السيمر / السبت 10 . 06 . 2017
رواء الجصاني(*)
قد لا نأتي بجديد في التأكيد بأن الوطنية الحق، تعني من جملة ما تعني، الاحتفاء والاعتزاز برموز البلاد وعظمائها وتاريخهم وارثهم، والوفاء لهم… وهكذا دأبت – وما برحت- الشعوب والبلدان المتحضرة جميعا، وكذلك تلك التي تسير على ذلك النهج .. ولا نظن بأن ثمة من يجادل بأن الجواهري الخالد، أحد اهم تلكم الرموز الوطنية العراقية – دعوا عنكم العربية – في القرن الفائت على الاقل .
وفي ضوء ذلك، نكتب لمن يهمهم الامر،- وفي مقدمتهم الذوات الموقرون، المسؤولون الرسميون، والمثقفون، مؤسسات وأفرادا- بأن الذكرى اليوبيلية العشرين لرحيل الشاعر الخالد ستمـر أواخر تموز (يوليو) القادم، وفي السابع والعشرين منه تحديداً… ونعتقد بأن مازال في الوقت متسع الى الان، لبعض أحياء لائق بمناسبة وطنية عامة، اكثر منها خاصة ومحددة …
ان من المتوقع ان ينبري، اداريون و”روتينيون” ليبرروا الصمت عن الذكرى الجليلة هذه، بمصطلح “التقشف” الذي راح عباءة لكل من يريد التذرع به، وكم تم-ويجري- الأتيان بمثل تلكم التبريرات التي ما عادت تنطلي كثيرا، وللتفاصيل دلائل تغري للردود عليها بكل يقينية، ووثوق..
ومما ندريه ايضاً بأن الحرب الضروس ضد الارهاب وأربابه، ما زالت قائمة في البلاد.. ولكننا ندري ايضاً، وبقناعة مطلقة، بأن التنوير والاحتفاء بالقيم والمعارف والرموزية الوطنية، لا يمكن ألا وأن تصبّ جميعها لصالح تلك الحرب المقدسة.. ونستدرك فنقول ان ذلك مرتبط بالتأكيد بمعرفة تلك الحقيقة، وتبنيها، ليس لإتمام الانتصار وحسب، ولكن لترسيخه بعمق وثبات ..
ولكي نكون بعيدين عن التعميم، فمن المنطقي تماما – كما ندعي- أن تكون للهيئات الرفيعة في الدولة توجيهاتها المناسبة بشأن استذكار الجواهري – شاعر الوطن والمواقف والفكر.. مع التأكيد على ان الجوانب التنفيذية والمباشرة ذات الصلة معهودة اجرائياً لجهات موقرة عديدة، وأبرزها : وزارة الثقافة، ولجنة الثقافة البرلمانية، واتحاد الادباء والكتاب، ونقابتا الصحفيين، وممثليتا العراق في “اليونيسكو” و”الأسيسكو” … ومعروفة على ما نظن اسباب تحديدنا – أولا- لتلك المؤسسات .
كما يجب ان لا تفوتنا الاشارة هنا ايضا الى دور محدد آخر يقع ضمن مسؤوليات أمانة العاصمة العراقية الموقرة، وذلك بالصلة مع مشروع تحويل بيت الجواهري في بغداد الى متحف ومنبر ثقافي، خاصة وإن ذلكم البيت قد أشترته “الامانة” قبل خمسة اعوام ودفعت مقابله للورثة مبالغ ليست قليلة.. وكم سيكون الامر منسجما في التحرك النشيط بذلك الاتجاه بهذه المناسبة اليوبيلية.
أما المؤسسات الاعلامية، والمنابر الثقافية، ولا سيما الاساسية منها، فلا نرى أمكانية استثنائها من هذه الحال التي نتحدث عنها، ونعني مسؤوليتها الثقافية والوطنية، في استذكار الرمز العراقي: الجواهري الخالد.. ولا شك بأن الأمر يشمل، ويعني هنا ايضا، وبوثوق، الشخصيات الثقافية والاعلامية، وبخاصة المسؤولة منها..
وفي السياق، كم هو مهم أن نذكّر هنا بتلك الفعالية المتميزة، العراقية الوطنية والثقافية التي شهدتها العاصمة التشيكية – براغ عام 2007 بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الجواهري، والتي تشاركت في اتمامها وبشكل حيوي وحريص، سفارة العراق لدى تشيكيا، بدعم معنوي، ومادي من رئاسة الحكومة، ووزارة الخارجية العراقيتين. وكم يملؤنا الطموح والأمل بان تتكرر الحال بذلك النحو في الذكرى السنوية العشرين لرحيل الجواهري الخالد، والتي تأتي هذه الكتابة عنها .
اما الجماهير الشعبية، وهي ملح الجواهري وزاده، فلا نستطيع سوى القول بأنهم سيعرفون قيّم الوفاء والاستذكار الصادقيّن لشاعرهم الخالد، بقدر ما يستطيعون، وهم القادرون بقلوبهم ووجدانهم على الاقل، في المشاركة بهذه المناسبة الوطنية العراقية، الصميمية ، على ما نعهد .
أخيرا، سيشرفنا جدا في مركز “الجواهري” للثقافة والتوثيق، المؤسس منذ عام 2002 تحمل اية تكليفات، او تقديم اية استشارات ذات صلة، بقدر امكانياتنا الذاتية، المعتمدة على جهود نخبة متطوعة لوحدها، ومنذ أزيد من خمسة عشر عاما…
——————————————————
(*) رئيس مركز الجواهري للثقافة والتوثيق / براغ 2017.6.10