الرئيسية / مقالات / حِوْارِيّات / أَلْفَشَلُ لا يُعْالَجُ بِخَطَأٍ! / 7 وَالْأَخِيرَةُ

حِوْارِيّات / أَلْفَشَلُ لا يُعْالَجُ بِخَطَأٍ! / 7 وَالْأَخِيرَةُ

السيمر / الجمعة 29 . 07 . 2016 — *نصّ الحوار الذي أجراهُ الزّميل محمود الحسناوي، في إطارِ تحقيقٍ صحفيٍّ موسّع يُنشر في عدّة وسائل إعلاميّةٍ.
السّؤال السّابع؛ كيف تُفسّر الاستعراضات العسكريّة الأَخيرة في العاصمة بغداد لعددٍ من فصائل الحشد الشّعبي؟!.
الجواب؛ انّ ايّ ظهورٍ عسكريٍّ مسلّح في الشّارع لغيرِ تشكيلات المؤسّسة العسكريّة والأمنيّة الرسميّة، هو ظهورٌ غير قانوني ومرفوض بلا نقاش، وهو ظهورٌ خطيرٌ لا يبعث الا رسالةً واحدةً فقط لا غير الا وهي إِعلان الحرب على الدّولة، فالسّلاح الخارج عن القانون لا يبني دولةً ولا يُساعد على الاستقرار ولا يحمي المواطن، فما بالك اذا كان هذا السّلاح بيد ميليشياتٍ تتخفّى بِاسْمِ الحشدِ مثلاً؟!.
ولشدّ من أَثار قلقي ومخاوفي وانا أُتابع قبل عدّة أسابيع حديثاً للسيّد القائد العام للقوّات المسلّحة الدكتور حيدر العبادي يقول فيه انّ في العاصمة بغداد لوحدِها (٢٠٠) فصيلٍ مسلّح خارج عن القانون يدّعي انّهُ من الحشد الشّعبي!.
هذا كلامٌ خطيرٌ جداً فوجود هذا النّوع من السّلاح وبهذا العدد من الأسماء بمثابة القنابل الموقوتة التي قد تنفجر في أَيّة لحظة، بسبب شائعةٍ مثلاً او معلومةٍ خطأ او قرارٍ من قوى خارجيّة، إِقليميّة او دوليّة، او حتّى بقرارٍ من مجنونٍ او معتوهٍ او مغرورٍ!.
فمتى ستضبط الدّولة السّلاح الخارج عن القانون؟!.
انّ الكثير من هذا السّلاح يُستخدم في الارهاب ونشر الرّعب والخوف في المجتمع، كما ان الكثير مِنْهُ يُستخدم في الجريمة المنظّمة، وكذلك في عمليّات النّصب والاحتيال والابتزاز واللصوصيّة وغير ذلك!.
بالاضافة الى كلّ ذلك، فانّهُ سلاحٌ لصناعة وحماية الزّعامات الوهميّة التي تُتاجر بالحروب والدّماء!.
وللاسف الشّديد فانّ الكثير مِنْهُ مرتبطٌ بشكلٍ او بآخر بزعاماتٍ (دينيّة) و (سياسيّة) ممتدّة أذرعها الأخطبوطيّة في الدّولة ومؤسّساتها! ثم نتوقّع بعد ذلك انّنا سنبني دولةً ذات سيادةٍ وسُلطةٍ وهَيبةٍ ومكانةٍ يثق بها النّاس؟!.
لقد ابتُلي العراق منذ عام ١٩٥٨ ولحدّ الآن بظاهرة الميليشيات المسلّحة، والخطير في هذه الظّاهرة ان كلّ هذه الميليشيات مُشرعنة بقرارات او قوانين صادرة عن (الزّعيم القائد) او عن السّلطة، وكلّنا نتذكّر ميليشيات الحزب الشّيوعي يوم أَنْ كان اليد الضاربة للسّلطة، ثم ميليشيات القومييّن التي تشكلت بعد انقلاب ١٩٦٣ واخيراً الميليشيات المتعدّدة الأسماء والهويّات والأزياء والعناوين الذي ظل يشكّلها الطّاغية الذّليل صدّام حسين على مدى (٣٥) عاماً من سلطتهِ الديكتاتوريّة البوليسية الشّمولية!.
حتى اذا سقط النّظام الجائر في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ظهرت المئات من العناوين الميليشياويّة الخارجة عن القانون والتي تغذّيها قِوى أَجنبيّة، إقليميّة ودوليّة، الغرض منها كلّها عرقلة الجهود الرّامية الى بناء الدّولة! تارةً باسم المقاومة ضدّ المُحتل وأُخرى باسم المقاومة ضد الرّافضة الصفويّين وهكذا!.
فماذا يعني ذلك؟! ولماذا؟!.
أَوَّلاً؛ عندما تحرص السّلطة على ان يكون لها ميليشيات خارج إطار المنظومة العسكريّة والأمنيّة المُتعارف عليها دوليّاً فهذا يعني انّها لا تثق بهذه المنظومة في حماية النظام، وهو الامر الذي يعني ان السّلطة لا تثق بنفسِها عندما تشعر كأنها لصٌّ سرق شيئاً من المجتمع ولذلك تفكّر في ان تحمي نفسها بسلاح الميليشيات! على قاعدة [كادَ المُريبُ أَن يقولَ خذوني!].
هو دليلٌ على انّها غير واثقة من حماية الشعب لها وأنّها غير واثقة من استمرارها مدّة طويلة، ولكلّ ذلك تبادر الى اللّجوء الى تشكيل الميليشيات المُشرعَنةِ بقوانين أَو قرارات خاصّة لابعاد الشّبهة عنها! كما كان يفعل الطّاغية الذليل!.
ثانياً؛ امّا زعامات الحرب وتجّار الدّم، فانّهم يتحيّنون الفرصة تلو الاخرى لتوظيف ايّ ظرفٍ خاصٍّ يمرُّ بالبلد ليبادروا الى تشكيل ميليشيات بحججٍ وأُخرى وبذريعةٍ وأُخرى!.
ولقد وظّفت الكثير من هذه الزّعامات فتوى الجهاد الكفائي إِمّا لاعادة بناء ميليشياتِها السّابقة او لتشكيلِ ميليشياتٍ جديدة وكلّ ذلك بذريعةِ تلبية نداء الفتوى وبحجّة المساهمة في الحربِ على الارهاب!.
وأَنا اقولُ بصراحةٍ فانّ كلّ سلاح لا يأتمِر بأمرِ الدّولة، فهو ميليشيا، وانّ كلّ سلاح يُقرر حركتهُ وسكنتهُ ومصيرهُ زعماءهُ بعيداً عن الدّولة ومؤسّساتها فهو ميليشيا!.
ثالثاً؛ يُبرّر البعض وجود ميليشياتهِ بذريعةِ فشل الدّولة في حمايةِ المواطن!.
ومتى كان الخطأُ يُعالجُ بخطأ؟! متى كان الانفلات الامني او الخروقات الامنيّة تُعالج بسلاحٍ خارج عن القانون؟! انّ ذلك يشبه حال المُستجير من الرّمضاء بالنّارِ!.
انّ الذين يُطالبون بتسليم أمن العاصمة للميليشيات بذريعة فشل الدّولة في تأمين الحماية اللازمة لها، انّ هؤلاء يُريدون توريط البلد باقتتالٍ داخليٍّ له بداية وليس له نهاية أَبداً.
انّهم يسعَون لبناء دولة الطّوائف الميليشياويّة!.
انَّ فشل الدّولة أَمنيّاً لا يُعالج بانتشار سلاح الميليشيات في الشّوارع والطّرقات، وانّما يُعالج بالمزيد من الخُطط الامنيّة المستحدَثة، وبالمزيد من عمليّات التّطهير للعناصر الفاسدة والفاشلة في المنظومة الامنيّة، وبالمزيد من القرارات والتّعليمات الصّارمة التي تضبط عمل هذه المنظومة، قيادات وعناصر، وبالمزيد من البحث والدّراسة للوقوف على أسباب ومسبّبات هذه الخروقات الامنيّة والفشل الامني.
يجب ان تكونَ بدائلنا عن كلِّ فشلٍ المزيد من الخُطط التي تُساعد بل تسرّع في بناء الدّولة، اما اذا أردنا ان نقدّم لكلِّ فشلٍ بديلاً يدفع باتّجاه المزيد من التّشرذم والمَزيد من الدّفع باتّجاه التّعارض مع الدّولة ومؤسّساتها، فذلك يعني انّنا سائرونَ باتّجاه الانهيار الكامل، وهذا امرٌ مرفوضٌ جُملةً وتفصيلاً ينبغي ان يُواجههُ العراقيّون بكلِّ ما أوتوا من حَوْلٍ ومن قوَّةٍ!.

*إنتهى

اترك تعليقاً