوقّعهُ الرئيس الحالي فقد يتم ترحيل التّوقيع الى الرئيس القادم الذي سيخلف اوباما في المكتب البيضاوي نهاية السَّنَةُ الحاليّة، وهذا ليس بالأمر الجديد أو الشّاذ، فلقد جرى مثل هذا الامر سابقاً بالنّسبة للكثير من القرارات والقوانين والتّشريعات، ربما كان من أشهرها قانون (تحرير العراق) الذي شرعهُ الكونغرس في العام ١٩٩٩ ورفض الرئيس وقتها بيل كلينتون، الذي كان يقضي أيامهُ الاخيرة في البيت الأبيض، توقيعهُ ليترك الامر الى الرئيس الذي خلفهُ في المكتب البيضاوي جورج بوش الابن، الذي وقّع القرار حال تسنّمهِ مهامّهِ مرئيسٍ في البيت الأبيض لتنتهي الامور الى ما هي معروفةٌ اذ سقط نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين بعد أقلّ من ثلاث سنوات على توقيع الرئيس على القرار.
الشّيء المهم الذي يجب ان ننتبهَ لهُ، نحن ضحايا إِرهاب (آل سَعود) والحزب الوهابي أينما كنّا، هو انّهُ لا ينبغي لنا ان نتّخذ موقف المتفرّج ممّا يحصل، بل يجب علينا ان يكونَ لنا فعلٌ واضحٌ يَصْب في الجهد الكبير الذي سينطلق بتشريع قانون التجريم ضدّ نظام القبيلة الفاسد، والتي ستكون نتيجتهُ بعيدة المدى هو القضاء على هذا النّظام الفاسد الذي نشر الرّعب والارهاب والتّدمير والكراهية في كلّ مكانٍ من العالم.
لنستعدّ لتهيئة ملفّات الادانة من وثائق وافلام وصُوَر وشهادات الضّحايا لتقديمها للقضاء الأميركي او لأيّة محكمةٍ دوليّة او محلّيّة تعنى بمثلِ هذه الملفّات التي تخصّ الارهاب الذي يُعدُّ اليوم آفة العصر التي تنهش بالبشريّة وبعقول النشء الجديد الذي غسلت ادمغتهُ ماكينة الدّعاية الارهابيّة لنظام القبيلة والحزب الوهابي.
لا ينبغي الاستهانة بما يحصل الان، فهناك اليوم جهدٌ دوليٌّ ضخمٌ، سرّي وعلني، باتّجاه محاصرة نظام القبيلة وفضحهُ وربط كلّ الارهاب به وبعقيدة الحزب الوهابي الفاسدة، يشترك فيه السّياسة والقضاء والاعلام والفكر والعلاقات العامّة والمنظمات الحقوقيّة وكلّ شيء.
لا اقولُ ان ذلك سينتهي باسقاط نظام القبيلة وإزاحتهِ من المسرح الدّولي في ليلةٍ وضحاها، ابداً، ولكنّني اجزم انّ هذا الجهد سينتهي في نهايةِ المطاف الى القضاءِ عليهِ او على الأقل إنهاء دوره وتأثيره في المَنْطَقَةِ والعالم.
لقد جَاءَ وعدُ (آل سعود) والزّمنُ كفيلٌ بالاتيانِ على نهايتهِم المحتومةِ لرميهِم في مزبلةِ التّاريخ مَكبّ الظّالمين.
انّ مَن يتصور انّ نظام (آل سَعود) خلقهُ الغرب ليبقى، فهو حتميّةٌ تاريخيّةٌ وقدرُ الانسانيّة، فهو واهمٌ جداً، فلقد مرّت أنظمة كثيرة في المنطقة من صُنع الغرب الا انّها انتهت عندما انتهى مفعولها، وما نِظامُ الطّاغية الذّليل صدّام حسين ومصيرهُ ببعيدٍ عنّا، فلم يخطر وقتها ببالِ كثيرين انّهُ سيزول من الخارطة في يومٍ من الأيام، الا انّنا رأينا كيف تهاوى عرشهُ الكارتوني كلمحٍ بالبصر او هو اقربُ على الرّغم من كلّ الاعلام العالمي والمحلّي الذي صوّر لنا النّظام وكأنّهُ جبلٌ ثابتٌ لا يتزحزح من موقعهِ ولا يزولَ من مكانهِ!.
انّ الرّياض تعرف جيداً بأَنّهُ ليس بامكانِها ان تصمد يومَين اذا رفعت واشنطن، وخليفتها لندن، يدَها عنها، فلِمن تهدّد الرّياض يا تُرى؟ انّهُ يشبهُ تهديد البعوضة للفيلِ عندما طلبت مِنْهُ التّماسك لانّها قرّرت المغادرة!.