السيمر / الجمعة 25 . 11 . 2016
سليم الحسني
النقد في أجوائنا السياسية، يعني أن نبتعد عن أفراد الكتلة التي ننتمي اليها، وان نوجهه نحو الكتل الأخرى. وهو مفهوم غريب للنقد، لأن هذا يعني أننا نسمي المعارك الاعلامية عملية نقدية.
أسهمت هذه الحالة، في بروز النفاق والتملق داخل الكتلة الواحدة، حيث نشط السلوك الانتهازي، وبرع الانتهازيون في إظهار صورة المتحرق المدافع عن الكتلة وقائدها، وبذلك انفتحت أمامهم أبواب المراكز المتقدمة في الكتلة.
لن أطيل التحليل في هذا الجانب، ولكني أرجع الى القرآن الكريم، لنرى هل يحترم الاسلاميون فعلاً ما جاء في كتاب الله، أم انهم اتخذوه شعاراً يفتح له الطريق نحو المصالح الشخصية؟.
يخاطب القرآن الكريم في الكثير من آياته اليهود في زمن النبي (ص) بأنهم قتلوا أنبياءهم، مع أن الفاصلة الزمنية بينهم وبين أنبيائهم تزيد على الستة قرون، فكيف يتهمهم القرآن الكريم بهذه الجريمة البشعة؟
الجواب: أن القرآن الكريم يضع معيارين أساسيين في المشاركة أو البراءة من الذنب، وهما القبول والسخط. فاذا لم تصدر من الانسان إدانة بحق المذنب في الحق العام، فهو شريك معه. فعدم إظهار السخط يعني هنا القبول بالخطأ.
ووفق هذين المعيارين، عدّ القرآن الكريم اليهود في زمن النبي (ص) بأنهم قتلة أنبيائهم وأنهم حرّفوا التوراة.
هذه القاعدة القرآنية، سقطت في تعامل الاسلاميين داخل كياناتهم السياسية، فالفاسد يعيش بأمان داخلهم، وهم يعرفونه باسمه ويعرفون سرقته، لكنهم يرون أن كشفه سيتسبب في إضعافهم أمام الكتل الأخرى، وعليه يسكتون على الفاسد لكيلا يفرطوا بالموقع السياسي.
…
عندما تصف إسلامياً بأنه يخالف القرآن الكريم، فانه سيعتبر ذلك إهانة كبرى، وسينتفض غاضباً مدافعاً عن نفسه، لأن الصورة التي سادت أوساطنا هي المظهر الخارجي، فالاسلامي هو الذي يصلي ويصوم ويقرأ القرآن ويحاضر في المفاهيم الاسلامية ويشارك في زيارة الاربعين، ويحرك قدر القيمة امام الكاميرات، وبذلك فهو يحمل العنوان الاسلامي، ولا يمكن التشكيك في انتمائه لهذا العنوان.
لكنك عندما تواجهه بهذه القاعدة القرآنية، وتطلب منه ان يطبقها داخل كيانه، فانه سيفتش عن ألف طريقة للالتفاف حولها، بمعنى أن يبذل جهده لتعطيلها، لكي يحفظ لشخصيته العنوان الاسلامي، وليس الإلتزام الاسلامي.
لنضع أمامنا الكيانات الاسلامية وهي: حزب الدعوة، المجلس الأعلى، حزب الفضيلة، كتلة المستقلين، التيار الصدري.
هل يعمل قادة هذه الكيانات بهذه القاعدة القرآنية؟
بالتأكيد لم يعمل بها أي قائد منهم، مع علمهم بوجود فاسدين في كتلهم، وبالأسماء.
السؤال: هل يستطيع أحد المنتمين الى هذه الكيانات، أن يواجه كيانه بهذه الحقيقة القرآنية؟
مع السكوت، سيكون ذلك مشاركة منهم في جريمة الفساد. ومع الرفض وإظهار السخط سيكون مستحقاً لحمل عنوان (إسلامي).
العملية تحتاج الى شجاعة في الرأي، وتحرر من الذات، لا أكثر.
…
يجب أن نسجل أن مجموعة من الدعاة كانوا الاستثناء من بين أتباع الكتل الأخرى، فقد اعترضوا واحتجوا وكتبوا ضد قياداتهم في حزب الدعوة، بل أن قسماً منهم انسحبوا من التنظيم مفضلين الابتعاد وعدم الاشتراك في الخطأ.. خطأ السكوت على الفساد الذي يرتكبه بعض مسؤوليهم، وخطأ سكوت البعض الآخر على الفاسدين داخل الحزب.
أما الكيانات الأخرى فما يكتبه اتباعها، إنما يتوجه نحو الكتل الأخرى، لكن أحداً منهم لا يجرؤ على نقد قياداته التي يتبعها، بل يتسابق أتباعها على تمجيد قادتهم وتنزيههم من كل فساد وسرقة، مع علمهم بالكنوز الضخمة التي يجلسون عليها من سرقة قوت الشعب.