السيمر / الخميس 28 . 07 . 2016
نزار حيدر
*نصّ الحوار الذي أجراهُ الزّميل محمود الحسناوي، في إطارِ تحقيقٍ صحفيٍّ موسّع يُنشر في عدّة وسائل إعلاميّةٍ.
السّؤال السّادس؛ كيف ترى قِراءات البعض بأن ورقة الانتخابات المقبلة هي أَحد أبرز أَسباب التّناحر بين الاطراف الشيعيّة والتّعويل على الحشد الشّعبي لخطف أَصوات الجماهير؟!.
الجواب؛ مع اقتراب موعد الانتخابات النيابيّة والمحليّة في كلّ مرّة تتصاعد وتيرة الصّراع على النّفوذ والسّلطة بين مختلف الاطراف السّياسية، ولا تشذّ عن ذلك الاطراف السّياسية الشيعيّة، فهي بلا شك جزءٌ لا يتجزّء من هذه الفوضى العارمة في كلّ شيء والتي تشهدها البلاد.
ولذلك نُلاحظ انّنا كلّما اقتربنا من الموسم الانتخابي كلّما تصاعدت لهجة التّسقيط والتّخوين والطّعن في الخلفيّات والنّوايا وفي كلّ شيء، وهو أَمرٌ مؤسفٌ ان يحصل بين مكوّنات التّحالف الوطني تحديداً على اعتبار انّها كلّها تدّعي انتماءها الى مذهبٍ واحدٍ يصف أمامَهُ الدُّنيا بقولهِ {دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز!} او قولهُ {وَإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لاََهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَة تَقْضَمُهَا} الا انّ هؤلاء بدلاً من ان يتعاملوا مع الدُّنيا بمثل هذه القيمة اذا بالدُّنيا تتعامل معهم بها، فلقد اثبتت التّجربة المرَّة ان هؤلاء لا يسوون عفطةَ عنزٍ، وانّ شأنهم وقيمتهم {لاََهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَة تَقْضَمُهَا} عندما باعوا كلّ شَيْءٍ من أَجل سُلطةٍ ومالٍ وجاهٍ زائلٍ بلا شكّ، وَيَا ليتهم أَنجزوا شيئاً بعد كلّ هذه الصّراعات الحزبيّة والعائليّة والشّخصيّة والكتلويّة والمناطقيّة و (المرجعيّة) لكُنّا قد هوَّنّا من هذا الصراع الجنوني، الا انّهم يتصارعونَ بلا نتيجةٍ ويتخاصمون بلا إنجازٍ ويتساقطون، اي يُسقِطُ بعضهُم البعض الآخر، بلا ايِّ بصيصِ أملٍ في مستقبلٍ أفضلٍ! وتلك هي الطامّة الكُبرى!.
كان ينبغي في تيّارات (دينيّة) سياسيّة تدّعي انّها انبثقت ووُلِدَت من رحم الحوزة والمرجعيّة الدّينية، وتحديداً من مرجعيّة الشّهيد الصّدر الاوّل، كما تدّعي كلّ مكوّنات التّحالف الوطني بلا استثناء، وأنها بقيّة سيف مسيرةٍ طويلةٍ من الجهاد والعمل في سبيل الله تعالى مضمّخة بدمِ الشّهداء الابرار وفيهم المراجع والعُلماء والفُقهاء والباحثين والكتّاب والخُطباء المتنوّرين، وفيهم النّساء والرّجال، وفيه الكبير والصّغير، كان ينبغي عليهم ان يقدّموا نموذجاً جديداً لمفهوم السُّلطة والحكم، وفي مفاهيم العلاقة بين السياسيّين ورجالات الدّولة والحُكّام! الا انّهم للاسف فعلوا عكس كل ذلك تماماً.
لقد اثبتوا بالتّجربة المرّة وبطريقة تعاملهِم مع السّلطة والحُكم انّ هدفهم من النّضال والجهاد ضدّ نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين لم يكن للتَّأسيس لبديلٍ حضاريٍّ عصريٍّ حقيقيٍّ يختلف في كلّ شيء عن النّظام البائد.
لقد اثبتوا بتصرّفاتهم البذيئة والدنيئة انّهم طُلّاب سُلطة وليسوا بُناة دولة، طُلّاب جاه ومال وسَطوة وليسوا بُناة حكومة العدل الالهي كما كانوا يقولون أَيّام كانوا حركةً معارِضة ضِدَّ الاستبداد والديكتاتوريّة!.
امّا بشأن توظيف عنوان الحشد الشّعبي في الصّراع على السّلطة والنّفوذ، او حتى في التّنافس الانتخابي، فهذا هو المتوقّع منهم، فهم يوظّفون المقدّسات في كلّ مرّة لخداع النّاخب.
وانا شخصيّاً لا أُريد ان اتحدّث في هذا الموضوع وَنَحْنُ على أبوابِ وَاحِدَةٍ من أَشرس المعارك في الحربِ على الارهاب، الا وهي معركة تحرير الموصل وبقيّة المناطق التي اغتصبها الارهاب من أَرض العراق الطّاهرة، خشية ان يُفسّره البعض بطريقةٍ ملتويةٍ يكون لها أَثرٌ سلبيٍّ على معنويّات المقاتلين، وهو أَمرٌ غير محبّذ الآن ولا ينبغي الخوض فيه ابداً حتى اذا كان بعض تجّار الحروب والدّماء يتعمّدون التّوظيف السيّء لهذا العنوان في حروبِهم وصراعاتهِم العبثيّة مع الآخرين من القوى السّياسية الشيعيّة تحديداً، اذ لا ينبغي ان يجرّنا هؤلاء لمثلِ هذا النّوع من الحديث العبَثي في الوقت الحاضر، وانا لا أُريدُ ان استبقَ الامور في هذا الموضوع كما أَنّني لا أُريد ان أَشغل السّاحة في أَمرٍ يُبعدُنا عن معركتِنا الحقيقيّة الآنيّة
ولكنّني أَقولُ بالمُجمل!
١/ انّ الحشد الشّعبي تشكّل استجابةً لفتوى الجهاد الكفائي حصراً والتي أَصدرها قبل عامَين المرجع الاعلى سماحة السيد السيستاني دام ظلُّه، ولذلك فانّ كلّ من يُحاول توظيف العنوان لأغراضٍ سياسيَّةٍ او انتخابيّةٍ فهو دجّالٌ يُتاجرُ بجُهدِ الآخرين!.
٢/ لقد أكّد صاحب الفتوى، المرجع الاعلى، ومنذ اليوم الاوّل، على ان الحشد هو مُلك العراق ولذلك فانّ كلّ مَن يُحاول ان يستغلّ العنوان ويجيّرهُ لأغراضهِ الخاصّة انّما هو يتجاوز العنوان الحقيقي والهويّة الحقيقيّة لهُ.
٣/ كلّنا نعرف جيداً بأَنّ الحشد تأسّس لتحقيقِ هدفٍ محدّد الا وهو مُساعدة القوّات المسلّحة العراقيّة في حربِها ضدّ الارهاب، ولذلك فانّ كلّ مَن يسعى لتوظيف العنوان لتحقيق غاياتٍ أُخرى انّما يتجاوز على الهدف الحقيقي!.
٤/ لا يجوز لأَحدٍ كما انّهُ لا يحقُّ لأَحدٍ ان يقرّر مصير الحشد بعد تحقيق النّصر المؤزّر النّهائي القريب باْذن الله تعالى على الارهاب، سوى المرجع الاعلى، فهو المسؤول حصراً عن تأسيسهِ كما انّهُ المسؤول حصراً عن مصيرهِ.
ومن خلال فهمنا للخطاب المرجعي المتعلّق بموضوع الحشد وعلى مدى أَكثر من عامَين، يتبيّن لكلِّ ذي بصيرةٍ او ألقى السّمع وهو شهيد انّ المرجع الاعلى يؤكّد دائماً على ان يكون الحشد جزءً لا يتجزّء من المؤسسة الامنيّة والعسكريّة الرّسمية للدّولة، ولذلك فانّ كلّ مَن يُحاول استدراج الحشد لعناوين سياسيّة او عسكريّة خاصّة انّما يُناصب المرجع الاعلى والدّولة العداء
لقد فوّض الخطاب المرجعي الدّولة في اختيار الطّريقة الفُضلى للتّعامل مع الحشد، وانّ قرار القائد العام للقوّات المسلّحة الاخير القاضي بإعادة هيكلة الحشد يأتي في إطار هذا التفويض!.
سيتّضح مَن بكى مِمَّن تباكى!.
٥/ أَخيراً، أوجّه كلامي لتجّار الحُروب والدّم قائلاً؛
لا تُحاولوا توظيف عنوان الحشد لخدمةِ صراعاتكم الحزبيّة والفئويّة فتلك تجارةٌ بائرةٌ ومراهنةٌ خاسرةٌ!.
ينبغي على كلّ المعنيّين بالحشد الحريصين على سمعتهِ وهيبَة الدّولة ومستقبلها ان لا يفسحوا المجال لكائنٍ مَن كان ان يُتاجر بهذا العنوان، فبعدَ إنجاز التّحرير الكامل باْذن الله تعالى ينبغي ان تتسمّر العيون صوبَ النّجف الأشرف لنسمع من المرجع الاعلى التّكليف الشّرعي للحشد الشّعبي الباسل الذي لولاهُ لما تحقَّقت فلسفة فتوى الجهاد، ولولاهُ لكان تجّار الحروب والدّم الذين فرّطوا بالعراق ليسقط بيدِ الارهابيّين، في خبرِ كانَ!.
*يتبع