السيمر / الأحد 18 . 02 . 2018
حسين أبو سعود
اين نجد الإسلام الصحيح؟ سؤال طرحه علي أحد المتعبين من شباب هذا العصر، وصار هذا السؤال يكرر نفسه في داخلي أيضا، وصرت اردد بتلقائية: اين أجد الإسلام الصحيح؟ اجده عند علماء المذاهب، اجده في الدول العربية والإسلامية، في الشرق او في الغرب، اجده في الكتب والمحاضرات والمكتبات، هل ابحث عنه في ممارسات الناس؟ ثم ما الفائدة من البحث عن الأصل.
ان رجال الدين من جميع المذاهب لم يحلوا مشاكلنا بل فرقوا الدين وجعلوا الناس شيعا ورغبوهم في المذاهب بدل الدين الواحد ونحن ليس عندنا مشكلة كبيرة اذ نتوارث المذاهب أبا عن جد بدون تحقيق او تمحيص ولكن ماذا يفعل المسلم الجديد فهل يعتنق المذاهب ام يعتنق الدين؟ وقد وجدت ان المسلمين بكافة مستوياتهم الافراد والعلماء والحكومات والساسة لا يريدون الإسلام صراحة واحتدم النقاش حول البديل، هل هو المذاهب ام العلمانية ام الديمقراطية؟ ولكي يخرج الساسة من دائرة الاحراج كتبوا لبلدانهم دساتير وضعية ابتدأوها بان القران هو احد مصادر التشريع (وليس المصدر الوحيد)وضاع الواحد منا امام الاسلام السني والشيعي والسلفي والمتطرف والمعتدل الخ وصار البحث عن الإسلام اشبه بالرحلة الشاقة الموجعة الخطيرة بل والمميتة أحيانا، وقد اجتمعت جميع القوى على طمس الإسلام وتشويهه وترغيب الناس في اعتناق المذاهب بدل الدين، ولقد وصل الامر الى درجة التناحر والتقاتل وصرنا نتحدث عن الثراء الحضاري والزخارف الإسلامية للتغطية على جرائم القتل والصراع الدموي اليومي، وصرنا جزافا نعتبر الكتب الفلسفية والمؤلفات المذهبية والخلافية ثراء ثقافيا، وجاء دور التكفير وفق المصالح او الاملاء الخارجي بالوهم.
اين ابحث عن الإسلام الحقيقي وكل جهة تكفر الأخرى جهرا وعلنا.
ان عملية البحث تحولت الى منزلق خطير في زمن أصبح فيه مصطلح (فصل الدين عن الدنيا وعن الحكم) مطلبا ملحا حتى وضعت العلمانية امام الإسلام والإسلام امام العلمانية ورجال الدين بدلا من ان يحلوا المشكلة صاروا هم المشكلة وفرقوا الدين الواحد وجعلوا الناس شيعا.
فهل نحتاج نحن الى رجال الدين فعلا لا سيما وان احكام الدين كالصلاة والصيام وباقي الفروع واضحة ولا اجتهاد فيها، وقد يحتاج الانسان الى بعض الاجتهاد في المستحدثات فقط. والفتوى جهد بشري يحتمل الخطأ والصواب وليس نصا مقدسا وعليه فانه يجب ان يتم اصدار الفتوى عن طريق الاجتهاد الجماعي وكما ان النظام البرلماني هو الأسلوب التطبيقي للشورى فكذلك الاجتهاد الجماعي هو الأسلوب الأمثل للتوصل الى الحكم الشرعي الصحيح والاقرب لا سيما ان الاجتهاد الفردي هو اشبه بالاستبداد بالرأي ومخالف لنظرية الشورى الواجبة.
اين الخلل؟ الخلل في كثرة القادة ووجود عشرات المراجع في المذهب الواحد مما يمنع الاتفاق على ابسط الأشياء مثل تحديد يوم العيد مثلا او تحديد لباس المرأة وحجابها، وكل واحد منهم يتصور انه يمتلك الحقيقة المطلقة واذا سئل احدهم عن مهنته قال : رجل دين فيجتهد ليبدع في مجال عمله فيخترع وينشئ المذاهب والفرق و الملل والنحل ويؤلف ويحلل ويفسر على أسس ظنية بحتة ، ويقضي اكثر اوقاته في تخيل الاحكام ويجد لها الفتاوى المناسبة، كأن يقول كما في كتب الفقه : يدك طالق او رجلك طالق فتبدأ معركة الكل والجزء والمنطق واللامنطق، ويختلفون على ولاية الفقيه والتحكم بالأموال علما بان الفقيه من أي مذهب كان ومهما علت رتبته فانه ليس فوق القانون ولا الشريعة فهو محكوم بالنص.
الحاجة اذن ملحة لإعادة جوهر الإسلام او الخروج بإسلام جديد يجمع المحاسن، واما العلماء الذين حققوا انجازات غير يسيرة منها تقسيم الدين الى مئة وثلاث وسبعين فرقة كل واحدة تختلف عن الأخرى في المضمون والشكل حتى بات من الصعب معرفة الأصل من النقل عليهم ان يتوقفوا الى الابد ويتركوا المجال لنا للبحث عن اسلام جديد جدا بدلا من اسلامنا الذي ضاع في التفاصيل.