الرئيسية / ثقافة وادب / كريم السماوي ولعبتهِ المُحكمة(1)

كريم السماوي ولعبتهِ المُحكمة(1)

السيمر / السبت 03 . 09 . 2016

هاتف بشبوش

عبد الكريم السماوي روائي و كاتب سينمائي ، ليسانس آداب قسم اللغة العربية ، رئيس إتحاد الكتاب العراقيين في السويد ، أصدرت له العديد من الكتب ، ومنها(رحلة مع الصحافة الكويتية 1984) ، رواية سلوبودان 1988، كتاب ( مئة رواية ورواية ) يتحدث عن أهم الروايات العالمية وكتابها، مجموعة قصصية بعنوان ( نغمُّ تعشّق الوقواق) 2005 ، له مسرحيتان معدتان للطبع ( سفينة السلام ) ، و( غربة في غربة) ، ثم رواية ( اللعبة المحكمة) مدار دراستنا هذه ، والتي ترجمت الى اللغة الإنكليزية لما فيها من السرد الكوني ، ثم شخوصها التي إتخذت أسماءاً عالمية ( أوسكار ، زاك ، كريستينا …..الخ).
عبد الكريم يقترب من الفلسفة في سرده على لسان الحوارات الدائرة بين شخوص الرواية كي يعطينا الرسائل المراد إيصالها لنا ، عبد الكريم يكتب الموعظة التي من خلالها نفهم الكثير من دروس الحياة . يعتمد على أخلاق الحيوانات وتصرفاتها ويستل منها الفكرة المراد إيصالها الى القارئ فتأتي بشكلها الخلاّب الذي يسحر ألبابنا . فنرى قصصه حول الوقواق والكلاب والقردة وحيوان الفضاء السينمائي ( إي تي) ورأسه الذي يشبه رأس السلحفاة .
رواية اللعبة المحكمة تصلح أن تكون عملا سينمائيا دراميا مثيرا للغاية لما فيها من العبر الكثيرة والدروس في الحب وتجلياته ، في الأخلاق ، في الوفاء والإخلاص للصديق و الحبيب ، في مجريات الحياة العامة التي تتطلب الصّراع من أجل البقاء ، في المال إذا ما جاء على شكل بطاقة يانصيب رابحة ،وكيف يكون منغصاُ لراحة البال بدلا من إراحتها وإسعادها ، المال الذي قال عنه خوسيه موخيكا الرئيس اليساري للأورغواي (من يعشق المال لا مكان له في السياسة) . وبسبب المال الذي يأتي منه الجشع غرق العراق بلد القوانين والحضارة بالقتلِ والفوضى وكثرةِ السرّاق .
تعطينا الرواية من الحِكم الرائعة التي تتغلغل في عُمق الإنسان وتضحيته في سبيل الآخرين ، الإنسان الذي فيه الكثير من الشرور لكنّ كفة الخير تميل لديه في أغلب الأحيان ، ولذلك نرى الرواية تقول في أحد سطورها الرائعة ( ماذا تخسر الشمعة إذا أُشعلت شمعة ثانية ) ، كنّا في أيّام زمان نردّد تلك الكلمات الصادحة للشاعر التّركي الشّهير ناظم حكمت ( إذا أنت لم تحترق وأنا لم أحترق فمن ينير الدرب للآخرين؟ ) ، وعليه فإن الإنسان فيه من الطاقات والعجائب التي تسرُّ الناظر بقدر ما فيه من شرور مدمّرة ، و ما نراه من إشعال الحروب والفتن لهي من صنع الإنسان نفسه ، لكن صفحات التأريخ أنجبت من ساروا على درب الهوى وماتوا حرقة وألماً على حبيبةٍ هي الأخرى ذابت وتماهت في هذا الدرب العسير مثلما شاهدنا ليوناردو دي كابيريو في فيلم تايتنك وهو يتجمد بردا كي تحيا كيت وينسلت إلى عمرٍ طاعن .
صفحات التأريخ جاءت بمن جعلوا صدورهم دروعا لحماية أصدقائهم في ساحات الوغى ، صفحات التأريخ أنجبت هيباتشيا الحكيمة التي تُعدم ظلما من قبل الكنيسة فظلّت حتّى اليوم شمعة مضيئة للآخرين .
تتحدّث الرواية بشكلٍ يثير الجدل عن الموت ، ذلك المارد المخيف وماذا نفعل حين يقترب منّا أو حين يأتينا على حين غرّةٍ كحادثٍ أو موتٍ تفخيخي فلا وقت للتّسامح فيما بيننا و لا وقت حتى بتلويحةٍ للوداع . حينما يهمس في آذاننا إنّ موعدهُ على وشك المجيْء ، فعلينا التّهيّأ و الاستعداد للرّحيل وتوديع الأحبّة بقلوب يائسة حزينة لا تريد الفراق في تلك اللحظات غير مناسبة و ما علينا سوى الرّضوخ عنوةً لما يريده ملك الموت عزرائيل حينما يخيم بعبائته السوداء ،كما حصل للجميلةِ الفتيّةِ كريستينا بطلة قصّة روايتنا هذه كما سنبيّن لاحقا.
عبد الكريم قادر على رسم الدّهشة مع الأحداث الموصوفة و المُتقنة في تفاصيلها. يكتب بمنظور(العالم إرادة و تصور) للفيلسوف شوبنهاور، ولماذا تكوّن العالم و لماذا امتلأ بالبؤس والألم، يكتب عن السببيّة و الاستنكار أمام الألم الذي هو نقطة حسّاسة جدّا لما فيها من تفاصيل تُؤدّي بنا للتساؤل أكثر من مرة: لماذا أتينا مع كلّ هذا الألم؟؟ أسئلة نقدية و تشكيكيّة تنطلق من البُعد الحقيقي لوجع الإنسان الذي ما عاد يتحمل أكثر و أكثر من الآلام لكونه عبارة عن طاقة محدودة يمكن لها أن تنضب تحت أيّ قهرٍ لا يُحتمل .
رواية ( اللعبة المحكمة) ملخّصها يدور بين المحامي العجوز زاك و ماريو الناشر و كاتب روائي اسمه ( أوسكار) وهو بطل الرواية وحبيبته ثم زوجته فيما بعد كريستينيا ،الناجية الوحيدة من حادثة مرور يموت فيها أبوها وأمّها و أخوها.
كريستينا الثرية الجميلة المحكومة من قبل الطبيعة و بمشيئة الربّ بمرضٍ عضال ، ثم الكلبين تسونامي و بوسي ، و مولن و زوجها جورج .
الروائي أوسكار بالرغم عن كل مايكتبه وينشره نراه فقيرا لا يمتلك غير ثمن الكحول الذي يُخفّف عنه آلامه ، وكثيرا ماكان يتشاجر في البار مع الناشر الذي يُهدّده بمستحقّاتٍ يتوجّب عليه دفعها، فبالرغم من رواياته مازال مديوناً لهذ الناشر المستغِل الذي لا يرحم . الناشر ماريو يستغله ويربح منه الملايين بعد تحويل رواياته إلى أعمال سينمائية ويعطيه الفتات ، حتى يأتي زاك المحامي الشاطر فيستطيع أن ينتزع من ماريو الناشر مليوني يورو لصالح أوسكار ولم يأخذ أتعابه . يندهش أوسكار لهذا المساعدة العظيمة التي قدمها زاك المحامي له ، ولم يعرف السبب في ذلك . ثم تبين أنّ زاك لديه لعبة محكمة و خبيثة في أن يجعل أوسكار يُحبّ امرأة ثرية وجميلة للغاية تمتلك الملايين ، اسمها كريستينا وهي على وشك الموت بسبب إصابتها بسرطان الدّم الحادّ وسوف ترسو في ميناء الموت بعد أشهرٍ قلائل . المحامي زاك يقنع أوسكار في أن يشتري كلبا من نفس فصيلة كلب كريستينا ( بوسي) ،ثم يقنعه أن يلتقيها لقاءاً مدبّراً وكأنه على وجه الصدفة في النادي هي وكلبها ( بوسي) فتنشأ علاقة حميمية بين الكلبين ( تسونامي و بوسي) وعلى أثرها تـُزرع بذور الحبّ بين أوسكار و كريستينا التي كانت تقرأ رواياته ومعجبة بها أشدّ الإعجاب قبل هذا التعارف . يتّفق زاك المحامي اللّعوب ، المحامي الشّره الذي لا يشبع من المال مع أوسكار في أن يتقاسما ملايينها بعد موتها القادم لامحال . وتبدأ خطتهم بالشروع والنصب على كريستينا ، ويبدأ الحب بين الطرفين ثم الزواج ، والعيش الرغيد.
أثناء العلاقة يكتشف أوسكار أنّ كريستينا في غاية اللطف و الأدب فيحبّها حبا سحرياً و لم لا فهو الكاتب الروائي الشفيف الذي يُحبّ الناس ويكتب لهم فكيف له أن لا يُحبّ بكل نياط القلب إذا ما سنحت الفرصة الذهبية . ولذلك ينقلب رأسا على عقب و يبدأ بكره زاك المحامي و جشعه ، زاك الذي يمتلك الملايين من ضمنها الفندق الفخم الذي إستجمّوا به هو وكريستينا في أحد سفراتهم السياحية ، يكرهه لأنه يرى فيه ذلك الرأسمالي الجشع الذي لا يتوقف عند حدود الشبع ، حتى جاء ليزيد من ملايينه عن طريق سرقة هذه المرأة الطيبة التي أحبها أوسكار ولا بُدّ له أنْ يُخلِص لها ، بدلاً من النّصب والإحتيال.
بين الفينة والأخرى يبدأ ضمير أوسكار بالطرقِ في رأسه ، حيث يُصوّر الحبّ كذبة ، لما وجده في حبّه لكريستينا وكيف هو من بدأ الخداع في رمي حبائلهِ المزيفة . ولذلك نرى أثناء مسيرته الحافلة مع كريستينا بالسفرات والإستجمام و حينما يستكشف فيها نموذج المرأة المكتملة التي ليس فيها أي عيب ، جميلة ، ثرية ، تقرأ رواياته بنهم ، تُشجّعه على الكتابة ، قلبها الطيب ، تلك الوديعة المحبة للكلاب ، فيبدأ بالتشكيك في ذاته التي حطمها هذا المدعو زاك ، بعد أن كان روائيا طيّب القلب لا يعرف من المال سوى ما يكفيه لزجاجة خمر وعلبة سكائر على غرار الكثير من صعاليك الأدب ومنهم أراغون الفرنسي في بداية مشواره الأدبي أو النجفي السكير الشاعر عبد الأمير الحصيري والشاعر جان دمو .
يبدأ الضمير بالإستيقاظ لدى أوسكار فيما يتعلّق بعلاقته المزيفة مع كريستينا ، الضمير هذا الذي أول من تكلم عنه بشكل مذهل هو دوستويفسكي في رائعته ( الجريمة والعقاب أو سونيا والمجنون) ، دوستويفسكي أعطى درسا بليغاً عن الضمير الذي ظل سادرا في فضاءات عالم الكتاب والأدباء منذ ذلك الوقت القيصري حتى هذا اليوم الذي يشهد حروبا تخجل منها الإنسانية و ما وصلته من دراسات وصناعة أفلام تحث على الأمل والعيش بسلام . فلا عجبا أن نرى الروائي الجميل عبد الكريم يسطر لنا حروفه عن الضمير وحجم الإستفاقة التي نجدها هنا في سريرة بطل روايته ( أوسكار).
على الرغم من إستفاقة الضمير الإنساني لدى أوسكار إلاّ أنه يستمر في اللعبة و إتقانها تلك التي رسمها له الشرير العجوز المحامي ( زاك) ، لأنه يريد معرفة نهاية اللعبة الشريرة التي خطّط لها ( زاك) ، وهل يريد زاك أن يأخذ المال كله بعد أن يتخلص من كريستينا فيأتي الدور على أوسكار للتخلّص منه والحصول على ملايين كريستينا وحده ؟ إذ نرى غالبا مايختلف اللصوص في نهاية المطاف فيقتل بعضهم بعضاً طمعا بالمال لوحدهم ، مثلما نقلته لنا روائع الأفلام من ترسانة السينما العالمية .
تستمر اللعبة حتى زواج أوسكار من كريستينا وزواج كلبيهما أيضا ، بوسي كلب كريستينا و تسوناني كلب أوسكار ، حتى إنجابهم للعديد من الجراء . إستفاقة الضمير هذه تجعل من أوسكار أن يفكر بأنّ حب الحيوانات أصدق من حب البشر الذي يمتلك عقلا و ذهنا من المفروض أن تجعله يرتقي فوق الحيوانات لكنه يجد في حب الكلاب أصدق أنباء من الحب الحقيقي والنبيل ، هذه الكلاب التي لا تستطيع التكلم كي تعبّر عن أحاسيسها سوى بالإيماءةِ والتعبير باللسان والعيون أو تغيير معاني الوجه أو القيام بحركات وإشارات تمثيلية معينة، تلك الإشارات العجيبة التي تُترجم إلى أروع معاني الحب الجميل ، أو إلى التكيّف مع حالة معينة تستوجب ذلك، وهذه نراها لدى العديد من الحيوانات ،فالحشرة تتخذ شكل ورقة أو غصن لتعيش آمنة ، الحرباء تتلوّن بلون المكان الذي تمر به ، الكلب يجري خلف حجر نلقيه أمامه بنفس الشوق الذي يجري به خلف قطعة لحم ، الهررة تلعب بالحبال وهكذا دواليك ، ولذلك كان الروائي عبد الكريم بديعا في إستنباطه تلك التصرفات من الحيوانات فيعكسها على أخلاق البشر .
نرى لدى بطل الرواية ( أوسكار) أثناء صحوات الضمير أرق التعابير التي نستطيع بها أن نهتدي إلى ما نصبوا اليه . ولذلك حينما نغوص في أعماق الروائي عبد الكريم نجده يريد أن يُوصّل لنا رسالة مفادها في الحوارية الممتعة أدناه بين أوسكار وكريستينا حول طبائع البشر :
( الوقواق هو الموجود في أعماق كلّ الناس …وليس طرزان ! طرزان ربما موجود في أعماق بعض الناس . ماهو موجود في أعماق كل الناس هو الوقواق بسيكولوجيته المدمّرة ) ، بإعتبار أنّ الوقواق يسعى لتوفير حياة تستوفى فيها كلّ الشروط لصغاره ولكن على حساب الآخرين وعلى قتل صغار الآخرين وهم في أعشاشهم لكي يتخلّص من دور الحضانة ، إنّه الحيوان الإتّكالي المجرم والقاتل ، إنه الحيوان الذي لاشبيه له في فصيلة الطيور التي تُتّخذُ كمثال للبراءة والسلام . بينما طرزان هو المخلّص الذي يستطيع أن ينقذ الإنسان من أنياب الأسود والوحوش الضارية ، بإعتبار أنّ الإنسان من الممكن أن يكون بطلاً على غرار (روبن هود) أو (زورو) في طريقة تعاملهم في نزع الحق و مساعدة الآخرين . جدلية رائعة أعطاها لنا الروائي عبد الكريم ليعطينا إنطباعا حول البشر وأفعاله .
الرواية تنحى منحىّ آخرا حول السعادة حيث يقول زاك للموظفة ( مولن) الذراع الأيمن له في إدارة شركاته وهي شخصية عابرة في الرواية أرادها الروائي لأكمال ما يريد إيصاله لنا بخصوص السعادة التي يجب أن يشترك بها أكثر من طرف فيقول لها ماقالهُ الروائي الأيرلندي أوسكار وايلد:
(لا تعتبر السعادة سعادة ، الاّ إذا إشترك فيها أكثر من شخص ، ولايعتبر الألم ألماً الاّ إذا تحمله شخص واحد ). فتقول له : كم هي جميلة و واقعية هذه الحكمة؟ وأنا سعيدة اليوم مع جورج ( زوجها) وأريد طفلاً لنعيش بسعادة أكثر !
السعادة ليست قبضة يد كي نشعر بها، إها السراب دائما و أبدا لكنها تظل مبتغانا حتى النفس الأخير ، مثلما نرى كريستينا هنا في روايتنا هذه وكيف تبحث عن السعادة التي إتخذتها جسراً وقتياً للعبور الى ضفة الموت القادمة لها بعد أيام قلائل . السعادة شيء من الآنيات التي سرعان ما تنتهي في الحال ثم تتجدد بعد حين، وهنا كمن قال لا تسلني عن السعادة ان كانت سندريلا في غاية الحزن و هذا ما يحصل مع أوسكار و حزنه على زوجته كريستينا المصابة بداءٍ عضال … أما نيتشه يقف عند السعادة بشكل يثير الجدل …حينما يحتقر المرأة و يقول حينما تذهب اإيها فخذ السوط معك … لكنه يقف و يعترف في جانب آخر و يقول بأنّ السعادة أنثى .أضف الى ذلك من إنّ السعادة تعبير نسبي يختلف في التفسير، هنا كمن يدّعون السعادة بالرغم من كونهم يعيشون في الوحول كما الخنازير التي نراها سعيدة و هي تعيش في أماكنها العفنة . وما أكثر الشعوب الغبية التي تعيش في خزعبلاتها و فقرها المدقع وتدعي السعادة التي تصل بها إلى النرفانا و نستطيع أن نرى ذلك في عراق اليوم .
يتذكر أوسكار نتيجة صراعه مع النفس رواية الطريق الوحيد لعزيز نيسين حيث لا يعرف بطل الروية( باشازاده)غير طريق الاحتيال ، البطل الذي أصبح يُصدّق ما لفّقهُ من كذب ، الذي جعل من النصب والإحتيال خيراً للآخرين ، باشازاده يبعث للنساء مسترجيا وهو في السجن رسائل مضمونها أنه بحاجة ماسة للملابس لكونه مُعدم فقير الحال و من هناك تعطف عليه النساء و يحصل على الكثير من الملابس التي يبيعها و يحصل على المال الذي يرشي به السّجانين ، وهو بهذا جعل النساء تفعل الخير من جرّاء فعله للنّصب و الاحتيال . إعتمادا على قصة باشازادة بدأ أوسكار يفكر من أنه لا يؤذي كريستينا من جراء أفعاله و ترتيب حبّه لها بالطرق الملتوية ، ها هو يجعلها سعيدة ترفل ُ بالهناء وهي في أيامها الأخيرة ، تفكير متشابك يُدخلنا به الروائي عبد الكريم يأتي من النفس العليلة لأوسكار و كدره وعدم رضاه على نفسه ، ولذلك يشرد عقله إلى تفكير كهذا لكي يُرّيح النفس غير المطمئنة من جرّاء خداعه لكريستينا.
الروائي عبد الكريم خصّص أكثر من صفحة للحديث عن إستفاقة ( أوسكار) و مدى عتابه على النفس في كلّ الأمور المتعلقة بكريستينا، و لم لا و كما قدّمنا أعلاه عن رواية كاملة لدوستويفسكي عن الضمير لما فيه من تأثير بالغ و خطير على المجتمعات إذا ما غيّب عن التعامل الإنساني . ولذلك تنقلنا البانوراما الروائية إلى أوسكار و كيف يُفكّر أثناء إرهاصةٍ من إرهاصاته التي باتت تؤرّقه بسبب خداعه لكريستينا التي أصبحت اليوم حّه الأوحد وشُغله الشّاغل ، فيتذكّر بأنه كان ذلك الروائي الذي أفنى عمره مع الكلمة الصّادقة ، ماذا سيكتب مستقبلا وهو الكذاب والمنافق وماذا سيكتب عن الحبّ هل سيقول عنه ( الحبّ كذبة) مثلما يفعله مع كريستينا ، فينظر إلى الكلب تسونامي فيجده أفضل منه في تجسيد معاني الحب مع الكلبة بوسي، إذ لم يكن يحتاج إلى تخطيط مُسبق أو نصب الشّراك والفخاخ ، فينصطدم بحقائق كبيرة لا بدّ له الوقوف عندها كي يضع النقاط على الحروف فيما وصل إليه مع حبه لكريستينا ، التي تبادله الشعور الأكبر في الحبّ، لكنه حينما يجد نفسه نصّابا ومخادعاً ، تختلط عليه الأمور فلا بدّ له من إصلاح ذات البين حتى وإنْ كلّفه ذلك كلّ الثروة التي خطّط هو و زاك في الاستحواذ عليها بعد مماتها . إنّه الآن يُريد الرجوع إلى أوسكار الحقيقي ، أوسكار الروائي و الكاتب النقي الذي لايمتلك كما قلنا أعلاه غير ثمن زجاجة الخمر وعلبة السكائر .

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=529974

في الحوار المتمدن ومواقع اخرى عديدة سيتم ارفاقها لاحقا

samawi_45456778-tile

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع في الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــزء الثأنــــــــــــــــــــــي

اترك تعليقاً