السيمر / الأربعاء 22 . 06 . 2016
معمر حبار / الجزائر
الجنسية حق بالفطرة أو مكتسب لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية ودينية وتاريخية. وتحجب لذات الأسباب، أو لأسباب أخرى.
والمتتبع لكيفية تعامل الدول الأوربية مع اللاجئين، يجدها تمنح جنسيتها لأطباء، وفنيين، وعلماء عرب في جميع التخصصات وتفضلهم على غيرهم في الشغل والسكن.
والمتتبع للمنتديات الرياضية الدولية، يرى كيف أن الدول الأوربية تمنح جنسياتها لأحسن الرياضيين، ليمنحوها الألقاب والذهب والفضة، فتنال بفضلهم المراتب الأولى، ولو كانوا على غير دينهم، ومن غير لونهم.
ويكفي الإشارة أن الرئيس الفرنسي هولاند ، منح الجنسية الفرنسية لصومالي ، لم تعرف له هوية، منسي لم يلتفت إليه أحد، لأنه أنقذ العديد من الفرنسيين من هلاك مبين، أثناء الأحداث الدموية التي شهدتها فرنسا، بفضل الخدمة التي قدمها للجيش الفرنسي عبر الهاتف الذي يحمله، فدلهم على المنفذ بدقة متناهية.
وبناء على منع البحرين الجنسية عن مواطن بحريني، نقول.. هذا أمر بحريني داخلي، لا يحق لأي كان التدخل في الشؤون الداخلية، ولكل دولة أسبابها ودواعيها، ولو خالفها المرء. والتدخل في الشؤون البحرين، مذموم ممقوت سواء كان من طرف الأمريكان، أو العرب، أو إيران.
لكن يبقى المتتبع الذي لا يميل لأية جهة، يقول ويردد.. للأسف الشديد مازالت الدول العربية عامة والدول الخليجية خاصة، تستعمل الجنسية لأغراض دنيئة، وكأنها سلعة تباع لمن تحب، وتمنعها من تكره وتبغض. فتبيع جنسيات لأعداد هائلة لتغير بها موازين القوى السكانية لحساب جهة أو مذهب، أو طائفة، على حساب جهة، أو مذهب أو طائفة.
وما هو شائع بين الحكومات العربية، مشاهد بين أفراد من المجتمعات العربية. فتجد العربي ينظم توقيته، بحيث يضمن وضع زوجه حملها في دولة أوربية، لينال الولد جنسيتها وبالتالي تعيش العائلة العربية بأكملها، من فضل جنسية الجنين. ويتحملون في سبيل نيل الجنسية الاوربية أو الأمريكية كل أنواع الذل والمهانة. وتجد وزراء العرب، والسفراء ، والنواب، يفتخرون بكونهم يحملون جنسية دولة المستدمر، أو دولة أوربية أو أمريكية، غير مبالين بوظيفتهم السامية ، ومدى خطورة الجنسية المزدوجة.
والمطلوب من المثقفين العرب، أن يتطرقوا للجنسية دون تمييز في دين أو مذهب أو عقيدة، لأن التحدث عن جهة بعينها وإثارة الغبار حولها دون غيرها، هو وجه من أوجه الطائفية المذمومة الممقوتة. والتحدث عن الجميع دون استثناء، باب من أبواب الرقي والتحضر. والمثقف ليس تبعا لأيّ نظام سياسي كان، لكي يردد ما يريده النظام السياسي. ولسنا تبعا لإيران أو البحرين أو السعودية أو الغرب، لنردد ما يريده كل منهم.
المشكلة في الدول العربية عامة والخليجية خاصة، أنها ما زالت تتعامل مع الجنسية على أنها مكرمة ملكية. فهناك بيع جنسيات، ومنع جنسيات، والحبو نحو جنسيات، وبيع الأرض والعرض نحو جنسيات، واستغلال الذمم لأجل جنسيات.
وكمثال للتعامل مع الجنسية بصفة حضارية راقية، يذكر المثال الفرنسي ، حيث إقترحت فرنسا وبدعم من رئيس الدولة ورئيس الحكومة، عقب الأحداث الدموية الأخيرة، مشروع سحب الجنسية من الأجنبي المتورط في الإرهاب بالمفهوم الفرنسي، لكن تم إلغاء المشروع، واعتبر إهانة ومذلة للإنسان بشكل عام، وللمواطن الأجنبي بصفة خاصة، لأن فيه تعدي على حقوقه وابتزاز لوضعه، وإهانة لكرامته.