الرئيسية / مقالات / حِوْارِيّات / لِتَجْرِيمِ الاتِّجارِ بِصُوَرِ الرُّمُوزِ الدِّينِيَّةِ! / 4

حِوْارِيّات / لِتَجْرِيمِ الاتِّجارِ بِصُوَرِ الرُّمُوزِ الدِّينِيَّةِ! / 4

السيمر / الاثنين 25 . 07 . 2016

نـــــــــزار حيدر

*نصّ الحوار الذي أجراهُ الزّميل محمود الحسناوي، في إطارِ تحقيقٍ صحفيٍّ موسّع يُنشر في عدّة وسائل إعلاميّةٍ.
السّؤال الرّابع؛ هل يُمكنُنا اعتبار التَّهديدات الأخيرة لعددٍ من زُعماء التيّار الصّدري والهجمات الاخيرة لمؤيّدي السَّيّد الصّدر على مقار ومكاتب حزبيّة في النَّجف الأشرف وغيرها هو جزءٌ من صراعٍ شيعي – شيعي في المنطقة؟!.
الجواب؛ لم يؤيّد احدٌ هذه الممارسات الوقحة والقبيحة التي تضرّ بمصداقيّة من يدّعي الاصلاح والتغيير الحقيقي والإيجابي ثم يفعل مثل هذه الافاعيل التي لن تنفع في شيء.
حتّى زعيم التيّار الصّدري تبرأَ منها واستنكرها، على الرّغم من انَّ البعض يظنُّ انّ إيعازاً أو إِشارةً من السيّد الصدر نَفْسَهُ صدرت للمنفّذين لمثل هذه الممارسات السيّئة، او على الأقل انّ سكوتهُ بادئ الامر اعتبرهُ المنفّذون إِيعازاً او قبولاً بها لتنفيذِها.
انّ الاصلاح لا يتحقّق بالعدوانِ والجريمة، والتغيير الإيجابي المُرتقب لا يتحقّق بالتّهديدات والعنتريّات والخروج عن القانون، فاذا كُنّا نعيب على السياسيّين الفاسدين انّهم يوظّفون القانون للخروج عن القانون، ويوظّفون الدّستور لشرعنةِ امتيازاتهم الفاحشة وفسادهم وفشلهم، فكيف نقبل بأَن ننتهج نفس الطّريقة الأعوج لتحقيق الهدف السّامي؟! انّهُ تضليلٌ ودجلٌ لا ينبغي ان يتورَّط فِيهِ أَحدٌ أبداً! خاصّة الذين يرفعون شعار الاصلاح والتغيير.
وانا هنا أَدعو العراقيّين وخاصّةً المتظاهِرين والمعتصمين ان يحرصوا دائماً على أن يميّزوا أَنفسهم عن السياسيّين الفاسدين والفاشلين من جهة، وعن المندسّين والمعتدين على الحقّ العام والخاصّ على حدٍّ سواء من جهةٍ أُخرى.
انّ الاصلاح الحقيقي والتغيير السّليم لا يتحقّق الا بأَدواتٍ صالحةٍ وطاهرةٍ وسليمةٍ، فاذا كُنّا نتّخذَ بالفعل من عاشوراء مدرسةً في الاصلاح والتغيير الحقيقي فعلينا ان نتعلّم منها كلّ دروس الاصلاح بلا تجزِئة ونتعلّم منها كلّ اخلاقيّات الثّورة والانتفاضة والخروج على الظّلم والفساد والفشل بلا تبعيض!.
في ايّةِ حركةٍ احتجاجيّةٍ يجب ان نحترم رمزيّة الآخرين ولا نعتدي على أحدٍ مهما اختلفنا معهُ، فَلَو انّ كلّ من نختلف معهُ نتجاوز على مقارّهِ او رموزهِ او صُوَرهِ او ما الى ذلك، عندها فسوف لا يبقى شيءٌ نحترمهُ أَبداً، خاصَّةً وانّ ساحتنا السّياسية اليوم منقسمةٌ على نفسِها أَشدّ الانقسام، ما يعني انّ الحابل سيختلط بالنّابل من دونِ أَيّة حدود او خطوط حمراء او قانون، كلّما تظاهرنا واعتصمنا!.
ينبغي ان نتعلّم فنون الاعتراض الحضاري، لنُثبت انّنا نهدف بالفعل الى الاصلاح وليس الى التخريب، والى تغيير المنهج وليستفيد الأشخاص، فمشاكل البلد سَبَبُها منهجيّة فاشلة وليس أشخاص فاشلون فحسب!.
ولمناسبة الحديث عن موضوع المقارّ الحزبيّة، فأنا أدعو كلّ الاحزاب السّياسية من دون استثناء، الى ان لا يحوّلوا واجهات مقارّهم الى معارض صُوَر يُتاجرون بها، فما معنى مثلاً ان ترفع الاحزاب السّياسية الدّينية صوراً للمرجع الأَعلى في واجهة مقارّهم؟! انّ هذهِ تجارةً مفضوحةً لن تنطلي بعد الآن على أحدٍ بعد هذه التّجربة القاسية معها.
كما لا ينبغي لأيِّ حزبٍ ان يرفعَ في واجهةِ مقارِّهِ صُوَر عُلماء او زُعَماء غير عراقيّين، فتلكَ محلُّها في مكانٍ اخر
ينبغي على كلّ الاحزاب ان لا ترفعَ في واجهة مقارّها الا صورة زعيمها الحالي فقط، واذا ما تعرّضت صُوَر رموزٍ دينيّة للاهانةِ مرفوعةً في واجهة مقرِّ حزبيٍّ فانّ الحزب المعنيِّ هو المسؤول الأَوّل وَالأَخير على ذلك، امّا الهمج الرُّعاع الذين يعتدون على مقارِّ الاحزاب ويمدّون أيديهم الى صورةِ رمزٍ دينيٍّ او ما أشبه، فعلى الرّغم من انّهم مُدانون بلا شكّ، الا أَنّني أَجزم انّ الكثير منهم لا يعرف صاحب الصّورة حقّ المعرفة، لانّهم يندفعون اليها دفعاً على طريقة [حشرٌ مَعَ النّاسِ عيدٌ].
انَّ رفع صُور العُلماء والزُّعماء والرّموز الشّهداء على واجهة مقارِّ الاحزاب السّياسية، إِتّجار رخيص بالدّماء وهي تجارةٌ بائرةٌ ومفضوحةٌ، الغرض منها التّلاعب بمشاعر النّاس والضّحك على ذقون البسطاء وخداع السُّذَّج، فما دخل تاريخٌ طاهرٌ مضى ورموزٌ طاهرةٌ استشهِدت في سبيل تحقيقِ أهدافٍ نبيلةٍ مع واقعٍ حزبيٍّ مريضٍ ومُتناقضٍ مع ذاك التّاريخ ولا يرتبط بهِ بأيّة صلةٍ مُعرَّضٌ للمساءلةِ والمحاسبةِ والنَّقدِ والتّجريحِ والتّقييمِ وأحياناً للهجومِ والتّسقيط؟!.
فما بالُك اذا رفعت بعض الاحزاب صورةً منسوبةً للأمام أَميرِ المؤمنين (ع) او الامام الحُسين (ع) او للعبّاس بن علي (ع) في واجهة مقارّها؟! إِنّها ليست تجارةً بائرةً فقط وانّما نذالةً ما بعدها نذالة!.
ولذلك طلب نجل الشّهيد الصّدر الأَوّل السَّيّد جعفر الصّدر من حزب الدّعوة الاسلاميّة ان لا يرفعوا صُوَر والدهُ في واجهة مقارّهم الاحزبيّة لما يشكّل ذلك من إهانة للشهيد (قُدِّسَ سِرُّه).
اتمنّى ان يُشرّع مجلس النوّاب قانوناً خاصاً بهذا الشّأن، يمنع بموجبهِ منعاً باتّاً رفع صُور المراجع والعُلماء والشّهداء في واجهة المقارِّ الحزبيّة، والاكتفاء برفعِ صورة زعيم الحزب الحالي فقط اذا رغبَ الحزبيّون في ذلك، حتى اذا تعرّضت للاعتداء لسببٍ او لآخر او للتّمزيق او حتّى للتبوّل عليها، كما حصلَ لأحدهِم، فغيرُ مأسوفٍ لا على الزّعيم ولا على الصّورة! طبعاً مع تأكيدنا على خطأ وخطل مثلِ هذه الممارسات غير الحضاريّة وغير الاخلاقيّة التي يجب ان يُعاقب عليها القانون!.
كما انّ القانون جرّمَ الذي يوظّف الرّموز الدينيّة في الدّعاية الانتخابيّة، كذلك يجب ان يُجرِّم من يُتاجر بها في واجهة مقارّهِ الحزبيّة!.

*يتبع

اترك تعليقاً