أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / فقه الصف

فقه الصف

السيمر / الثلاثاء 18 . 07 . 2017

معمر حبار / الجزائر

حضرت البارحة جنازة أحد الجيران رحمة الله عليه، فكانت جملة من الملاحظات وهي:
كان المجتمع الجزائري وإلى عهد قريب يعتمد على الصف في تعظيم الأجر لأهل الميت، فيقف أهل الميت وأقاربه من عم وخال وصهر وأب وابن وجد وغيرهم في صف واحد، ثمّ يتقدّم المشيّعون لتقديم العزاء وتعظيم الأجر للواقفين في الصف.
ميزة الصف أنه لايستغرق وقتا يذكر فيكفي 5 دقائق لينتهي المشيّع من تقديم العزاء، ويتمكّن من خلالها المشيّع من معرفة أهل الميت وأقاربه فتزداد العلاقة وثوقا ويتعارف الناس أكثر من ذي قبل.
وما يحدث الآن في مقابر الجزائر من إلغاء الصف في تشييع أهل الميت واستبدالها بالتعزية الفردية أرهقت كثيرا من المشيّعين وأهل الميت، ويمكن للمرء أن يتخيّل أحد أفراد الميت وهو يقف ساعة من الزمن تحت شمس محرقة يستقبل عشرات ومئات المشيّعين حسب عدد الحضور ومعرفة الناس للميت وأهله وما يحدث له من إغماء وإرهاق وطول وقوف وتضييع وقت وتكليف المشيّعين بما لايستطيعون ولا يطيقون، وأضرار أخرى يمكن للقارئ الكريم أن يضيفها مما عايشه وأصابه.
أثبتت التجربة والأيام أن وسيلة الصف فاعلة وناجحة تفيد المشيّع وأهل الميت في سرعة الوقت وفي راحة تامة وفائدة كبرى للجميع، بينما التعزية الفردية التي فرضت على المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة أرهقت أهل الميت وأتعبت المشيّعين وإثمها أكبر من نفعها.
لو أعلم وسيلة أخرى أفضل من وسيلة الصف في التشييع وتعظيم الأجر من حيث الراحة والوقت والجهد لكنت أول من يتخلى عن الصف، لكن الأيام مازالت تثبت أن وسيلة الصف أسرع وأحسن وأضمن للراحة وأفضل للتعارف وتناسب فصل الصيف والشتاء، والكبار والصغار، والجار والغريب، وأهل الميت والأحباب، والمتقاعد والمسؤول والموظف.
تمت المعالجة من حيث الواقع والتجربة ولسادتنا الفقهاء والأئمة رضوان الله عليهم جميعا أن يتطرقوا لفقه الصف من ناحية الفقه الذي يرفع الغبن عن النّاس ويبعد عنهم الإرهاق ويقف إلى جانب أهل الميت وأقاربه بما يليق من راحة وسلام.
بينما الجمع يغادر المقبرة إذ بالمشيّع يرى قارورات المياه مرمية على القبور وبين القبور التي رماها أصحابها بعد استعمالها، وتلك من الجرائم والفضائع المرتكبة في حق الأموات الذين لايستطيعون الدفاع عن أنفسهم ولا الذود عن حرماتهم، وأشد أنواع الظلم أن يظلم من لايستطيع دفع الظلم عن نفسه. ومن أضعف الإيمان أن يحمل المرء معه قارورته وفضلاته بعيدا عن المقبرة وضعها في أقرب سلة توضع فيها الفضلات فإن ذلك لايكلّف من الوقت والجهد شيئا.
المقبرة مؤسسة كغيرها من المؤسسات تحتاج لخدمات يستفيد منها الزائر والمشيّع والأموات من أصحاب القبور، ولعلّ تقديم قارورة ماء باردة في هذا الحرّ الشديد أو غطاء يقي الداخل للمقبرة من البرد والمطر يعتبر من أجلّ الخدمات التي تخدم الجميع وتجعل من زيارة القبور وتشييع الجنائز راحة للجميع بفضل خدمة الجميع.

اترك تعليقاً