السيمر / الأربعاء 27 . 09 . 2017
أياد السماوي
سنّستان ستدّق طبولها قريبا وقريبا جدا وسيتحمّل الشيعة الإسلاميين عار تقسيم العراق ) , هذا الكلام تحدّث لي به نائب سابق عن القائمة العراقية وعضو فاعل في قائمة الحوار التي يترأسها المطلك , والخطورة في هذا الكلام أنّ البعض من السياسيين والنوّاب السنّة بدأ يتحدّث بهذه اللهجة معتبرا أنّ استفتاء انفصال إقليم كردستان أمر متّفق عليه بين الشيعة والأكراد على تقسيم العراق منذ أيام المعارضة العراقية وقبل سقوط النظام الديكتاتوري عام 2003 , وعار تقسيم العراق يتحمّله الإسلاميين الشيعة لوحدهم , ولهذا فإن السنّة ( حسب وجهة نظر هؤلاء السياسيين ) غير معنيين بتبعات ما بعد الاستفتاء ولن يتآمروا على الأكراد أو ينخرطوا بحرب ضدّهم , وسينأون بأنفسهم عن هذا الصراع , وقبل مناقشة هذا الموضوع أودّ أن أقول .. أنّ سنّة العراق الأصلاء الغيارى الذين تصدّوا لداعش ودافعوا عن تراب الوطن بأرواحهم وأموالهم , سيتصدّون أيضا لمسعود ودعاة الانفصال جنبا إلى جنب مع أخوتهم من الشيعة والتركمان والكلدوآشورين والصابئة والشبك والأيزيديين ولن يسمحوا لمؤامرة التقسيم أن تمضي سواء في كردستان أو سنّستان أو شيعستان , أمّا بالنسبة لما يرددّه البعض من أنّ السياسيين الشيعة الإسلاميين يتحملون عار تقسيم العراق , فأودّ أن أوضّح الآتي وهذا ليس دفاعا عن الأحزاب الإسلامية الشيعية أو رضا عن أداءها في الحكم , بل هي مجرد حقائق نضعها أمام أنظار الشعب العراقي :
أولا / أنّ الاتهامات التي توّجه إلى رئيس الوزراء العراقي السابق نوري كامل المالكي بأنّ سياساته هي التي دفعت بالقيادة الكردية الحالية للانفصال عن العراق , هي اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة , وهي كذب محض ونفاق رخيص وتزوير فاضح للحقائق التاريخية , فالخلاف الذي انفجر بين رئيس الوزراء المالكي وبين رئيس الإقليم مسعود بارزاني كان بسبب مشروع قانون النفط الذي أقرّه مجلس الوزراء في آب / 2011 والذي اعتبره مسعود طعنة في الظهر , وهذا القانون هو القشّة التي قصمت ظهر البعير , وهو الذي أدّى إلى نشوب النزاع بين بغداد وأربيل .
ثانيا / أنّ إقليم كردستان لم ينفصل في عهد نوري المالكي , بل كان منفصلا اقتصاديا وإداريا في عهد الديكتاتور صدّام وبعد حرب الخليج الأولى مباشرة , فالذي أضاع كردستان ليس الإسلاميين الشيعة بل صدّام الذي استخدم السلاح الكيمياوي وشنّ حرب الأنفال ضد الأكراد , ولم يكن أمام الشيعة بعد سقوط النظام الديكتاتوري على يد أمريكا سوى إقرار الواقع الموجود على الأرض , وتحميلهم مسؤولية انفصال كردستان ظلم وإجحاف وتزوير فاضح للتأريخ .
ثالثا / أنّ نزعة الانفصال عن العراق وتحقيق حلم الدولة الكردية , لم تكن وليدة الساعة بل هي حلم الأكراد جميعا وبدون استثناء وقبل كتابة الدستور العراقي , وهذا ما صرّح مسعود مرارا وتكرارا لوسائل الإعلام الداخلية والخارجية .
رابعا / أنّ إقليم كردستان قبل الاستفتاء كان دولة مستقلة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى , ولم يكن للحكومة الاتحادية أي سلطة على حكومة الإقليم , ورئيس الإقليم كان يتصرّف وكأنّه رئيس دولة مستقلّة , ولم يكن لقرارات الحكومة الاتحادية وقوانينها أي نفاذ على سلطات الإقليم , وإنّ الاستفتاء هو مجرد إعلان رسمي عن هذه الدولة .
خامسا / أنّ سنّة العراق لم يكونوا بعيدا عن هذا الواقع السياسي , فكانوا في مجلس الحكم وشاركوا في الحكومات التي أعقبت نظام صدّام وشاركوا بكل الانتخابات التي حدثت في العراق في ظل النظام الديمقراطي الجديد , وشاركوا كذلك في كتابة الدستور العراقي وهم شركاء بالتساوي مع الشيعة والأكراد في العملية السياسية الجارية .
سادسا / أنّ المناطق التي احتلّها مسعود خارج حدود الإقليم لا تقع ضمن جغرافيا التشيّع , ولو افترضنا جدلا كما يدّعي البعض أنّ الشيعة كانوا متآمرين مع الأكراد بتسليم هذه المناطق للأكراد , أليس من واجب سنّة العراق إفشال هذه المؤامرة واسترجاع أراضيهم من مسعود والتي هي بالأساس جزء من محافظاتهم ؟ فإذا كان الأمر كذلك فما معنى أن يتحدّث البعض عن شروط سنيّة وعن نوايا بإقامة الإقليم السنّي الذي بدأ البعض بالترويج له ؟ .
أخيرا .. ماذا لو قررّ شيعة العراق ( وهذا سؤال افتراضي ) أن يتركوا كركوك وكل المناطق التي سيطر عليها مسعود بالقوّة , باعتبارها مناطق لا تقع ضمن جغرافيا التشيّع ؟ , هل سيقبل سنّة العراق هذا الموقف من الشيعة ؟ بعد ذلك ألم يقدّم شيعة العراق مئات الآلاف من خيرة شبابهم دفاعا عن تراب العراق من دنس داعش ؟ وهل تقاعس أبناء شيعة العراق عن القيام بدورهم الوطني والشرعي في الحفاظ على وحدة تراب هذا الوطن والتصدّي لمن يريد تقسيمه وتمزيقه ؟ , في الختام .. حان الوقت أن نهبّ جميعا ونتجاوز الماضي من أجل الدفاع عن العراق أرضا وشعبا والتصدّي للانفصال والانفصاليين .