السيمر / الجمعة 08 . 07 . 2016
معمر حبار / الجزائر
هو العيد الثاني الذي يقضيه الإبن دون الأم رحمة الله عليها. صلينا صلاة العيد رفقة الأبناء. كانت خطبة العيد لهذا العام من أحسن الخطب التي ألقيت وتشبه خطبة الوداع، لأنها تضمنت الحث على الفضائل والسعي لها، والدعاء للوطن والأفراد والأمة الإسلامية جمعاء .
وأنا متجه للمقبرة زرت الإمام الفقيه الشيخ عمر مقدود. فأنا أخذ منه العلم ، والفقه ، وبياض السريرة ، والزهد في الحياة. وأخذنا فنجان قهوة رفقة إبنيه عبد الفتاح وإسماعيل، وتم تداول بعض النقاط التي تشغل الأمة عن حققة الأمة.
إتجهت بعدها رفقة الأهل والأبناء إلى مقبرة سيدي العروسي لزيارة الأب والأم رحمة الله عليهما. فتلك سنة حميدة ورثتها عن أمي رحمة الله عليها، حين كنت أرافقها لزيارة أبي رحمة الله عليه، وحين كنت أرافقها وأنا طفل صغير لزيارة جدي وجدتي، وما زالت أفتخر بكوني أحافظ على هذه السنة الحميدة وأنا أب لأربعة، وفي الخمسين من عمري.
ودائما رفقة الأهل والأبناء، شرعت في زيارة الإخوة من النساء والرجال، باعتباري أصغر الإخوة. وهي فرصة يلتقي فيها الأبناء بأعمامهم وعماتهم، في انتظار أن يزوروا غدا جدهم وجدتهم من الأم ، ويلتقوا بخالهم وخالاتهم، وكذا أبنائهم. فالمرء يسعى دوما لينمو الأبناء على زيارة الأقارب والأحباب، فإنها كما قال خطيب العيد من رضا رب العالمين.
وأحسن ما في الزيارات، ذلك الجو الرباني الأخوي الذي يجمع بين القلوب ويوحد الصدور، وتلتقي عبره الأجيال.
أقول لإحدى بنات أحد إخوتي، ونحن الإخوة الثلاثة نتقاسم الحلوى التقليدية والعصرية، وفناجين القهوة والشاي، رفقة الأبناء من أعمار متفاوتة..
هذه الصورة التي ترينها أمامك والتي تبدو في نظرك بسيطة عادية، هناك من يحلم بها ويتمنى أن ينفق لأجل تحقيقها الأموال والجاه. فهناك إخوة لم يجتمعوا فيما بينهم لسنوات طوال ولأسباب عديدة، ويبكون الدم قبل الدمع، ليرزقوا لحظة من لحظات هذه الجلسة الطيبة المباركة.
ورغم كون الزيارة كانت شاقة، باعتبارها إستغرقت من التاسعة صباحا إلى غاية السادسة مساء، إلا أن تجديد اللقاء، وتوطيد العلاقة، والسؤال عن الحاضر والغائب، والإطمئنان على الجميع، وتبليغ السلام لمن لم يسعفه الحضور، ساهم وبصدق وإخلاص في رفع التعب والإرهاق، واستبداله بدوام البسمة وطول الأمل.
كان اليوم الثاني لزيارة الصهر بأولاد محمد حيث الجد والجدة. راح الأطفال يلعبون ويمرحون، وبقي الأصهار يتبادلون البسمات تارة، ويتناقشون تارة أخرى، وكل تمنى لأخيه التوفيق والسداد.
وبعدها زرت زميلنا الأستاذ عزالدين بلعالية، رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا بكلية التكنولوجيا، فحدثني عن التطورات الأخيرة التي طرأت على الكلية ، فيما يتعلق بوضع المعلومة أمام الطالب. فعلى سبيل المثال، فإن الطالب يمكنه أن يتصفح النقاط المتحصل عليها، والرغبة التي تحصل عليها حسب معدله الشخصي، ويرى أمامه القائمة الخاصة بكل الطلبة، المتضمنة معدلات ورغبات الطلبة.
وكانت فرصة أن أجلس بين يدي أمه، وهي عجوز طاعنة في السن، ففرحت كثيرا وأنا أسمع باهتمام بالغ لدعائها لي وللزوج، والأولاد، وكان هذا الدعاء أفضل هدية نالها المعني هذا العيد.
وأنا متجه إلى البيت، زرت أخي حسان، فتابعنا النصف النهائي بين ألمانيا وفرنسا الخاص بكأس أوربا للأمم 2016.
وصح عيد الجميع، وأعاده الله على الجزائر، وجيرانها، والأمة جمعاء، بكل ما يرفع شأنها، ويحيي ذكرها.