السيمر / الاثنين 09 . 01 . 2017
جمال حسين مسلم
موجة عارمة من الغضب الجماهيري تجتاح الرأي العام في العراق هذه الأيام لسببين مهمين ,أولهما تمثل بموجة التفجيرات الدامية التي تجتاح شوارع ومدن العاصمة العراقية ولاسيما بعد التصريحات النارية والفنتازية التي اطلقها مسؤولون في داخلية الحكومة العراقية قبل أسبوعين من الآن بمناسبة رفع عدد من السيطرات الامنية من شوارع بغداد.. وما أن انشغل الشارع العراقي بموجة التفجيرات هذه حتى طفت على السطح مشكلة أخرى أشد فتكًا من الاولى تمثلت بمسرحية مضحكة وهزيلة وبائسة ..كتبتها وأخرجتها وزارة التخطيط العراقية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية , بمباركة مجلس الوزراء العراقي وصمت البرلمان العراقي ,هذا الصمت الذي يثير الشك والحيرة في النفوس…المسرحية اسمها تحت وفوق مستوى خط الفقر…قياسات لمستوى ارتفاع وانخفاض مستوى خط الفقر في العراق ,العراق الذي يزخر بالثروات الطبيعية من شماله إلى جنوبه , يزخر أيضاً بالسراق واللصوص و{ اللهيبية } من شماله إلى جنوبه… عشرات الالاف من المواطنين من أصحاب الاحتياجات الخاصة { المعوقين } ومن الارامل والمطلقات والفقراء يعتاشون على راتب الرعاية الاجتماعية , وهو راتب مخجل لايستطيع أن يوفر ابسط مقومات العيش الكريم ومع ذلك رضيت الناس به وتقبلت الامر ؛ مادام فلان وعلان من قادة هذا المجتمع الجديد راضين بهذا الوضع ,فما علينا الا السمع والطاعة…خرجت علينا الوزارتان بتحديد مفهوم مستوى خط الفقر من خلال مستند يحمل بعض المؤشرات التي تفيد وتعيد تقييم هذا المواطن أو ذاك ,من حيث عيشه تحت أو فوق خط الفقر…وأهم فقرات هذا المستند الرسمي ,ما يشير لامتلاك هذا المواطن لجهاز كهربائي واحد كأن يكون ثلاجة أو تلفزيون أو مكنسة كهربائية وما إلى ذلك..حينها وجب حذف المساعدات عنه ؛لانه فوق مستوى خط الفقر..ولايهم أن يسكن أو يعيش في خيمة أو حواسم أو بالايجار… ولايهم من ينفق عليه أو ماهو وضعه الصحي أو الاجتماعي…مهزلة كبرى تضاف إلى مهازل الدولة الحكيمة الحديثة ..الحكومة التي ترعى الفساد والفاسدين والسراق والمافيات ..الحكومة التي تصمت عن مرتبات الرئاسات الثلاثة أوالبرلمان و الوزراء ووكلاء الوزراء والمدراء ومنهم بدرجة مدير , وتغض الطرف عن صرفيات الحمايات الشخصية ونفقات الخارجية العراقية…. هذه الحكومة الرشيدة تكتشف اليوم ان المواطن المعوق إنْ امتلك تلفاز فهو فوق مستوى خط الفقر..وعليه ان يستغني عن مرتبة التافه اصلا لصالح حمايات المنطقة الخضراء..أي عدو جاهل هذا الذي نعيش في كنفه… وأي مواطن هذا الذي يداس عليه بهذه الطريقة الوحشية وهو يتوسل ويقبل الايدي ويذرف الدموع أمام الكاميرات والفضائيات في سبيل فتات العيش وفي سبيل حفنة من النقود , آهٍ لو علم هذه المواطن بأن كل مرتباتهم المقطوعة لا تكفي لسفرة مسؤول عراقي واحد إلى الخارج ؛لا لشيء إلا انه كان مناضلا على أبواب الرعاية الاجتماعية الاوربية والامريكية..سؤالنا إلى أين ذهبت الاستقطاعات من رواتب الموظفين والمستمرة لحد الآن لدعم رواتب الرعاية الاجتماعية,أوهل توقفت ايفاداتكم السياحية مثلا..مواطن فوق مستوى خط الفقر بقرار من المنطقة الخضراء الملوثة..العراق إلى أين ؟