السمر / الأربعاء 16 . 08 . 2017
عمار جبار الكعبي
نهضت أوربا وكذلك غيرها ، ليس بفعل الانقلابات او الثورات كما يعتقد البعض متحججاً ومستشهداً بالثورة الفرنسية ، وانما بالحراك المجتمعي والسياسي والثقافي ، كون هذا الحراك هو الجزء الغاطس من جبل الجليد ، والثورة هي الجزء الظاهر ، الحراك بحد ذاته امر مطلوب ، لانه يعيد صياغة المواقف والافكار والسلوكيات التي امتازت بالركود والفهم الستاتيكي للسياسة ومواقفها ونتائجها ، وهذا الحراك وان كان مطلوباً بذاته بنسبة معينة ، ولكن أهميته تكمن في هذه الحركة وما يترتب عليها من زيادة وعي وادراك الجماهير ولو بنسبة محددة
الحراك الحاصل داخل المجتمع العراقي ، مهما كان شكله انما هو احد مظاهر التطور وان كان تطوراً بطيئاً ، العلماني يستشكل على الاسلامي ، والاسلامي يجيب ، والاسلامي ينتقد العلماني ، والعلماني يجب ، وبين سؤال هذا وجواب ذاك نتقارب في رؤية محددة ونختلف في اخرى ، وكل ذلك يجعل من المجتمع في حركة دائمة وتطور دائم ، وينتج منظومة فكرية جديدة قائمة على أساس الحجاج العقلي بين الخصوم ، وطرح الاجوبة بدون تحسس او حرج ، ليكون من اولى نتائجها الحوار الحضاري الحاصل ، بعدما كنا نخشى الحديث من اساسه بسبب الانظمة المقبورة ، وهذا بحد ذاته يعتبر تقدم في مسيرة المجتمع العراقي ، وان كان هذا التقدم يحتاج الى ترتيب أولوياته ووضع محددات تؤطر مسيرته كيلا يكون فوضوي وتضيع نتائجه !
راكبي امواج الحراك بعضهم جهلة ومنتفعون ، ودخلاء على هذا الحراك ، لانه ينسجم مع بعض تطلعاتهم القائمة على اعادة صياغة المشهد الذي أصبحوا خارجه بفعل التغيير ، يجب التركيز على الافكار بدل الأشخاص ، كونها تعتبر ثروة ورصيد مهم ، يضاف الى ثروة هذا الشعب لان الوعي الأبيض نحتاجه في الجهل الأسود ! ، ومن لم يعي حجم المعرفة المطروحة داخل هذا الحراك ، لن يأخذ منه سوا الصراخ والألفاظ النابية ، التي تعتبر من سلبيات هذا الحراك ، وبمقارنة بسيطة بين سلبياته وإيجابياته بعد الاعتراف به وعدم إلغائه كونه واقع موجود على الارض ، وكل منصف يرى ذلك ، فان الايجابيات المطروحة من الناحية الفكرية كثيرة وكبيرة ، وان كانت مخفية داخل أكوام السباب والشتم التي لا تنسجم مع الاصلاح المطلوب ، كون الوسائل يجب ان تكون من جنس الغايات ، وبالتالي فحراكنا يجب ان يتم رعايته في طفولته ، لان تركه بيد المنتفعين منه فقط سيجعلهم يرمونه في غيابية الجب !.