السيمر / الاثنين 12 . 02 . 2018
عبدالرضا الساعدي
بلاد الرافدين تعاني من شح المياه !!
إنها مفارقة مبكية وتنذر بخطر قادم ..
بعض المحللين والمتابعين والناس عموما يرون القضية بمثابة حرب على البلد ، البلد الذي خرج منتصرا على داعش الظلام والإرهاب والذي ترعاه دول معروفة ، تريد تهديدنا من خلال الطبيعة هذه المرة ،وضرب الحياة من خلال شح المياه ، وبالتالي خلق مشاكل اقتصادية واجتماعية وبيئية كثيرة وخطيرة جدا .. وهناك من يرمي السبب على دول بعينها ، وأبرزها تركيا ، بسياستها المناورة وإجراءاتها في هذا المجال .
الانخفاض الحاد والمستمر لنهري دجلة والفرات في العراق سيساهم في تجفيف مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة إضافة إلى تدميرالثروات الحيوانية والسمكية التي يعتاش عليها أهالي وسكان المناطق التي تلوذ بالأنهار والأهوار كبيئة وحياة ووطن ، ومنهم على سبيل المثال سكان الأرياف في الجنوب والوسط ، والتي باتت تشعر بهذا التهديد أكثر من غيرها ، لأن المياه تعتبر مصدرا أساسيا لمعيشتهم وسبل حياتهم اليومية منذ أن وجدوا على هذه الأرض التي يحسدنا عليها سكان العوالم الأخرى البعيدة ، لخصبها وغناها ونهريها الخالدين ، ولكن الأمر اليوم يدعو للقلق وينذر بالخطر الحقيقي ، في ظل أزمة لم تتهيأ لها الدولة ومؤسساتها ، ولم تحسب حساباتها أبدا ، من قبل ، وكأنها تعيش في كوكب آخر !!..
لهذا ، البعض الآخر يرى أن سبب الأزمة حكومية تنفيذية وكذلك برلمانية تشريعية ، بسبب التقصير الواضح في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمثل هذا التهديد ، و الإهمال في تطوير موارد المياه والعناية بها ، على الرغم من أن هناك تحذيرات من المسؤولين الحكوميين في وزارة الموارد المائية من تعرض البلاد إلى شحة شديدة للمياه في فصل الصيف المقبل.. وهناك تقارير عدة تشير إلى هجرة العديد من العوائل في بعض المحافظات الجنوبية إلى محافظات أخرى إثر جفاف مياه الأنهار وانعدام الزراعة ونفوق الثروة الحيوانية.. وفي توقعات لوزير الموارد المائية وتصريحاته لبعض وسائل الإعلام المحلية يقول )) قدوم جفاف قاس على العراق )) ، مؤكدا على ‘‘ أن الريف سيتضرر كثيرا، وعدم تمكن مناطق جنوب بغداد والناصرية من الحصول على ماء للشرب في فترة الصيف المقبل‘‘.
إذن ، الجفاف وشح المياه يدق ناقوس الخطر ، وليس هناك من مؤشرات إيجابية وردة فعل حكومية ومدنية موازية للوقاية من هذا الخطر القادم ، لا نريد تهويل الأمر كما يبدو للبعض ، ولكن من حقنا كسلطة رابعة في هذا البلد أن ننبه ونشير إلى مايجري ، ونوصل رسالة مهمة لما يتعرض له أهلنا ، في الجنوب خاصة ، وسائر المناطق الأخرى التي بدت وكأنها في حرب مع المياه ومع مصيرها المجهول القادم .
الغريب في الأمر ، أن الانتخابات قادمة ولا يبدو في أفق المرشحين البارزين والمعروفين أو حتى غيرهم ، أي مشروع أو برنامج متداول ، لحد الآن ، لعمل ما يمكن عمله في المرحلة القريبة والبعيدة فيما يخص هذه الأزمة ، بل نرى ،بدلا من ذلك، الانشغال بالمهاترات والخلافات والمصالح الضيقة ، ويبدو أننا سنلجأ إلى الآبار ، في أحسن الأحوال ، وإلى الحياة والوسائل البدائية في تدبير أمورنا وتوفير احتياجاتنا من المياه ، أو ربما سنلجأ إلى سياسة جديدة واضطرارية عنوانها ( النفط مقابل المياه ) !!، من يدري ، فهناك من يخطط على ما يبدو ويمهد الأمور نحو الأسوأ ولا يريد الخير لهذا الشعب والبلد ، فهل ثمة عراق بلا ماء .. يقول الله سبحانه ((“ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ )).