الرئيسية / مقالات / قبل الانفصال بساعات.. دولة إسرائيل الثانية في كردستان

قبل الانفصال بساعات.. دولة إسرائيل الثانية في كردستان

السيمر / السبت 30 . 09 . 2017

نور الهدى زكي / مصر

لمرة الأولي في كردستان العراق ..ربما تكون الساعات الأخيرة قبل نشوب حرب تقضي علي البقية الباقية من وطن كان عربيا، يتفتت الآن إلي دويلات عرقية وطائفية فتصبح الدولة الواحدة اثنتين وثلاثة ..قطعة من هنا وقطعة من هناك .. وتتصارع الدويلات علي قطع النزاع فيما بينها .. والجميع يمتلك القوة ويهدد بها.
رحلة الساعات الثلاث بالطائرة حطت بنا، صحفيين ومتخصصين في الشأن الكردي في مطار أربيل، مطار عصري بناه الأتراك ليكون شاهدا علي قوة التشابك في الاقتصاد بين تركيا وكردستان، بينما اتسعت الهوة بين الكرد والأتراك عشية الاستفتاء علي انفصال كردستان العراق ووصلت إلي التهديد التركي بالقوة واختراق الطائرات التركية لأجواء كردستان في إشارة واضحة لما هو آت.
في أربيل تتعاظم مظاهر الحشد لانفصال كردستان عن العراق..لافتات تدعو لنعم للانفصال ..وصور وأعلام ومهرجانات في كل شبر تمهيدا لليوم ..تقل المظاهر في السليمانية كثيرا الي درجة أن حدثنا بعض الشباب عن أنه لن يذهب إلي لجان الاستفتاء ولا يعنيه الاستفتاء من الأصل.. وأعرب البعض الاخر عن كراهيته لمسعود برازاني رئيس اقليم كردستان، الرجل السبعيني القوي الذي يريد أن ينهي حياته السياسية بزعامة تاريخية وبدولة كانت حلم الكرد علي مدي قرن كامل، ودفعوا ثمنا للحلم من دماءهم، ومن استخدام قضيتهم معبرا لمصالح قوى إقليمية ودولية، نكست بالوعود وتنكرت لهم.
مشاعر متضاربة تتملكني بين الإيمان بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره وإعلان دولته بالطريقة التي يراها الكرد ومنابع انتماء لوطن عربي كنت أراه أمة واحدة رغم التناقضات والخيانات العربية العربية التي تواطأت ومزقت، وكانت امتدادا لقوي دولية قديمة وحديثة وامتدادا لوظيفة ما كنا نطلق عليه أيضا الكيان الإسرائيلي، وتحول إلى دولة وظيفية تؤدي وظيفتها في خدمة الاستعمار العالمي ودوره في نهب ثروات العرب والسيطرة عليهم، فهل تكون دولة الكرد الوليدة هي دولة وظيفية ثانية مثل إسرائيل؟ صحيح أن إسرائيل دولة احتلال وإبادة والكرد ليسوا محتلين لدولة غيرهم وإنما كانوا شركاء الأمس مع العراقيين إمكانية القضاء علي داعش العراق في مناطق عديدة.
صوت وصورة تكفلا بحسم التضارب لدي بين حق الكرد في تقرير مصيرهم وهو الحق المبدئي والأخلاقي ورفض الاستثمار في جسد الوطن والمضي في تمزيق العراق وضربه قبل أن يتعافى ويمتلك زمام أمره، أما الصوت فهو صوت أتى من تل أبيب يقول للكرد: دقت ساعة الانفصال .. نداء من تل أبيب للشعب الكردي في كردستان وجميع أنحاء العالم يقول للكرد: نحن في إسرائيل نحبكم وندعمكم من أجل تحقيق حلم آباءكم وأجدادكم في دولة كردية حرة مستقلة، أما الصورة فكانت صورة لبعض الكرد يرفعون علم إسرائيل ..تكفل الصوت والصورة بالاختيار، فالدولة الوليدة التي تستقطع من وحدة العراق، وفي وقت يشتد فيه القتال ضد الارهاب ويقترب فيه حسم الانتصار علي داعش في مناطق صغيرة، يتعاظم الدفع الاسرائيلي لانفصال الكرد، ويتعاظم النداء العراقي من بغداد بإلغاء قرار الاستفتاء وإفساح المجال لإمكانية الحوار من أجل عراق يتعايش فيه الكرد والعرب واليهود والكلدان والمسيحيين والأشوريين والأيزيدين، وكل الطوائف والديانات واللغات، ويتعاظم فيه التهديد التركي للكرد، رغم المصالح الاقتصادية إلا أن تركيا سوف تكون محطة الانفصال الثانية، انفصال الكرد في جنوب تركيا حتي يتحقق حلم الدولة ..ايران تتفق مع تركيا ايضا فربما تكون هي محطة الانفصال الثالثة .واكراد سوريا بدأوا الطريق مؤخرا بإعلان فيدرالتهم في شمال سوريا ..ليسير خط الانفصال في تواصل جغرافي بين الدول الأربع.
انفصال كرد العراق له ما بعده .. انفصال رغم ارتكازه علي حق الا أنه يأت كالوليد السفّاح، مكروه من كل محيطه، وليد شؤم علي دولة تلملم أجزائها ومواردها، ووليد شؤم وعلي وطن تمزق وخضبت الدماء كل شبر فيه، لم تكن دماء مقاومة وتحرير ومعارك شرف كرامة، وإنما معارك يتعاظم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر دور دولة إسرائيل ووظيفتها في محيطها وتنشأ فيه دولة وظيفية ثانية في العراق وربما نجد دول أخري تنشأ وينتقل الدور الإسرائيلي من الوظيفة إلى التوظيف بعد الوصول للنيل والفرات.

البديل

اترك تعليقاً