السيمر / الجمعة 07 . 04 . 2017
طوني حداد / لبنان
من استمع الى تهديدات البيت الأبيض والرئيس “ترامب” ومن قبله مندوبته الى الأمم المتحده في اليومين الفائتين عقب جلسة اتهام الدولة السورية زوراً باستعمال الأسلحة الكيماوية في بلدة “خان شيخون” , من استمع “لحفلة” التهديد والوعيد وقرقعة السلاح والتصريحات النارية ونبرتها العالية والمرعبة ظنّ بأن السوريين سيستيقظون قريباً ليروا جنود “المارينز″ قرب أسرّة نومهم يصوبون بنادقهم الى صدورهم و”بارود اهربوا” .
بعض المراهنين على “العقاب” الأميركي عاد الى النكنة السخيفة والغبية بخصوص : “أيام الأسد المعدوده” وبدأ يعدّ الأيام والساعات ويضرب المواعيد .
صهاينة الداخل والخارج و”منصّاتهم” الداعرة والأعداء الاقليميين والدوليين – أفراداً ودولاً- راهنوا بعد هذه التهديدات -التي بالاضافة للدولة السورية ورئيسها – طاولت ايران وحزب الله بالإسم , راهنوا على ضربة أميركية حاسمة قاصمة في سورية أو لبنان تنهي الوجود العسكري لحزب المقاومة وتقصم ظهر”ايران” وتلجم جموح “الدب الروسي” وتجهض أي انفتاح دولي على دمشق ظهرت بوادره مؤخراً, وتسقط بطبيعة الحال الدولة السورية وجيشها ونظام حكمها .
سقف المراهنات والتوقعات الذي دفعت عصابة بني سعود ثمنه عشرين مليار دولار لقاء صفقة سلاح مزعومة أبرمها الغلام الغبي “محمد بن سلمان” مع الادارة الأميركية خلال زيارته الأخيرة “للباب العالي” على سبيل الرشوة لشد عصب ال”توماهوك” كان مرتفعاً جداً ومتفائلاً بالخلاص من “كابوس الأسد” الذي يؤرق مضاجعهم .
وصحّت التوقعات والمراهنات وأقدم “الكابوي” المتغطرس على العدوان المنتظروالموعود , فما الذي حدث وماذا كانت النتائج ؟
قبل كل شيء ومنعا من أي التباس في فهم ماسأطرحه لاحقاً أقول :
هو عدوان وقح وسافر ويسقط مرة أخرى قناع “الحريات” الزائف عن وجه الشيطان الأميركي البشع ويؤكّد أنه “الأصيل” في المؤامرة على سورية ومحور المقاومة وماعداه مجرد “وكلاء” وأدوات تنفيذية مرتزقة وغبيه وحفنة من الأجراء والنواطير يتحركون بإيعازات الشرطي “الاسرائيلي”.
بالعودة الى نتائج العدوان الأميركي أعود لطرح السؤال ..ماذا كانت النتائج ؟
عسكرياً وفي أساليب الحروب وتكتيكاتها فإنّ الغاية من أي قصف ناري هي احتمالان :
إما قصف تمهيدي لتسهيل احتلال الأرض من قبل فرق عسكرية برية تقتحم المكان ,أو ضربة نارية قاصمة تدمر تدميرا تاماً هدفاً حيوياً تشلّ بنتيجته حركة العدو .
هل حدث مثل هذا؟
أولاً ..هل تحركت قطعان المسلحين لاحتلال الأرض لمواكبة القصف الأميركي ؟
كلا.. وربما حتى هذه العصابات فوجئت بالعدوان ولم تُعطَ – كما هي العادة- أوامر التحرك والانقضاض والاستعداد بقطعان الرعاع والعربات المفخخة والانتحاريين و”الانغماسين” فقد كانوا على مايبدو آخر من يعلم و”نايمين في حلم عسل الحوريات الافتراضي” .
و ثانياً.. عن الهدف – وهنا المقصود “مطار الشعيرات” في ريف حمص – ماذا حدث بجراء القصف الأميركي “التوماهوكي” ذي الستين صاروخاً ؟
المطار كان فارغاً من الطائرات وبالتالي لم يتم تدمير أي طائرة ,”لم يعلن أي مصدر بما فيها وزارة الدفاع الأميركية عن تدمير أي طائرة” .
المطار كان مخلى من الجنود فيما عدا مجموعة حراسة صغيرة لعلّ الشهداء الخمسة الذين قضوا في القصف كانوا من عدادها ويقال بأن الشهداء من المدنيين القريبين من المطار .
هؤلاء هم الخسارة الحقيقية ودمهم غال بالتأكيد, لهم الرحمة والخلود لأرواحهم لكن في الحروب تقاس الخسائر بالأعداد والأثمان ونحن نتحدث عن ستين صاروخ “توماهوك” بحسب التصريح الأميركي قضت على خمسة أشخاص ؟!
ستون صاروخاًً على مساحة مطار لايتعدى بضعة مئات من الأمتار المربعه أدت الى تدمير مدرج المطار ومرابض طائرات فارغة ومستودع الوقود وبعض المرافق غير الحيوية الملحقة بالمطار وخمسة شهداء ؟!
على سبيل المثال في كل يوم يقع أكثر من خمسة شهداء ضحايا قذيفة هاون واحدة متوسطة عيار “180” بدائية الصنع يطلقها مجرمو “جوبر” على أحياء دمشق .
والأسطول الأميركي الجبّار أطلق ستين صاروخاً – ودائماً بحسب التصريح الأميركي- ولم تفعل هذه الصواريخ ما تفعله عادةً وبشكل شبه يومي قذيفة الهاون البدائية !
هي ببساطة غارة صوتية يتيمة – لن يعقبها غارات أخرى كما أعلن البيت الأبيض- أراد منها “ترامب” ذر الرماد في عيون ناخبيه الأميركيين ومن خارج الحدود في عيون غلمانه وأجرائه و”نواطيره” ليشد عصبهم ويصفقوا له ومن ثم يغسل يديه من “دم هذا البار” ويقول بخيلاء: “لقد فعلت ماعجز عنه غيري” لكنه بالنتيجة أو بنتائج هذه الحماقة الناريّه قدّم لمحور المقاومة هدية جدّ ثمينة .
روسيا تلقفت الفرصة التي تنتظرها بفارغ الصبر للتخفف من التزامات لاينفذها من يدعون شراكتها في محاربة الارهاب, فكان إعلانها الأول من “الكرملين” قبل التنديد بالعدوان هو الانعتاق من أي اتفاق وتنسيق عملياتي مع الأميركان في أي هجوم سوري – روسي محتمل على مناطق العصابات القاعدية وأخواتها وأوكارهم بما فيها تلك التي تصنفها الولايات المتحدة الأميركية بالمعتدلة والحليفة, وهذا يعني أن الطائرات الأميركية والاسرائيلية ستحسب ألف حساب من الآن فصاعداً في أي تحليق أو عمليات لها لمنظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة “س 400” المتواجدة على الأرض السورية بعد قرار روسيا تعليق اتفاق التنسيق الجوي بين وزارتي الدفاع في واشنطن وموسكو .
بمعنى أوضح :
لاخط أحمر عسكرياً بعد الآن ومسألة “المناطق الآمنة” التي كانت مطمح ومطلب السفاح “اردوغان” والكيان الصهيوني والعدو السعودي ومرتزقتهم ذهبت أدراج رياح “التوماهوك” الفاشلة .
الجمهورية الاسلامية الايرانية الصديقة بدورها تلقفت “الهدية” معلنة اليوم بأنها حرب مفتوحة مع “الشيطان الأكبر” في سورية بعد فشل وكلائه .
الجيش العربي السوري وحزب الله والقوات الحليفة ينطبق عليهم اليوم أكثر من أي وقت مضى بعد الانعتاق من القيود “التفاوضية” ومهازل “الهدنة” والمصالحات المثل القائل :
“الضربة يللي مابتقتلك بتقويك” .
صباحاً صفق أعداء محور المقاومة المحليين والاقليميين والدوليين فرحاً للضربة الأميركية.. فركو أيديهم بحبور..هللوا وحيّوا ” مسترترامب” الشجاع لكنهم مالبثوا بعد سويعات عندما تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود عن تهافت العملية ونتائجها العكسية أن فَتَرَ حماسهم وفرحهم و”راحت السكرة واجت الفكرة” وهذا مابدأ يظهر من لهجة تصريحاتهم الأخيرة والتي تفوح منها روائح الإحباط وخيبة الأمل وضياع “فرصة العمر” .
الذين اتهموا “اوباما” ذات يوم بالجبن لأنه لم ينفذ تهديده ولم يفعلها ,لسان حالهم يقول اليوم وسيقول غداً للأحمق “ترامب” :
ياليتك كنت كسلفك جباناً ولم تفعلها
فقد فعلتها أي “عملتها” علينا .
بانوراما الشرق الأوسط