السيمر / الثلاثاء 19 . 07 . 2016
كاظم فنجان الحمامي
قبل التعرف على الذين نصروا الأردوغان وحزب الأخوان، لابد من التنويه إلى أهمية الفيالق الأمريكية المتجحفلة في قاعدة أنجرليك التركية، وفي القواعد الأخرى المنتشرة في عموم البلدان العربية، وفي مقدمتها قواعد الجبارين والمتجبرين في (السيلية)، و(العديد)، و(سنوبي)، التي اجتمعت كلها فوق جزيرة (قطر)، واتخذتها ملاذا ومرتكزا عدوانياً يتوسط القارات الثلاث.
صار واضحا أن تلك القواعد ما كان لها أن تكون لولا الاتفاق المبرم مع زعماء الأقطار المضيفة من أجل حمايتهم وحماية أنظمتهم من الانقلابات والانتفاضات الداخلية المناوئة لهم. وهذا هو الملخص الموجز لما حدث في تركيا قبل بضعة أيام، فما أن انطلقت شرارة الانقلاب الذي ضم 60% من تشكيلات الجيش، حتى أذعن الأردوغان لمطالبهم بالتنحي، وطلب منهم السماح بمغادرة البلاد، فأرسلوه إلى المطار بمروحية عسكرية، وهنا بعث رسالته الهاتفية الأولى، التي طلب فيها من الشعب النزول إلى الشارع، لكنهم لم يخرجوا من بيوتهم، ولم يلبوا نداءه.
طلب الأردوغان اللجوء إلى ألمانيا فرفضت طلبه، ثم طلب اللجوء من أذربيجان فرفضته، وطلب اللجوء من إيران فرفضت طلبه أيضاً، وهنا توجه الأردوغان إلى الحاضنة الشيطانية في قاعدة أنجرليك، فاستقبلوه بالترحاب، وطلبوا منه الرضوخ لهم ولمطالبهم التوسعية في المنطقة، فوافق على الفور ومن دون تردد، عندئذ انطلقت الطائرات الأمريكية من أوكارها لتوجه ضرباتها القاتلة لدبابات الانقلابيين ومروحياتهم، ودارت اشتباكات حامية الوطيس بين الأمريكان والمناوئين للأردوغان، أسفرت عن سقوط طائرات الانقلابيين وجنودهم، الأمر الذي اضطر قادة الانقلاب إلى التوقف عن تنفيذ خططهم، بعدما تأكدوا أنهم أصبحوا في قبضة الكماشة الأمريكية المتفوقة تقنيا وتعبوياً.
هل عرفتهم الآن الأسباب الميكافيلية التي دعت حكام الشرق الأوسط إلى استقبال القواعد الحربية الأمريكية ؟، وهل فهمتم الآن الأسباب التي دعت حكام المنطقة إلى تكميم أفواه شعوبهم المقهورة، ومنعهم من القيام بأي انقلاب شعبي ؟، وهل صارت واضحة لديكم الظروف التي أدت إلى غياب ثورات الربيع العربي في الأقطار العربية المتواطئة مع الفلول الحربية الأمريكية ؟، وهل تعرفتم الآن على عمق العلاقات الوطيدة بين البيت الأبيض والعواصم العربية الغارقة في ممارسة الرذيلة السياسية بكل أنواعها المشينة ؟.
من هنا يمكننا القول: إن قاعدة أنجرليك هي التي وفرت صمامات الأمان لعودة نظام الأردوغان، وهي التي وفرت الغطاء المتين للتنظيمات الإرهابية.
لقد عرضت شبكة اليوتيوب عشرات الأفلام لتساقط المروحيات التركية كما الذباب فوق المباني الشاهقة وفي الساحات والشوارع ؟، وهل رأيتم كيف انتفضت القوى الظلامية عندما علمت بنوايا الانقلابيين لقصف المواقع الداعشية ؟. ألا ترون أننا نعيش الآن تفاصيل مهزلة سياسية لا يصدقها العقل ولا يقبلها المنطق ؟؟.