الرئيسية / مقالات / شر البلية لا ما يضحك

شر البلية لا ما يضحك

السيمر / الثلاثاء 07 . 02 . 2017

صالح الطائي

إلى صديقي الشيخ جاسم الدلفي الذي استلم قائمة أجور الكهرباء بمبلغ أربعمائة ألف دينار، وهو يسكن شقة مؤجرة بمبلغ مائة وخمسة وسبعون ألف دينار فقط!
ربما كانت البلايا التي مرت على أجدادنا أقل كثيرا مما يمر علينا اليوم، ولذا كان ضحكهم يتناسب طرديا مع كِبَر المصيبة، لكنني على يقين أنه لو مر عليهم عشر البلايا التي تمر علينا، ما كانوا قد تورطوا بمثل هذا القول، وفرطوا بضحكتهم!
ولكي أثبت صحة هذه المعادلة الغريبة، سأروي لكم قصتين الأولى، ذكرها عالم الاجتماع العراقي الكبير المرحوم الدكتور علي الوردي، قائلا: إن في بريطانيا هناك صناديق، توضع في الشوارع الفرعية بعيدا عن أعين الناس، يستخدمها الذين يتحايلون على النظام الضرائبي عندما يؤنبهم ضميرهم لإعادة فروقات المبالغ التي استقطعوها عن طريق الحيلة من مجموع ما يترتب عليهم من ضرائب إلى الدولة، دون أن يشعر بهم أو يلاحظهم أحد، وبهذه الطريقة المبتكرة، يحتفظون بكرامتهم، ويرضون ضمائرهم، ولا يغضبون ربهم!.
ثم قال الوردي: أنا على يقين أن هذه الصناديق إذا وضعت في العراق، فإنها ستُسرق بعد أيام للحصول على المبالغ المتجمعة فيها، والإفادة من معدنها!!!
وعلى منوال قصة الوردي، صاغ العراقيون المعاصرون قصة أخرى، نزهوا بها الشعب عن السرقة، وربطوا أمر السرقة والفساد بالحكومة وحدها دون غيرها من خلق الله العراقيين أجمعين.
تقول القصة الجديدة: صنع اليابانيون جهازا يتعرف على اللصوص، ويكشفهم دون أي احتمال للخطأ، والجهاز مصنوع من معدن نفيس وثمين جدا.
ولأغراض تجربته، وتبيان صلاحيته، والترويج له تجاريا في دول العالم، وضع الجهاز أولا في أمريكا، فكشف بعض اللصوص. ثم وضع في ألمانيا فكشف بعضهم الآخر، وهكذا في السويد وايطاليا واليونان والدنمارك والصين وروسيا، وفي بعض البلدان الأفريقية الأكثر فقرا، وغيرها!
وحينها أثبت الجهاز صلاحيته، وأعلن عن نجاحه نجاحا باهر، فتعاقدت بعض البلدان للحصول على نسخ منه.
لكن زيادة في الثقة وخوفا من أن يكون الجهاز مصمما للعمل في بيئة ما بعينها، وغير صالح للعمل في بيئة أخرى، قرر العلماء تجربته بين العرب، ومن بين العرب تم اختيار العراق ممثلا لجميع البلدان العربية، لأن العراق يتربع على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم. وبسبب الأوضاع الأمنية المتردية، وخوف العلماء من الذهاب إلى المناطق الساخنة، أو المناطق المتنازع عليها، قرروا اختيار المنطقة الخضراء مكانا للتجربة، فوضع الجهاز فيها بعد آذان المغرب، ليكون على استعداد للعمل في صباح اليوم التالي، وكانت المفاجأة أن الجهاز اختفى قبل آذان العشاء من نفس الليلة، حيث تمت سرقته.
ياه.. كم هم أبطال في اللصوصية … فلماذا العجب يا صديقي الشيخ من قائمة كهرباء بمبلغ 400 ألف دينار، يتوجب عليك دفعها إلى الحكومة، لكي لا يقطع التيار عنك.. أنت يا من تسكن في شقة مؤجرة، ولا تملك من حطام الدنيا مكيفا أو أجهزة كهربائية أكثر من حاجتك الشخصية، وتطالب الناس بترشيد استهلاك الكهرباء في محاضراتك الدينية؟!

اترك تعليقاً