السيمر / السبت 03 . 09 . 2016
عبد الجبار نوري
عبد الجبار نوري
وأخيراً مات برلمان السوء برلمان المسرحية الهزلية المضحكة ، وبازار بيع الأوطان ، وبؤرة العهر السياسي ، برلمان الصفقات المشبوهة المجردة من ثقافة المواطنة ، والكثير منهم يعمل لصالح أجندات خارجية وأفكار طائفية وفئوية ومناطقية هدفهم تمرير ما يؤمرون به من قبل كتلهم وأحزابهم في تمزيق الأمة العراقية الأصيلة وألغاء أسم الدولة العراقية ونظامها الديمقراطي الجديد ، والقائمة على فرية الصفقات ( ضملي — وأضم لك !!! ) وهنا يقوم البرلمان بدور مهرجي السيرك وبدون أقنعة في تحدي الجمهور الذي هو الآخر مهزوماً منكسرا محبطاً أستسلم للمبدأ الأنهزامي ( آني شعليه ) وأخذ ينظر لهذا الواقع المُرْ والمؤلم لسيطرة دواعش السياسة على العملية السياسية العرجاء وبعينٍ عوراء ، والسقطات الأخلاقية كثيرة ومفضوحة رائحتها تزكم الأنوف وتخدش الحياء وتُعرّقْ الجبين وتُدمعْ المُقلْ مع تدافع الآهات والحسرات على وطنٍ كان لنا يوماً أسمهُ العراق.
ففي يوم الخميس25/82016 يوم أعلان موت البرلمان العراقي وأنهاء مرضه السريري بأطلاقهِ قنبلتين صوتيتين على وجوده كمؤسسة تشريعية وذلك بأقراره قانون العفو العام بصيغة توافقية عرجاء ، وأقرار أقالة وزير الدفاع خالد العبيدي بصيغة ثأرية تتقاطع مع الظرف العصيب الذي يمرُ بهِ وطننا العراق.
كيف نقرأ تلك القوانين المخجلة ؟!
أولاً/ قانون العفو العام : أي نعم نحن مع مبدأ العفو عندما يكون منطلقاً تربوياً في أعادة المنحرفين سايكولوجياً وسوسيولوجياً مجتمعياً وتأهيلهم للعيش مع تجمعاتهم البشرية السويّة ، وأننا مع العفو عن المحكومين بالجرائم البسيطة التي لا تخل بأمن المجتمع والدولة ، وكذلك مع المحكومين بقضايا ( عدا ) الأرهاب والأختلاس وجرائم الشرف فمن الممكن أعادتهم إلى حضن المجتمع ليمارسوا دورهم في بناء البلد ، ويكفروا عن أخطائهم السابقة ، وفيها حماية المال العام وأعادة المسروق منهُ ، ليتحقق مردود مالي للدولة ، وندعو لأنصاف المسجونين نتيجة المخبر السري والدعوات الكيدية ، وأنتزاع الأعترافات بالتعذيب ، ولكن عندما يشرع هذا القانون عبر صفقات وأرادات كتلوية وفئوية ومناطقية ترتبط قياداتها بأجندات محلية أو أقليمية أو دولية ، بالتأكيد يفتقد القانون بعدهُ الأنساني ويتجلبب بالسلبية والذيلية ، وللحقيقة في قانون العفو مسألتين هامتين الأولى تتعلق بموضوع دماء الشعب في جرائم الأرهاب ، وكيفية تعريفها وتوضيحها وشمول مرتكبيها ، والثانية : تتعلق بالمال العام وعدم شمول الجرائم المتعلقة بها ، وكان البرلمان قد عقد جلسة الخميس 25/8/2016 رقم 14 وحضور 234 نائب بالتصويت على هذا القانون الذي كنا ننتظر منه أرضاء مستقبل الأجيال وأسم وعلم الوطن قبل رضاء كتل لها مصالح سياسية وأنتخابية وأعلامية ، وفي المادة (الثامنة ) منه فيها ثغرات قانونية أن تكون ثغرة للأفراج عن مدانين بأعمال أرهابية عبر التلاعب بأوراق وحيثيات التحقيق { ونذكر أن القضاء العراقي اليوم شريف جدا جدا عندما حكم على طفل في شوارع السماوة سنة لسرقته أربع علب كلينكس ، في حين هناك من سرق أربعة مليارات دولار- طليق – من قوت هذا الطفل الجائع وجعله يلجأ إلى الأستجداء وخطف كسرة الخبز المعفر بعذابات الطفولة } ، وكذلك الخوف من غموض تلك الفقرة حيث يمكن للقضاء الفاسد أستثماره في أطلاق صراح الأرهابيين والمجرمين وبصورة قانونية ، وأعطى لهؤلاء المجرمين الحق في طلب أعادة التحقيق والمحاكمة الذي يعتبر من أخطر مواد القانون لأنّها ستطلق سراح عتاة الأرهابيين ، فالحذر من التوظيف السلبي بشأن غموض هذه المادة وعيوبها حيث لا تخلو من التوافقات السياسية والمصالح الشخصية على حساب العدالة الأجتماعية ، وأن صياغتها من قبل خبراء غير
نزيهين يعملون لصالح أجندات خارجية وبأفكار طائفية وفئوية هدفهم تمزيق الشعب وألغاء الدولة العراقية وحكمها الديمقراطي الجديد ، وأن ما يفكر به بعض أصحاب القرار من سياسي الدواعش وسياسي الحكومة : أن القانون سوف تثمر منه المصالحة أقول أنهُ الوهم عندما يكون القانون عبر الصفقات الشخصية والفئوية ، ويكون قانون النكبة عندما يشمل العفو 72 جريمة تعفي الأرهاب والحرامية والمزورين ومهربي عتاة المجرمين من السجون ، وقضايا مخلة بالشرف ، وجرائم الخطف حين لم تؤدي إلى القتل أو ألحاق عاهة مستديمة بالمخطوف ( وتغافل عن الجروح النفسية للمخطوف وحجب حريته بالأكراه ) .
وفي عملية هابطة أخلاقياً وليست غريبة عن هذا المجلس المهزلة أن يصوت 142 نائب على سحب الثقة من وزير الدفاع العبيدي ثُمّ أقالتهُ ، يبدو أنهُ أرتكب جرماً مشهوداً في فضح الفساد والمفسدين ونشر غسيلهم القذر أمام الأعلام ، مما أعتُبِرتْ خطوة البرلمان محاولة تأديبية لمن تسوّل لهُ نفسهُ كشف حيتان الفساد ونهب المال العام .
فأقالة العبيدي وزير الدفاع الشهم الذي واصل ليله بنهاره وهو مجلبب بالبزة العسكرية ليبث العقيدة العسكرية في لملمة الجيش العراقي المتشرذم بعد 2003 ، وعايش أبناءهُ الجنود كجندي تارة مع الأرتال وأخرى مع الطيران ، ولكن الذي أغفل عنه العبيدي هو رقم الكبير لقوة ميليشيات العمالة والفساد وكبيرهم في السحر ، ثُمّ أين كان القضاء العراقي الشريف جدا من محاسبة المنهزمين الذين سلموا تربة العراق المقدسة لعصابات الجهل ؟