السيمر / الخميس 16 . 06 . 2016
نــــــــــزار حيدر
{مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}.
٤/ حرمة الدّم والعِرض والأرض في النزاعات السّياسية فقد قال تعالى {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}.
ان أعظم الجرائم التي يرتكبها الارهابيّون عندما يُشرعنون بآيات الله تعالى قتل النّفس المحترمة وإِراقة دماء الابرياء من اجل أهداف غير إنسانيّة، حتى أصبح الذَّبحُ اليوم باسم الدّين سِمَةَ العصرِ.
يقول أَميرُ المؤمنين (ع) في عهدهِ الى مالك الأشتر لما ولّاه مصر، محذراً من سفك الدّم {إِيَّاكَ وَالدَّمَاءَ وَسَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَة، وَلاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَة، وَلاَ أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَة، وَانْقِطَاعِ مُدَّة، مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَاللهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِىءٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ، فِيَما تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامةِ، فَلاَ تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَم حَرَام، فَإِنَّ ذلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَيُوهِنُهُ، بَلْ يُزيِلُهُ وَيَنْقُلُهُ، وَلاَ عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللهِ وَلاَ عِنْدِي فِي قَتْلِ الْعَمدِ، لاَِنَّ فِيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ، وَإِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإ وَأَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِعُقُوبَة، فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً، فَلاَ تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول حَقَّهُمْ}.
امّا اليوم فانّ أرخص شيء عندنا هو الدّم، فلقد اهدرهُ الارهابيّون باسم الله تعالى وباسم الدّين وباسم آيات القرآن الكريم، فأيّ دينٍ هذا الذي يستبيح الدّماء والأعراض والشّرف؟ ايّ دينٍ هذا الذي يستبيح الارض ويدمّر الحياة ويهدّد الطّفولة ويقتل البريء على الهويّة والانتماء؟!.
أُنظروا كيف استباح (ابو بكر) لعنهُ الله وأخزاهُ دماء النّاس وأعراضهم واموالهم في كلّ مكان، فلقد قتلَ، منذ ان أعلن (خلافته) قبل عامين، الآلاف المؤلّفة من الابرياء في العراق وسوريا وعدّة دول أفريقيّة! كما استباح أعراض النّاس فباعَ واشترى النساء والعذارى، كما دمّر التاريخ والمدنيّة والحضارة والتّراث ودور العبادة لمختلف الأديان والمذاهب، خاصةً في الموصل الحدباء التي فقدت عذريّتها وتاريخها وحضارتها العريقة بفتاواهُ الجاهليّة التي يبرأ منها الدّين كما يبرأ الذّئب من دمِ يوسف.
انّهُ يُرِيدُ ان يُقيم دين الله بتفجير السيّارات المفخّخة والاحزم النّاسفة في الأماكن العامة وفي المساجد والحسينيّات، ورسول الله (ص) {لا يُطاعُ الله مِن حيثُ يُعصى}.
امّا (عُمر) لعنهُ الله وأخزاهُ، فهو الآخر عرّض الاسلام والمسلمين في بلاد الغرب الى الخطر بفعلتهِ الشّنيعة عندما اقتحم قبل يومين نادٍ في مدينة اورلاندو في ولاية فلوريدا، ليقتل ويجرح قرابة مئة من ضحاياه! فأيّ دينٍ هذا الذي يُروّع الآمنين؟.
انّهُ بحريمتهِ يعرّض الاسلام للتّهمة والسّخرية ولحملات التّشويه، وكلّ ذلك يتناقض وقول الله تعالى {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
لقد غيرّ رَسُولُ الله (ص) مسير جَيْشٍ بالكامل من أَجد ان لا يروّع حمامةً كانت آمنةً في عشّها مع فراخِها صادفتهُ في الطّريق.
كما انّهُ بشَّر امرأةً مسلمةً صائمةً بالنّار لانّها حَبست قطّتها عن الماءِ فماتت.
انّ الاسلام دين الرّحمة والمحبّة والأمن والسّلام، ويكفيهِ انّ تحيّتهُ {سَلَامٌ عَلَيْكُم} فكيفَ بِمن يحيّي النّاس بالسّلام يُبادر الى قتلهِم وترويعهِم واشاعة الخوفِ والهلعِ، خاصةً في ايام الله تعالى، كشهرِ رمضان المبارك، وفي المساجد والصّوامع والكنائس التي يُذكر فيها الله تعالى، والتي شرَّع الله القتال لحمايتها من الهدم، كما في قوله تعالى {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}؟!.
انّ مُقابل نموذج (أبو بكر) و (عُمر) لعنهما الله، يشخصُ أمام العالم اليوم نموذج (عليّ) رَحِمَهُ الله، واقصد بهِ بطل الملاكمة العالمي الأسطورة [محمد علي كلاي] الذي تُوفّي الأسبوع الماضي.
لقد قدّم (عليّ) نموذجاً مغايراً تماماً للإسلام الذي اعتقد بهِ فأحبّهُ واعتنقهُ ودافعَ عَنْهُ وهو في حلبة النّزال، ولذلك رأينا كيف هتفت الملايين باسمهِ (علي علي علي) وهي تشيّعهُ الى مثواه الاخير في مسقطِ راْسهِ في ولاية كنتاكي الاميركيّة.
لقد تعلّم من الاسلام السّلام والمحبّة وعمل الخير، ولذلك لم يوفّر من عُمرهِ شيئاً الا وقد سعى فيه لإنجازِ ما يُمكن ان يُساهم في فعلِ الخيرِ للانسانيّة، فيكون سبباً لرفعة الاسلام وتغيير الصّورة النّمطيّة التي يختزنها الرّأي العام في عقلهِ الباطن.
لقد كان مسلماً حقيقيّاً وعى معنى التّوحيد ومعنى العبوديّة لله تعالى، وكان واثقاً جداً بنفسهِ وبدينهِ وبربّهِ، ولذلك تحوّلت كلماتهُ وأحاديثهُ وخطاباتهُ الى أيقونات يحفظها كثيرون.
انّ ايّة قراءة للقرآن الكريم تُثير الفزع والخوف والرّعب والعنف والارهاب في المجتمع، وتصادر السّلم الاهلي وتعتدي على الطُّمأنينة وتحرّض على الكراهيّة لهي قراءة مُنحرفة الغرض منها شرعنة الارهاب، مهما كان شكلهُ، الامني مِنْهُ والسّياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي او ايّ نوعٍ من انواع الارهاب.
انّ الذين يلوون عنق الآيات الكريمة لشرعنة جرائمهم، بالتّضليل والاكاذيب وقلب الحقائق، هم مصداق حي لقولِ الله تعالى {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}.
ان الواجب الشّرعي والوطني يفرض علينا جميعاً التّصدّي للقراءات (الارهابيّة) لآي الذّكر الحكيم، والتي أنتجت الارهاب الذي عاثَ في الأَرْضِ الفساد، وانّ من يُقَصِّر في ذلك او يطعن بهويّة من يتصدّى لهذا الواجب، كما يفعل اليوم الطّائفيون ضدّ قواتنا المسلّحة وتحديداً ضد الحشد الشّعبي البطل، انّما يخونون الله ورسولهُ ويخونون دينهم وأخلاقهم وعِرضهم وشرفهم وأَرضهم!.