السيمر / السبت 01 . 10 . 2016
سعدي ثجيل
(اود ان اكتب عن احداث مرت في حياتي) — عندما كنت في اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية، والقريب من الحزب الشيوعي العراقي، وانا في الصف الرابع الثانوي المسائي، كنت على علاقة مع واحده من بنات محلتنا، عرف اخواي التفات ورعد بهذه العلاقة، وأحسا بان علاقتي بها ليست على ما يرام فطلبا مني ان نجتمع لمناقشة هذه القضية، في البدء طلبا مني ان اوضح الغرض من هذه العلاقة، وهل انوي الزواج من الفتاة؟
قلت لهما.. كلا
قالا: نحن الآن نتكلم معك بصفتك انسانا شيوعيا، وليس بصفتك اخا لنا. فهل تسمح لك الاخلاق الشيوعية بذلك؟ شيوعي، وتساهم في اسقاط المجتمع !!.. بدلا من ان تساهم في تثقيف ابنائه وبناته. كيف يكون ذلك؟ ان الواجب والاخلاق الشيوعية تدعوك إلى رفع الوعي الاجتماعي لعامة الناس ومنهم هذه الفتاة. عليك ان ترفع من شأنها لتخلق منها انسانة ذات قيمٍ ايجابية عالية في المجتمع. ان عملك هذا يحط من قدرها ويساهم في اسقاطها وهذا ما لا نقبله لك ولأنفسنا.
وبهذا فاننا نناشدك عدم المساس بها مرة اخرى، وبعكسه عليك ان لا تدعي الشيوعية “يعني لو تبطل من الحزب وتستمر بعلاقتك معها وإذا تبقه بالحزب لازم هيچي شي تخليه وراك”.
وهذه نصيحتنا لك على اعتبارك شيوعياً.. كما واننا لا نقبل بتصرفك هذا الذي لا يليق بعائلتنا، خاصةً وانك تعرف مقدما بانك لن تتزوج منها !
(والله حيره هي البنيه حلوه).
فعاهدتهم بانني سأمتثل لأمرهم هذا، وعهدا مني ان هذا الامر لن يتكرر ابدا. ولكني سرعان ما تخليت عن هذا العهد فالغريزة كانت اكبر من الوعي، وهم (اي اخوتي) كانوا واثقين بي ولا يعرفان اني خنتُ هذا العهد الى ان استشهدا. وهناك سنتلاقى واعتقد بانهما سيسامحانني على فعلتي نظرا لما يشهدهُ العالم من انحطاط كبير في القيم والمعايير الانسانية ! وكلُ ذلك بسبب المرحلة الرأسمالية التي نسير باتجاهها.
بعد ثلاث سنوات وفي الصف الاول كلية وعند تأديتي الامتحان، نقلت قوبيا على زميلتي ازهار التي كانت بقربي في قاعة الامتحان! وعند خروجي من القاعة سألني سيد جاسم و هو شيوعي ايضا اشلونك بالامتحان؟ اجبته عيني جاسم ما ينراد الها شيء سؤالين حليتهن وسؤالين نقلت الحل من ازهار! يعني يمكن آخذ اعلى درجه بالصف.
ذهل جاسم لتصرفي ووجه لي انتقادا على عملي هذا، باعتباري الآن مرشحا لنيل عضوية الحزب الشيوعي العراقي. وجاءني تبليغ لحضور لقاء في الساعة الثالثة في موقف لمصلحة نقل الركاب رقم ٣ وكنا نختصر فنقول ٣٣، يعني برقم ٣ الساعة ٣.
جاءتني رفيقة مُشْرِفَــة (اسمها وقار) شيوعية ملتزمة وكانت مجدة في العمل الحزبي قالت رفيق انت لا تعرفني انا الرفيقة وقار في اللجنة الحزبية الفلانية ابلغني الحزب بالتوجه إلى حضرتكم والتحقيق معكم حول ما وصلنا عن ( نقل، قوبيا) في الامتحان الذي اديته هذا اليوم ! فعرفت ان المصدر جاسم، وقلتُ في نفسي: ها جاسم چا خويه عود انت صديقي ورفيقي.
چا انت طلعت تگرش عليّ للحزب عفه والله بعد كلشي ما اگلك روح هلمره عبرت. ما يخالف جاسم لا بد ويجي فد يوم والگـفَـكْ مِنا مِنا).
واضافت: انا الرفيقة المشرفة على التحقيق في هذا الموضوع. شنو رفيق، انت صحيح ناقل قوبيا؟ فاجبت بنعم. قالت رفيق وهل هذا العمل يتناسب مع كونك شيوعيا وعندك تجربه في العمل الطلابي وتقول ان نضالك يمتد إلى ست سنوات مضت وانت عضو فاعل في الحركة الطلابية وعضو في اتحاد الشبيبة الديمقراطي والان انت مرشح لنيل عضوية الحزب. فهل ترى ان القيام بهذا العمل يشرفك؟ وهل ترى ان مثل هذه الاعمال تشرف حزبنا؟
كيف قبلت بفعل ذلك؟
لتعلم ايها الرفيق بان حزبنا يدين عملك هذا ويوجه إليك عقوبة التنبيه، ويدعوك إلى الابتعاد عن مثل هذه الاعمال التي لا تليق بالشيوعيين ! وهل تقبل ان يقال عنا ما لا يشرفنا؟
(وطرگاعه ومصيبه ومشكله ولو ما ناقل وماخذ صفر ولا هل كربه من هاي المگموعه) فانتقدت نفسي امامها وقدمت هذه المرة وعدا واعيا بعدم تكرار ذلك، ( وعدا واعيا) ثم كبرنا وكبرت معنا المعاني فقلّ الكذب وكثر الصدق وقل الحرام وكثر الحلال وقلت العجالة وكثر الصبر. وبعد وفي احد الايام وبعد ان اصبحت في الثامنة والخمسين من عمري راجعت دائرة ضريبة العقار فتبين ان عليّ ضريبة عقار مقدارها سبعة ملايين دينار واجبة الدفع، (واذا تنطينه مليونين دينار مليون للحكومة ومليون للموظفين فان الحالة تمشي وبشكلٍ رسمي وقانوني، (هؤلاء كانت فوقهم لافتة مكتوب عليها رأس الحكمة مخافة الله) كان هذا في عام ٢٠٠٥ وانا معتقد بان عهدا جديدا قد بدأنا به..!
تعجبتُ لذلك ورفضت وقلت: هو اشگد حق الحكومة ؟ قال الموظفون: حق الحكومة 7 ملايين دينار فدفعتُ سبعة ملايين ورفضت ان ادفع المليون رشوه..
تعجب موظفو العقاري وعلقوا قائلين: يا عمي واذا هيّ حكومة حراميه؟ فقلتُ لهم هذه قضية تتعلق بذمة الانسان ولا اريد ان اكون مثلهم. فطلبوا مني التريث قليلا، فمسؤول النزاهة طلب ان يقابلني.
وصل مسؤول النزاهة فتبادلنا التحية، وقال: من النادر نسمع ان واحدا من المواطنين يقبل بدفع مبلغ ٧ مليون ويرفض ان يدفع مليونين، واحد رشوة وواحد للضريبة ! لازم اعرف انت منين اخي؟ فقلت له: اخي انا من اخوانك الصابئة المندائيين كذلك انا شيوعي ولم نتعلم في حياتنا على الحيلة والخداع فهكذا هي التربية التي تعلمناها من اهلنا اولا وثانيا هكذا علمنا الحزب، هذا ما كنا نتعلمه داخل التنظيمات الحزبية فللحزب الفضل الكبير في توجيهنا وارشادنا إلى الاخلاق الفاضلة وقد علمنا الكثير.
لذلك ابقى احب الشيوعيين فلهم الفضل الكبير علينا، فهم من علمونا الصدق والامانة وحب الوطن والناس، جميع الناس وفي كل مكان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص6
الثلاثاء 27/ 9/ 2016