أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / عندما تتكلم الإنسانية تصمت جميع الأديان

عندما تتكلم الإنسانية تصمت جميع الأديان

السيمر / الخميس 15 . 12 . 2016

محمود عبد الحمزة

عام 1978 إحتلت القوات الإسرائيلية الأراضي الجنوبية لتونس, قاومها الشعب التونسي, لتحريرها من هذا الدنس الإسرائيلي .
أحمد رجل مسلم, من رجال المقاومة التونسية, كان يحس بإنفجارات صامته في ساقه, التي أصابتها قذيفة إسرائيلية, وعندما إشتد الألم بأحمد, كان يبحث عن أقرب مستشفى بصحبة صديقه, أوشكت الحياة تنتهي, كلما بعدت المسافة لعلاج الجرح, إقتربا من قرية, يسكنها أناس من مختلف الأديان, وقد وجب عليهما أن يتوقفا الآن, لأن الموت أوشك أن يقضي على حياته .
طرقا إحدى أبواب القرية, كان مشهد أحمد مروع, فخرجت لهم فتاة إسمها ندى, تضع قلادة (نجمة داوود), مدت لهم يد المساعدة, وهما لا يعرفانها إلى أي الأديان تنتمي, سارعت بإحضار رجل من الكنيسة المجاورة, درس التمريض سابقا, فقاموا بمعالجة أحمد ورعايته, حتى عاد أحمد إلى وعيه …
فقال للفتاة:
– لحظة من فضلك …
توقفت ندى وإلتفتت إليه بإهتمام .
– آنستي أنتي يهودية , أليس كذلك ؟
نضرت على الفور إلى نجمة داوود التي كشفت أمرها منذ البداية.
– إذا لماذا تساعدينا ؟
– رفعت عينها وهتفت :
وما شأن ديانتي بالعمل الإنساني ؟ ألا يحثك دينك على الرحمة والرأفة, وتقديم يد المساعدة إلى من يحتاجها, مهما كان إنتماؤه أو عقيدته ؟ أليس تلك رسالة جميع الأديان السماوية ؟
إرتبك أحمد فقد أدهشه ردها, فتاة يهودية تعلمه درسا في الأخلاق . (من رواية د.خولة حمدي” في قلبي أنثى عبرية”)
الإنسانية والحب والعمل الصالح, فطرة من الرب, تولد مع الإنسان قبل أن يبدأ بالتعرف على دينه, أو الرسالة من وراء الأديان السماوية, التي تحث على الإنسانية و العمل الصالح, والسلام والحب لجميع المخلوقات على الأرض .
فالإنسانية لا يقف بوجهها الإنتماء أو الدين أو تفرعاته .. تولد هذه الفطرة مع الإنسان, ولكن سرعان ما تتلوث عند البعض, بسبب عوامل خارجية, يلوثها من هم عنصريين وطائفيين, هدفهم بث روح الكراهية والحقد في نفوس الأجيال, بغية مصالحهم الشخصية, يتخلون عن إنسانيتهم بحجة إختلاف الدين أو الإنتماء المذهبي الشخصي, ومنع تقديم المساعدة والحب والعمل الإنساني للجميع, متناسين رسالة دينهم التي تحث على العمل الإنساني, والسلام والحب والتعايش السلمي, من أجل تطوير المجتمع, والنهوض بمستقبل مزدهر للأجيال القادمة .
ما نعيشه اليوم هو دفع ثمن الأجيال السابقة, وأيضا بسبب قلة الوعي عند البعض, مما يجد فيهم الإنتهازيين والإستغلاليين, أرض خصبة لنثر بذور الطائفية, وروح الكراهية بغية الوصول إلى المنافع الشخصية والشهرة, هذه البذور تنتج للفرد التعصب المذهبي الطائفي, أو تنتج العنصرية والحقد, التي تمنع الإنسان من العمل الإنساني والتقدم بالمجتمع, وهذا أبشع أنواع الإستغلال, وهو إستغلال الدين للمصلحة الشخصية, و إستخدامه كوسيلة لبث روح الكراهية .
يقول نيلسون مانديلا ” لا يوجد إنسان ولد يكره إنسان آخر, بسبب لون بشرته أو دينه أو أصله أو إنتمائه” , الناس تعلمت الكراهية … وإذا كان بالإمكان تعليم الكراهية, إذا من السهل تعليمهم الحب والإنسانية, وخاصة إن الحب هو الأقرب إلى القلب .
في ضل ما نعيشه اليوم.. يجب أن نزيل الحقد والكراهية من قلوبنا, وننهض بالإنسانية والحب, والعمل الصالح والوحدة, من منطلق “الدين للفرد والوطن للجميع” .
الدين شيء شخصي يحث الفرد على الإحترام, وتقديم الإنسانية للجميع, بغض النضر عن دياناتهم وتفرعاتهم المختلفة, هذا هو قانون في جميع الأديان.
لمساعدة فرد يحتاج لعمل إنساني, أو أي شيء آخر, يجب أن نترك فكرة الإختلاف المذهبي أو الديني, ونسعى بما يحتاجه هذا الفرد, دون تقييد أو مقابل, وهذا هو المقصود “بالصمت الديني” كذلك فإن الوطن وهو الأكثر حاجة للإنسانية, والمساعدة والحب, وترك فكرة الإختلاف في الأديان أو المذاهب, وننهض من أجل عراق السلام, وعراق الحب والإنسانية.

اترك تعليقاً