الرئيسية / مقالات / بصراحة تغضب المتشددين، وقد تُزعل بعض الطيبين / شؤون وشجون عن فعالية تضامنية أخيرة في براغ

بصراحة تغضب المتشددين، وقد تُزعل بعض الطيبين / شؤون وشجون عن فعالية تضامنية أخيرة في براغ

السيمر / الاثنين 25 . 07 . 2016

•رواء الجصاني

علمتني العقود الخمسة التي خبرتها في رحاب النشاط الجماهيري، ومنظماته وفعالياته، بصور ومواقع شتى، ان التكافل الاجتماعي، والتضامن: حال انسانية قبل اي شئ أو أمر اخر، يحياها المرء، ويتبناها على وجه فطرة، ويتفاعل معها، سياسياً كان ام مثقفاً، او امياً، وما بينهما عديد متعدد …
أقول خمسة عقود وأعني – متباهياً، ولم لا؟!- كنت في غمارها ناشطاً جماهيرياً ووطنياً، وحزبياً ونقابياً، بهذه المسؤولية أوتلك، وفي هذه الجغرافية او سواها، فترسخ عندي وما برح: ان معنى التضامن الانساني، وفحواه، لصيق، ودون فكاك، لمن يعرف ويدرك، ويعيش جذوات الحياة، وجمالها، كما واحزانها واتراحها..
… ورباط الحديث هنا، وبدون “مقدمات” أو “مؤخرات” آعتاد عليها الكثيرون، يخص فعالية تضامنية أخيرة في براغ، مع الشعب العراقي ضد الارهاب، وقد شيئ لي ان اكون في وسطها، دون وسيط … وهاكم بعض شؤونها وشجونها، عسى ان تكون ذات مغزى ومؤشرات، خاصة وعامة، ربما تبدد بعض التشوهات والتشويهات، ذات الصلة، وثمة ابيات قصيد هنا للفطين، ولغيره على حد سواء، كما ازعم:
1.لقد جاءت تلك الفعالية التضامنية، لتعبرعن بعض تلك الحالة الانسانية – الفطرية كما ينبغي- لكل أمرء ذي مشاعر وعواطف، وهو يرى ويسمع ما جرى ويجري من اباحة واستباحة لدماء وارواح المئات من الابرياء المدنيين، اهلاً وصحاباً، وآل بيت، وغيرهم، في بلادنا العراقية الانجب .
2.وخيراً فعل المعنيون حين اختاروا شعارا عاماً لفعاليتهم، توخياً لاستقطاب اوسع ما يمكن من الناس- وهم جمع “انسان” بالعربي الفصيح، لمن لا يدري او لا يريد ان يدري- .. لكي يعبروا عن مشاعرهم كما سبق القول، بابسط الطرق والوسائل، وهي ان يتجمعوا وسط براغ، عاصمة الحب والجمال، وان يسمعوا صوتاً، ويرفعونه، أو يُعلون شعاراً أو علماً عراقياً بهذا الحجم أو ذاك… ثم ليشعلوا شموعاً، استذكاراً رمزيا لارواح من طالهم الغدر والارهاب والعنف والتشدد والغلو .
3.وأذ تنجح الفعالية، بمستوى أو آخر، فتكون الابرز، شكلاً ومضموناً، وحجماً حتى، على مدى ربع قرن على الاقل، مقارنة بفعاليات عراقية وعربية واجنبية، وسط براغ.. أقول أذ تنجح تلكم الفعالية، تعلو هنا وهناك من صرحاء، كما ملثمين، وغيرهم، انتقادات لا ارتكاز لها سوى تصيّد النواقص، للنيل من نجاح الفعالية، برغم إن المنظمين ذاتهم قد احترزوا من ذلك، فأعترفوا مسبقا بتلك النواقص، بل وزادوا عليها، آخذين بالاعتبار ظروفاً موضوعية وذاتية لمنتدى مدني، يمول، نفسه بنفسه في معظم الاحايين، وها هو يُدام تطوعاُ من نخبة لا تريد جزاء، ولا شكرا على واجب يعدونه وطنيا وأجتماعياً، فأين منهم الاخرون، المنتقدون دون توقف أو حرج، أو عطاء ؟! …
4.ولعل هناك من يريد المزيد من تفاصيل ذلك التصيّد، لكى لا يكون زعمنا دون اسانيد، نقول بأن من حجج المنتقدين، ان “توجهات” الفعالية لم تكن شاملة، وكأننا في دورة علمية، أو مؤتمر سياسي، وليس في وقفة تضامن عجلى، ليس ألا … ولمن يريد المزيد من التفاصيل عن مواقف البعض، نقول بانهم كالوا مزاعم هنا وأخرى هناك، بأن السفارة العراقية في براغ هي التي مولت كامل الفعالية، وكأن في ذلك – لو كان قد حصل حقا- أمراً غريبا. ولكن ولكي تُدحض وبالارقام تلك الفرية المبتغاة، وثق المنظمون بأن مساهمة السفارة- مالياً- لم تزد عن ربع التكاليف، والتي بلغت في اجمالها اربعمئة دولار فقط، لاغير…
5.كما عاب بعض المتخفين بتسميات مستعارة، من اولئك الذين أدمنوا الخجل من التصريح بأسمائهم، بأن عشرة عرب فقط، حضروا تلك الوقفة التضامنية مع شعب العراق ضد الارهاب، ولا ندري هل تلك هي “مفخرة” أم “منقصة” لمن لن يستجب لدعوات المشاركة التي تم توجيهها بأوسع نطاق، ودون اسثناء لاي كان؟ .. ولا ندري ايضا – بحسب تعبير أحد المشاغبين- هل نسى أم تناسى الأخوة العرب، وعددهم في براغ يتجاوز الالف على الاقل، كيف تضامن العراقييون- ويتضامنون- مع نضالات واحداث شعوب البلدان العربية، بل وما تحملوه من تضحيات بسبب ذلك: ملاحقة وعسفاً واعتقالاُ وسجناً، وطوال سنوات لا بل عقود مديدة …
6.ولكي نزيد من الوقائع، نشير الى انتقادات البعض ممن “يتفرجون” عن بعد، فقالوا: ان الفعالية جاءت متأخرة… وانها لم تكن بالالاف… وان المنظمين لهم اهدافهم!!! وغير ذلك من تقولات… وقد تلقوا اكثر من ردٍ، وردّ خلاصته: ان الجدارة بالاعمال وليس بالاقوال، ومن لم يستطع، فليتكرم على من أجتهد، وجَهد، بفضيلة الصمت، ولا نقول بغيرها من الفضائل الاخرى .
7.ثم، وهنا تساؤل لصديق غير عراقي، وفحواه: لمَ يقاطع البعض مثل هكذا فعاليات، لا علاقة لها بحزب أو حركة أو حكومة أو برلمان؟… وزاد – الصديق- ربما هناك سياسيون معارضون، للسلطات العراقية، بل وللعملية السياسية السائدة في بلادهم عموماً، ولكن، ما علاقة كل ذلك وهذا، بموضوع انساني بحت، وهو وقفة تضامن مع ضحايا الارهاب الغاشم؟ … وقد حرنا جواباً على تلك الاسئلة وقريناتها، ولعل هناك من يستطيع الاجابة على ما عجزنا من الاجابة عليه !!!.
8.اما الطيبون الذين تمنوا من القلب لو كانت الوقفة اكثر عددا، فلعلهم نسوا بأن ذلك كان ممكناً، وبكل يسر، لو أن كل عراقي شارك في الفعالية اصطحب معه بنتاً أو ولدا، أو زوجة، او صديقاً، ليتضاعف العدد، وليرتفع التضامن اعلى. وعسى ان تكون اللاحقات من الفعاليات بمثل ذلك الشكل والتوجه ..
9.ثم، وبهمس نقول في هذه العُجالة: ماذا سيقول ابناء الجالية من الذين تعذر عليهم الحضور، أو ممن لم يريدوه اصلاً، وبماذا سيردونَ على اسئلة شيوخ، رواد، تجاوزا الثمانين من العمر، وشاركوا في الوقفة التضامنية التي نتحدث عنها، ومن بين تلكم الاسئلة: لمَ لم نراكم معنا ايها الشباب والكهول ؟؟!!! …
وأخيراُ ها أنا اتساءل هذه المرة: تُرى هل وصلت الرسالة التي تحملها هذه الشؤون والشجون، الى من يعنيهم الامر، ومن حولهم؟؟! وهل ستفهم الغاية المبتغاة ؟؟!!.

——————————————– براغ في 24 تموز 2016

اترك تعليقاً